مشكلات العالم المعاصر تتداخل وتتشابك ، والعدوى تنتقل من دولةٍ لأخرى
حلف أمريكا والغرب ، الَّذي أسقط الإتِّحاد السُّوڤييتيَّ بالدَّهاء ، وبالتَّوريط في أزماتٍ خارجيَّةٍ
ونجح في توسيع حلفه على حساب دول أوروبا الشَّرقية في تسعينات القرن الماضي ، هو نفس الحلف الَّذي يُخضع غالبيَّة العالم العربيِّ لمخطَّطاته ، ليسيطر على القرار السِّياسيِّ ، والثَّروات والمقدَّرات الطَّبيعيَّة
هذا الحلف الإن يغوص في مشكلاتٍ مشابهةٍ لتلك الَّتي أوقع الخصوم فيها
فالإتِّحاد الأُوروبيُّ يواجه "موتاً سريريَّاً" كما يصفه الرَّئيس الفرنسيُّ ماكرون
وتبدي زعيمة ألمانيا ميركل قلقها على مستقبله ، وبريطانيا تراوح مكانها بأزمة الخروج من الإتِّحاد
أمَّا أمريكا نفسها ، فمتورِّطةٌ مع رئيسها ترامپ ، الَّذي يخضع لمحاكمةٍ برلمانيَّةٍ قد تزيحه عن سدَّة الحُكم ، مع ما يصاحب ذلك من زعزعةٍ للإستقرار السِّياسيِّ والإقتصاديِّ
نتنياهو يحتجز شعبه رهائن
الورطة السِّياسيَّة الأكبر ، هي تلك الَّتي تواجهها إسرائيل ، بمواطنيها ، ال 9 مليون
فهم جميعاً رهائن لغرور وعناد نتنياهو ، صاحب مبدأ : " أنا أو الطُّوفان "
لا هو قادرٌ على تشكيل حكومةٍ ، ولا غيره قادرٌ بدونه
تلاحقه ملفَّات الفساد ، ولوائح الإتِّهام ، ولكن ليس بالإمكان نزع الحصانة البرلمانيَّة عنه
حزبه اللِّيكود يعلم أنَّ نتنياهو لبُّ المشكلة ، إلَّا أنَّه عاجزٌ عن تغييره
قد يجرُّ البلاد كلَّها لإنتخاباتٍ ثالثةٍ ، لا رغبة لأحدٍ فيها ، ولا مخرج للأزمة من خلالها ، ممَّا يؤدِّي إلى ضربةٍ موجعةٍ لنظام الحكم في إسرائيل ، العاجز عن التَّحرُّر من "الزَّعيم الرَّمز "
لبنان والعراق في القطار المتأرجح
وتستمرُّ أزمات العالم العربيِّ بالتَّفاقم ، ويلحق لبنان والعراق بالرَّكب ، وقبلهم كانت الجزائر والسُّودان ، ودول الإقتتال والتَّناحر لا تخفى على أحدٍ
إنَّها قوَّة تأثير الشَّارع في إسقاط الحكومات ، ولكنَّ الشَّارع يحسن هدم "القديم " وليس بالضَّرورة يحسن صناعة الجديد
فلا هم أبقوا على ما كان ، ولا هم أبدعوا بأحسن ممَّا كان
أمَّا إيران ودول الخليج ، فكلُّها في ورطات شبيهةٍ ، ولكنَّ المكابرة تحجب بعض الحقيقة
تتلاعب بهم أمريكا وإسرائيل ، إرباكٌ سياسيٌّ وإقتصاديٌّ
عملةُ إيران منهارةٌ ، إقتصادها يُدمَّر ، وحرب تسلُّحٍ مجنونةٍ تبتلع كلَّ إمكانات العرب وإيران ، لتستفيد إسرائيل من تدمير المسلمين لبعضهم البعض بأيديهم وبإرادتهم
كأنَّ الله تعالى قد سلب من ذوي الألباب بصيرتهم
لعلَّهم نسوا الله فانساهم أنفسهم ، أو أنَّه العجز والقصور في المناهج البشريَّة ، مهما بدت للعيان وكانَّها كاملةٌ ومُحكَمةٌ
إنَّها تذكرةٌ للبشر
مهما علا الطُّغيان وانتشر
فإنَّه لا يملك القَدَر
ورغم الحيطة والحذر
سيقع يوماً فيما حفر
فإذا وقع القدر عمي البصر
" والله من ورائهم مُّحيط "
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab
com