الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 03:02

إمنستي لحكومة إسرائيل: لا يمكن تكليف الشاباك بالتتبع الرقمي لمكافحة الكورونا

ياسر العقبي
نُشر: 06/05/20 01:02,  حُتلن: 08:19

أرسلت منظمة العفو الدولية في إسرائيل، ورقة موقف مبدئية للحكومة والكنيست، حول استعمال الوسائل الرقمية لمكافحة انتشار فيروس كورونا، جاء فيه أن استعمال مثل هذه الوسائل يجب أن يكون للضرورة القصوى وفي حالات متطرفة فقط، مثل الوباء، وفي كل الأحوال، لا يجب تكليف أجهزة الأمن والاستخبارات، مثل الشاباك، بهذه المهمة.

وكانت المنظمة أرسلت ورقة الموقف قبل ان تصادق الحكومة، مساء يوم الأحد الماضي، على تمديد فترة تتبع الشاباك للمرضى لستة أسابيع أخرى من اجل استكمال سيرورة التشريع، التي اعتبرتها منظمة العفو الدولية في تحليها خطرة وغير مبررة.

وقالت مديرة الحملات في منظمة العفو الدولية في البلاد، حين بريل أغري، إنه "بحسب الاقتراح، في حال تمت المصادقة عليه، سيعمل الشاباك لشهر ونصف آخرين دون رقابة مناسبة وسينتهك الحقوق الأساسية للمواطنين في البلاد دون وجه حق. اقتراح قرار تمديد فترة تكليف جهاز الأمن العام بالمساهمة في مكافحة انتشار فيروس كورونا والدفع بمشروع قانون لترسيخ هذا التكليف في القانون هو أمر مبالغ فيه ويفتقر إلى الشفافية والمهنية ولا تستند إلى أي معطيات مهنية".

وتعتقد منظمة العفو الدولية أنه منذ بداية أزمة كورونا حول العالم أنه من الممكن فرض تقييدات صارمة وفرض رقابة واسعة قدر الإمكان واستخدام الوسائل الرقمية والتكنولوجيا الحديثة من أجل مكافحة انتشار الفيروس، في حال لم تنتهك هذه التقييدات والوسائل حقوق الإنسان. وفي حال الحكومة الإسرائيلية، لم يأت هذا القرار بعد اقتراح بدائل أخرى أقل انتهاكًا ومسًا بحقوق الإنسان للحفاظ على سلامة الجمهور، ولذلك تعتبر مسًا خطيرًا بالخصوصية ولا توافق المعايير الموضوعة التي تشرعن استخدام مثل هذه الوسائل.

أبرز التحفظات على القرار الذي صادقت عليه الحكومة:

1- كما ذكر في ورقة الموقف، مبدئيًا، حتى في الحالات المتطرفة التي يمكن فيها دراسة إمكانية استخدام الوسائل التكنولوجية، لا يمكن تكليف أجهزة الاستخبارات بهذه المهمة ولا منحها صلاحيات المراقبة والتتبع، وحتى مع وباء كورونا لا يمكن منحها هذه الصلاحية بسبب الخطر الناجم عن طابع عملها السري والذي يفتقر للرقابة والمتابعة، وبسبب التخوف من استخدام هذه الصلاحيات في مجالات أخرى بلا حسيب أو رقيب.

2- تمديد صلاحيات الشاباك بستة أسابيع أو حتى تشريع قانون يتيح ذلك أمر مبالغ فيه. يجب تحديد إطار زمني أقصر يسمح بتحديد كل صلاحية متظرفة كهذه، بدون علاقة للجهاز الذي سيتولى مهمة التتبع.

3- أين المعطيات الحديثة حول نجاعة وسائل الشاباك؟ هل حصل المستشار القضائي للحكومة او للجنة الفرعية للخارجية والأمن المسؤولة عن منح الصلاحية؟ هل ستنشر هذه المعطيات للجمهور و/أو الحكومة؟ هناك قلق من أن تكون نقاشات التتبع مشابهة لنقاشات تتبع الشرطة، إذ تصر وزارة الصحة على ضرورة استخدام هذه الأداة، دون عرض معطيات تؤيد هذا الادعاء، كما اتضح لاحقًا من تصريحات ممثلي الشرطة في نقاشات تتبع الشرطة للمواطنين.

