سعيد جربان:
لا شك ان البيئة تفرض ضرورتها على الناس وتشكل طباعها حيث ساهمت البيئه في إحداث وإنتشار ازمات اقتصادية واجتماعيه نتجت عنها جماعات الرفض
العام الماضي، 2018، كان عاماً دموياً بالنسبة للمجتمع العربي. فقد قتل 71 مواطناً عربياً بسبب العنف والجريمة، وبلغت نسبة العرب من كافة القتلى في الدولة الى 61%، أي ثلاثة أضعاف من نسبتهم من المجتمع.
71 مواطناً عربياً لقوا حتفهم هباءاً، 71 عائلة تشردت وتدمرت بسبب هذا العنف. والسؤال الذي يطرح نفسه، وقبل أن نسأل أنفسنا ما هو الحل، هو ما هو سبب هذا العنف المتفشي في المجتمع؟
لا يعتبر العنف ظاهره جديدة وليدة اليوم أو الامس القريب وإنما هي ظاهره تضرب بجذورها في أعماق التاريخ حتى تصل الى بدء وجود الانسان على سطح الارض.
وقد لوحظ في السنوات الاخيرة في المجتمع تردد وشيوع كلمة "عنف" فأصبحت أكثر الكلمات تداولاً في الاعلام وفي الاحاديث اليومية العادية، ولا يخفى على أي متخصص أو غير متخصص زيادة نبرة العنف في المجتمع العربي وتقلص مساحة الطيبة والتسامح، وتزداد الصورة وضوحاً من خلال تتبعنا لنمط جرائم القتل في السنوات الاخيرة فعلى الرغم من كون القتل فعلاً شديداً في حد ذاته الا ان حوادث القتل الأخيرة تشير الى الحجم الهائل من القسوة والوحشية والرغبة في الانتقام. إذاً المشكلة ليست في وجود العنف في حد ذاته فهو موجود بوجود الانسانية وإنما في إتساع مساحه ممارسات العنف وازدياد جرائم العنف.
وظاهرة العنف شأنها شأن غيرها من الظواهر الاجتماعية التي تحتاج الى معرفة حجمها الحقيقي والوعي بالعوامل الموضوعية لفهم الظاهرة وتحليلها وكذلك الوعي بنمط الحياه المعيشية حتى يمكن تحليل الظاهرة من سياقها المجتمعي للوقوف على مسار تطورها والكشف عن أسبابها ليتسنى العمل للحد من إنتشارها وهذا جزء لا يتجزأ من عملنا في مشروع" مجتمع آمن" في مبادرات إبراهيم. اليوم سنحاول اجمال وأسباب ودوافع ظاهره العنف لتحديدها بشكل واضح للوصول الى جوهر الحلول وجذورها لكن هناك عده ملاحظات منهجيّه في بحث مسألة الدوافع والاسباب:
#إن العنف ظاهرة مركبه متعددة التغيرات ولا يمكن تفسيرها بمتغير واحد أو عامل واحد فقط،فمن المؤكد ان هناك مجموعه من العوامل تتفاعل وتتداخل وتترابط وتؤثر بعضها على بعض سلباً وايجاباً فيما بينها لتفجر أعمال العنف.
#يجب التمييز بين الاسباب المباشرة والموقفيه التي تؤثر على اعمال العنف.
على الرغم من تعدد وتداخل العوامل والاسباب المؤثرة على العنف الا ان هذه العوامل تختلف من مجتمع لآخر ومن منطقه لآخري ومن بلد لآخر.
**الاسباب الفكرية الكامنة وراء ظاهره العنف عديده نذكر بعضها؛
اولاً:الثنائية الفكرية : حيث تعتبر الثنائية الفكرية، المتمثلة في رؤية الواقع محصوراً بين دفتي الحق والباطل او الصواب والانحراف، أبرز أسباب نشوء العنف(العنف الفكري الذي يعادل التعصب)...
ثانيا؛
التركيبة النفسية وتأثيرات البيئة: لا شك ان البيئة تفرض ضرورتها على الناس وتشكل طباعها حيث ساهمت البيئه في إحداث وإنتشار ازمات اقتصادية واجتماعيه نتجت عنها جماعات الرفض (عصابات الاجرام تعتبر جماعات رفض) كتعبير عن نوع من الاحباط والسخط كرد فعل للقهر الاقتصادي والتهميش المجتمعي.
ثالثا: إخفاقات التنمية: ان التفاوت الاجتماعي والاقتصادي يترتب عليه ضرورة تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي وما حدث في مجتمعنا العربي اعطانا نتيجة عكسيه فلم نستطع التقدم بالشكل الذي يهبنا التطور الاقتصادي والاجتماعي المرجو ولم نستطيع الحفاظ او الرجوع الى قيمنا العربية التي منعتنا سابقا من اللجوء الى الكثير من الممارسات التي ألقت بنا الى التهلكة لاحقا من خلال انزلاقنا في مستنقع العنف بأشكاله .
رابعا: إخفاق التنمية التربوية: من المتفق عليه ان هناك خلل في منظومه التربية والتعليم حيث نلاحظ على سبيل المثال وليس الحصر والتحديد ان هناك تراجع في هيبه الكادر التربوي والتعليمي داخل المؤسسة التربوية مما يؤثر سلبا على التنمية التربوية وبالتالي باب الانزلاق الى هاويه العنف بات قاب قوسين او أدنى من اي وقت مضى.
الكاتب هو مرّكز مشروع "مجتمع آمن" في جسر الزرقاء، التابع لمبادرات إبراهيم
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com