"صفعة قدر" رواية للكاتبة " جنى جرار" تقع في 120 صفحة من القطع المتوسط، صدرت عن دائرة المكتبة الوطنية .
رواية شبابية بامتياز ، الغلاف الذي رسمته آلاء طالب
رسمة لفتاة يبدو بعينيها حزن ورغم ذلك نظرتها تُظهر تصميماً وقوة، ونص باللغتين العربية والانجليزية ترجمة : زهراء ظاهر، هي تطلعات الشباب للعالمية ، والطموح الذي يحلق بهم عاليا، طموح لأجله يبذلون الجهد ويطوعون الفكر، كل صفحة لوحة متكاملة لها فكرة ومعنى ، دليل على اهتمام هذا الجيل بالسرعة في الطرح، والقوة في التقديم ، تستهل الرواية بجملة "إنا نحب لنحارب لنبقى "
عندما يكون الخطاب موجهاً لجيل الشباب وتكتبه شابه بعمرهم، يجب أن تختلف صياغته ونهجه المعتاد الذي ساد ردحاً من الزمن، تختلف المرحلة وعلى القارئ الفطن أن يتقبل الكتابة الغير نمطية، فالكاتب إبن مرحلته ويكتب لأترابه.
والقارئ للرّواية سيجد نفسه أمام كاتبة واعدة، تملك قدرة فائقة على صياغة العبارات
رؤية شبابية واعدة بأمل منسوج" ومن قال أن القلب لا يملك العقل ليفكر"
عبارات كأمواج البحر، متدفقة بالمشاعر والقوة والاحلام، لا يهمها الشاطئ الصلب، تعلوا على الصخور، تأتي من الأعماق، من مخازن الدرر، الحزن يغلفه أمل، والخسارة تتقبلها بروح المحارب الذي لا يهزم، في طيات هذا الكتاب روح تتحرك، تعرف ما تريد، بلون خاص تتفرد به جنى في الكتابة.
الرواية رحلة فتاة شابة خلف الحب مقبلة على الحياة تسعى وراء سعادتها، احبت جاد وارادته رغم جميع العيوب التي يمتلكها ،فهل العيوب سمات تمتلك؟ ام ان عيون المحب تتقبلها وتحبها وتصبح بنظره ملكات.
استعملت الغموض في الطرح وكأنها تريد تسليط الضوء على انفعالات البطلة ، وافكارها وجعلت القارئ يتساءل هل وجود الحب يكفي لقبول كل مساوئ الآخر؟ عبارة ( هذا هو الواقع وكونها اقوى مما كتبت) تبرر قبول تلك التناقضات ، هي وضعت الكاتبة في التفاصيل دون ذنب إذن الحقيقة هي من تحكّم بالرواية .
لغة سهلة جميلة توصل الفكرة بسلاسة ، في بداية الرواية صراع داخلي طغى على الصراع الخارجي فيما بعد واخذ مساحة صفحات في الرواية على حساب تنوع الاحداث، كما نجد السارد واحد هو البطلة ذات الشخصية الثابته الغير نامية، طرحت قضية اجتماعية (دور الامن الذي يتصدى للارهاب ويذهب ضحيته خيرة الشباب) وقضية أخرى شخصية حبها لجاد الذي ينتسب لاحد تلك المنظمات الإرهابية، وما يتداعى في هذا الانتماء من اسقاط لشخصية الفرد واخلاقه ، فهو يتعاطى الكحول والمخدرات، ومع ذلك تحارب اعراف القبيلة وتتمسك بحبه ، تعمقت الكاتبة باظهار مشاعر السارد التي هي نفسها بطلة الرواية، وهي بذلك أظهرت وجهة نظرها فقط للاحداث ، لم نرَ العديد من الشخصيات ولم نشعر باختلاجاتها وتداعياتها وانفعالاتها الخاصة ،لم تتناثر الحبكة القصصية ولم تتشعب الاحداث، بنت الكاتبة الحبكة على انفعالاتها وقررارتها في عاطفة قوية، رواية غرامية عليها مسحة من حزن مكلل بالاصرار، أظهرت الكاتبة الوازع الديني في عباراتها.
صفعة قدر بسط لعاطفة اختلجت في صدر الكاتبة وعبرت عنها بالكلام، حب ، واشواق، وحنين ، ولقاء وفراق، تتمسك بحلمها ، وتتبعه ولا تنكسر عندما تفشل باختيارها.
تقدم للشباب نصيحة ضمنية ليست مباشرة في سياق الرواية ، للتمسك بالاحلام وتحمل نتائج القرارات مهما كانت تقول ابقَ قويا مهما عصفت الرياح ـ بقلم ثري وروح إيجابية تتطلع لغد جميل وفي نهاية الرواية تقدم رسائل مهمة لا أحد يشعر برجفة قلبك ولا حتى بموقفك، هي لا تنتظر القطار تغادر إن غادر.
تملك الكاتبة رغبة ملحة في التعبير ،ارادت جنى ان تحيي كلماتها وان تخرج افكارها للنور ، نسج كلماتها المحبوك يريد أن يطرز قرص الشمس، يرنو للعلى ، يرتفع بالموهبة ، ولن يخيب وهجه اذا ما وجدت جنى من يوجهها ،من خلال هذه الرواية تجد جنى هويتها على الساحة الأدبية ، ودورنا الآن كادباء يريد ان يكون خلفهم أثر أن نهتم بها وبجيلها ونوجههم خاصة وان
هذه الرّواية تنبئ بأنّنا أمام كاتبة تملك موهبة الكتابة وتجيد الفنّ الرّوائيّ، بلغة قوية وعبارات محاكة بصور بلاغية ومعانٍ قيمة، ولها قدرات لافتة في خلق الأحداث التي تخدم النّصّ الرّوائيّ، واني لأتطلع مستقبلا من الكاتبة ان تنشر رواية جديدة تتميز باكتمال مقومات الرواية واهتمامها بالتدقيق اللغوي والقواعد النحوية والاملائية وقواعد الترقيم التي خلت منها صفعة قدر
ابارك للكاتبة جنى جرار باكورة انتاجها الذي اعتبره لبنة في بناء صرحنا الثقافي والادبي مع أمنيات التوفيق والنجاح في حياتها الجامعية ، حيث أنها تدرس إدارة سياحية، وفي مسيرتها الأدبية.