4- تصوير تحرير سوق والعمل ورفع حظر التجول كخطوة متعلقة باستمرار تتبع الشاباك هو ادعاء مضلل، خاصة أنه يستند على وسيلة متطرفة كهذه. لم تعرض حتى اليوم بدائل أخرى تم استخدامها في العالم بطريقة جدية، سواء على صعيد استخدام الوسائل التكنولوجية للتتبع أو ربطها مباشرة بتحرير سوق العمل. يجب دراسة وسائل أخرى لا تجمع معلومات بلا حدود عن المواطنين، مثل تطبيقات تحفظ خط سير الشخص في هاتفه الخليوي دون نقلها لجهة أخرى، أو وسائل أخرى وفق الحاجة.

5- خلال المداولات العديدة في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، سئل ممثلو الحكومة أكثر من مرة حول البدائل وهل تم نقاشها أو دراستها، وتوصلت اللجنة للإجابة في أكثر من مرة: لا لم يحدث. لم تدرس الحكومة أي بدائل أخرى بشكل مهني، ولذلك يجب عدم تمديد صلاحيات الشاباك، حتى في حال لم يصادق على أي بديل.

6- لم يتم فحص ودراسة الادعاء القائل إن هذه الوسيلة هي الأنجع مقارنة بالبدائل، ولذلك لا يستند هذا الادعاء إلى أي أساس: والحقيقة هي ان هناك عدد من العوامل التي تساهم في الحد من العدوى ويمكن معها تخفيف القيود وتحرير سوق العمل جزئيًا. كثير من هذه الأدوات تقع ضمن مسؤوليات وزارة الصحة وتم فحصهم وتطبيقهم في أماكن عديدة حول العالم، مثل زيادة عدد الفحوصات اليومية، نجاعتها ووتيرة استلام النتائج.

7- لا يدور الحديث فقط حول عدم صحة الادعاء أن هذه الأداة هي الأفضل وأنها على الأرجح لم تقيّم، بل انه حتى في حال كانت هذه الوسيلة هي الأنجع، لا يمكن استخدامها كونها غير قانونية، فمن جهة تنتهك حقوق الإنسان دون وجه حق، ومن جهة أخرى تشكل سابقة تستخدم فيها الحكومة الشاباك لأهدافها الخاصة. وعلى سبيل المقارنة: ادعى البعض أن التعذيب أداة فعالة، لكن لا يمكن المصادقة عليه، بدون علاقة إذا ما كان هذا الادعاء صحيحًا أم لا.

8- في البند أ من اقتراح أصحاب القرار: يقدم مشروع القانون فقط في 18.5؟ تتيح الحكومة للشاباك تعقب المواطنين منذ شهر ونصف على الأقل بذريعة مكافحة كورونا، وبحسب تقارير مختلفة تستخدم الأداة لأهداف أخرى منذ عام 2002، لا حاجة لأسبوعين كاملين من أجل صياغة مشروع قانون يرسخ ما يتم تطبيقه أساسًا. يتزايد القلق من وجود محاولات تبييض ما تم فعله في السابق من خلال صياغات مركبة تتم المصادقة عليها في لجان الكنيست والجهات القضائية. كذلك، تثير المماطلة الكثير من الشكوك حول محاولات حجب المعلومات عن الجمهور وامتصاص المعارضة مع مرور الوقت.

9- ادعت الحكومة في تعليلها أن قرارها رقم 4950 اتخذ بناء على وجهة نظر خبير بعلم الأوبئة من قبل وزارة الصحة (أرفقت مع قرار الحكومة رقم 4879) ولذلك تعتبر القرار مأخوذ وفق أسس مهنية. لكن هذا ليس دقيقًا، إذ لم تشرح العلاقة بين الحاجة والضرورة لمحافظة وزارة الصحة على صحة الجمهور وبين التجسس الكامل على المواطنين، تجسس له إسقاطات كثيرة تتجاوز المجال الصحي. على وزارة الصحة التركيز على تطوير أدوات أخرى يملكها لمكافحة الوباء دون اللجوء مرة بعد أخرى لوسائل خطرة وغير مبررة ومتطرفة وتشكل خطرًا على المواطنين، خاصة أنها لم تثبت لليوم فعاليتها ولا الحاجة لها.

10- بالإضافة لما ذكر، تم اتخاذ القرار المذكور في منتصف آذار بناء على وجهة نظر خبير بعليم الأوبئة قدمت في بداية آذار، في حين الاقتراح الذي يطلب تمديد القرار لم يرفق بأي وجهة نظر خبير. ومع وتيرة انتشار الفيروس السريعة، ما علاقة وجهة نظر قدمت قبل أكثر من شهرين بما يحدث اليوم؟

ورقة الموقف: يجب وقف تتبع الشاباك للأبد بسبب السرية بالأساس

جاء في ورقة الموقف التي قدمتها منظمة العفو الدولية للحكومة والكنيست قبل نشر الاقتراح أنه بسبب طابع عمل الشاباك السري، عدم الشفافية، عدم تقديم تقارير، عدم الرقابة وعدم إمكانية الجمهور معرفة المعلومات التي يجمعها الشاباك عنه وأي من هذه المعلومات يتم استخدامها لأهداف مختلفة وأيها ينشر، لا يمكن السماح بهذا التعقب أبدًا.

