دار الافتاء:
*استمرار إغلاق المساجد، وتعليق الجمعة والجماعات وصلاة التراويح وصلاة العيد، وأداء صلاة الجمعة ظهرًا وصلاة التراويح في البيوت مع العائلة المصغرة. *
*إن تقييد العدد للذين يسمح لهم بالصلاة في الساحات العامة بـ 19 شخصًا، لا يمكن ضبطه والسيطرة عليه، وهذا سيضع المسلمين عامة أمام حرج شديد.
*تُمنع موائد الإفطار الجماعية، وتقتصر المائدة على الأسرة الواحدة المصغرة.
*تُمنع الفعاليات الجماعية الدينية والاجتماعية في رمضان، كإضاءة الفانوس، والمسيرات، والاجتماعات في البيوت، والأحياء، والقاعات.
*التّحايل على التعليمات والفتاوى حرام شرعًا.
*تؤكد دار الإفتاء على وجوب الانصياع للتعليمات والإرشادات والتوجيهات الصادرة عن وزارة الصحة والجهات الرسمية ذات الصلة.
في بيان صدر عن دار الافتاء والبحوث الاسلامية في الداخل الفلسطيني، جاء ما يلي: "الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتّبع هداه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد؛
إن «فيروس كورونا- كوفيد 19» القاتل والمعدي يتمدد وينتشر عبر التواصل الإنساني والاجتماعي. لذا، كان لزامًا أن نتعلم الوقاية منه، عملًا بقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء: 29).
ولهذا، اجتهدت دار الإفتاء بوضع "المسلك الذهبي الآمن لشهر رمضان المبارك وعيد الفطر"، على النحو الاتي:
1. دار الإفتاء تؤكد على أنه ومع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، ومع تغيّر التعليمات المُعْلَنَة، يُخْشى حقيقة من التّسيّب والفوضى، الأمر الذي سيُحَوِّل شهر رمضان، من شهر الطمأنينة والسكينة، إلى شهر الفزع والهلع والخوف، وخاصة أنّ الفيروس اشتدّ وارتفع بنسب غير مسبوقة ببعض بلداننا العربية، وبحكم الروابط الاجتماعية القوية القائمة على النّسب والقربى، بين شرائح مجتمعنا في سائر البلدان، فإنَّ خطر انتشار الفيروس عال جدًا، ولا يُفْهَم من تخفيف القيود- والذي كان لدواع اقتصادية- أنَّه تمَّت السيطرة على انتشار الفيروس. والحاصل أنّ مُؤَشّر الإصابات والوفيات في ازدياد.
2. التعليمات الجديدة تُعَوِّل على وعي الناس، وسلوكياتهم، وانضباطهم، ومدى مسؤولياتهم. وهذه المسؤولية تتعلق بأرواح الناس وحياتهم. وهنا يتجَلّى الهدي النبوي في أهمية المسؤولية: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.
3. تحذّر دار الإفتاء مجتمعنا من الوقوع في فخّ التّراخي، واللامبالاة، بل الاستهتار والاستخفاف أحيانًا، وبخاصة بعد صدور التعليمات التي تسمح بالصلاة في الساحات العامة لـ 19 شخصًا في الحدّ الأقصى، وهنا ننبّه إلى أمريْن مهمّين:
الأول: الساحات العامّة ليست متوافرة في كل المساجد.
الثاني: تقييد العدد بـ 19، لا يمكن ضبطه والسيطرة عليه، وهذا سيضع المسلمين عامة أمام حرج شديد، وربّما يُحدث بلبلة وفتنة بين النّاس، لأن هذه التعليمات الجديدة التي تبدو في ظاهرها انفراجًا، نعدّها مطبًّا غير مقصود، يترتّب عليه مفاسد كبيرة، أهمّها تجمع الناس وتجمهرهم بأعداد كبيرة، وتصبح مظنّة العدوى وتفشي الوباء حاضرة، وبقوة.
وبناءً عليه، وسدًّا للذريعة، فإنّنا ندعو إلى أداء صلاة التراويح في البيوت، على مستوى العائلة المصغرة. نعم، ندعو إلى الصلاة في البيوت، وفي النفس حسرة ولوعة على عدم أداء الجماعة والجمعة والتراويح في المساجد. وتزداد النفس حسرة على عدم شد الرحال إلى الأقصى المبارك، ولولا هذه الجائحة ما كنّا نتصور هذا الموقف.
4. تؤكد دار الإفتاء على أنّ رفع تعليق الصلوات في المساجد، مرتبط بزوال علّته، والعلّة هنا خطر العدوى وتفشي الوباء، وما لم يرتفع هذا الوباء، فإنّ مسلكنا الآمن للمجتمع، يقوم على إغلاق المساجد، وتعليق الجمعة والجماعات وصلاة التراويح وصلاة العيد، وأداء صلاة الجمعة ظهرًا وصلاة التراويح في البيوت (صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) رواه البخاري.
5. تُمنع موائد الإفطار الجماعية في البيوت، والأماكن العامة، والمناسبات الخاصة. وتقتصر المائدة على الأسرة الواحدة المصغرة، عملًا بقوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} (النور: 61) ورجّحنا العمل بقوله تعالى: "أشتاتًا" أي فرادى، في زمن «فيروس كورونا- كوفيد 19».
6. تُمنع الفعاليات الجماعية الدينية والاجتماعية في رمضان، كإضاءة الفانوس، والمسيرات، والاجتماعات في البيوت، والأحياء، والقاعات؛ كون التّجمّع مظنّة لانتشار العدوى. وكلّ نشاط يخالف التعليمات الرسمية المسؤولة في زمن «فيروس كورونا- كوفيد 19»، نعتبره تعاونًا على الإثم والعدوان، وقد نهانا الله عن ذلك {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2).
7. الالتزام بالتعليمات عند الخروج للتزوّد بالمواد الغذائية والحاجات الضرورية. وفي مقدّمتها: لبس الكمامات، والقفازات، والتباعد، وكل ما يلزم من الإجراءات الاحترازيّة، في الأماكن والأسواق، لمنع الضَّرر المتوقع، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا ضَارَّهُ اللَّهُ) رواه أبو داود. ونؤكد على أن الالتزام بالتعليمات عبادة شرعية يُثاب الإنسان عليها.
8. التّحايل على التعليمات والفتاوى حرام شرعًا. وإنَّ الحيلة التي تهدمُ أصلًا شرعيًا، وتناقضُ مصلحة المسلمين، وتعرّضُهم للخطر، وتسبّبُ لهم الضرر، هي باطلة شرعًا. واللهُ تَعَبَّدَنا بالوسائل كما تَعَبَّدَنا بالغايات. وليس في إسلامنا الحنيف "الغاية تبرر الوسيلة"، بل الوسيلة تأخذ حكم الغاية، فكل وسيلة تجاوز التعليمات والمنهيات، أياً كانت، فهي باطلة.
9. تدعو دار الإفتاء المسلمين لاتّباع هذا "المسلك الذهبي الآمن"، والالتزام بما جاء به، لنعبر شهر رمضان وعيد الفطر بأمن وأمان، دون أن يتسبّب المسلم بأي أذية لأخيه المسلم، ولا يتسبّب بحالة من الفزع والفوضى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لمُسلِمٍ أنْ يُروِّعَ مُسلِمًا)، فكيف إذا تسبّب بنقل العدوى متعمّدًا؟ وكيف إذا كان مصابًا بالفيروس وخرق الحجر متعمّدًا؟ فإنّه يحمِلُ وزره، ووزر غيره، ويكون بذلك قد تسبّب بإصابة أخيه، أو وفاته. يقول تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (النساء: 92) فالمتسبب كالمباشر.
10. تؤكد دار الإفتاء على وجوب الانصياع للتعليمات والإرشادات والتوجيهات الصادرة عن وزارة الصحة والجهات الرسمية ذات الصلة. وتؤكد دار الإفتاء على أن مخالفة هذه التعليمات يترتب عليها مفاسد عظيمة، أبرزها التسبب بتفشي الوباء وإزهاق الأرواح، وهذا يتناقض مع مقاصد الشريعة الداعية إلى حفظ النفس.
11. تؤكد دار الإفتاء على أنها في حالة انعقاد دائم تحسبًا لحدوث أي طارئ، وستوافي جمهورنا الكريم بالبيانات تباعًا، وفقًا للمستجدات الطارئة في النازلة والبليّة التي عمّت الدنيا كلها. وكل بيان مناسب لحينه، وعند حدوث أي متغيّر في الواقع، ستصدر بيانات تتناسب مع هذه التغيّرات." الى هنا نص البيان.