ومنذ بداية استخدام آلية التتبع، توجهت منظمة العفو الدولية للمستشار القضائي للحكومة بطلب تبرير ومعلومات وأجوبة تؤكد أن طابع عمل الشاباك السرية سيستمر حتى في ظل إدارة ازمة صحية مدنية "كان واضحًا منذ بداية أنه لا يمكن الكشف عن أساليب عمل جهاز الأمن العام ولا عن المعلومات والأدوات التي يملكها بذريعة المس بالجهد الأمني الذي تبذله أجهزة الاستخبارات بشكل عام".

يضاف إلى ذلك أن الصيغة الأخيرة التي صادقت عليها اللجنة البرلمانية التي تشرف على التتبع تشمل فرض رقابة وتقييدات على عمل الشاباك، لكن هذه التقييدات فضفاضة وتفتقد إمكانية التطبيق على أرض الواقع.

وأكدت منظمة الحملات في منظمة العفو الدولية، حين بريل أغري، على أنه "عندما تتعاون مع جهاز سري مثل الشاباك، من الطبيعي أن يكون المخفي أكثر من المكشوف. لكن، نحنا لسنا بوضع يحتاج لفرض السرية أو إلى إخفاء المعلومات، بل يحتاج لضمان سلامة الجمهور والمحافظة على خصوصيته، ذريعة الضرورة الأمنية لا علاقة لها هنا، ولذلك، ومن بين أمور أخرى، يجب نزع صلاحية التتبع من الشاباك على الفور".

وشددت منظمة العفو الدولية في ورقة الموقف على أن لجنة الخارجية والأمن التي تمارس رقابة برلمانية على قرار الحكومة حول التتبع في ظل أزمة كورونا، مهمة وتعمل بجد، ومن ضمن ذلك إصغاؤها لمؤسسات المجتمع المدني. ومع ذلك، على كل استعمال للتعقب الرقمي، وضمنه قواعد البيانات الضخمة والذكاء الصناعي، أن يتطرق لخطورة تشجيع هذه الأدوات على التمييز والمس بحقوق أخرى للأقليات القومية والإثنية، النساء في دائرة الفقر والفئات المستضعفة الأخرى التي يمكن أن تتضرر احتياجاتهم أو تهمش بشكل كبير. لا يمكن السماح باستغلال وباء كورونا لتعميق الفجوات بين مختلف الطبقات في إسرائيل، وبين من يتمتع بالحقوق ومن يفتقر لها، وحتى اليوم، لم يتم التطرق لذلك.

وتؤكد منظمة العفو الدولية، بمختلف فروعها حول العالم، أن أزمة كورونا هي أزمة صحية عالمية تحتاج لرد طويل الأمد ومناسب لمختلف الحكومات حول العالم. ومع ذلك، لا يمكن أن تتيح الحكومات عهدًا جديدًا تكون فيه المراقبة والتتبع الرقمي وسيلة شرعية، حتى بذريعة مكافحة الوباء. وفي الوقت الذي توسع فيه حكومات عديدة حول العالم إمكانيات المراقبة والتتبع الرقمي من اجل مكافحة انتشار الفيروس، تنشر منظمة العفو الدولية ومؤسسات دولية رائدة أخرى شروطًا يجب توفرها من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان ومنع "التجسس الزائد". وانضمت أكثر من 100 مؤسسة من المجتمع المدني لمنظمة العفو الدولية ووقعوا على بيان يفيد بانه لا خلاف على وضع الطوارئ، لكن حتى في حالات الطوارئ ليست كل الوسائل ممكنة. يمكن الاستعانة بالوسائل الرقمية للتتبع فقط في حالة الحالات الخاصة والتي يمكن من خلالها حماية المواطنين وسلامتهم من وباء كورونا، دون أي استعمال آخر.

وبناء على ذلك، تدعو منظمة العفو الدولية في إسرائيل الحكومة ولجنة الخارجية والأمن في الكنيست لإلغاء تتبع الشاباك على الفور وللأبد.

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.76
USD
3.99
EUR
4.79
GBP
328583.33
BTC
0.52
CNY
.