الإعلامي أحمد حازم في مقاله:
الجماهير العربية تطالب بقائمة مشتركة وطنية شاملة واحدة تمثل كافة أطياف مكونات المجتمع العربي، وليس "قائمة خاصة" بالأحزاب العربية الأربعة
بروفسور غانم كان في منتهى الوضوح حين أعلن "أن الحزب الجديد على استعداد للتعاون وان يكون جزءاً في قائمة مشتركة وطنية مع الأحزاب العربية"
الكرة الآن في ملعب هذه الأحزاب، إذ لا يجوز أبداً تقزيم "المشتركة" بأربعة أحزاب فقط. وفي حال إصرار قادة الأحزاب الأربعة على التمسك بـ "مشتركة" لهم، ستشهد الساحة العربية مجدداً تنافساً قوياً بين قائمتين عربيتين، تماما كما جرى في الإنتخابات الماضية
في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، قام ممثلون عن الأحزاب الأربعة (الجبهة، العربية للتغيير، الموحدة والتجمع) خلال اجتماع لها في مجلس عرعرة المحلي، بتفويض وتوكيل لجنة الوفاق الوطني بتشكيل قائمة مرشحي هذه الأحزاب لانتخابات الكنيست الثانية والعشرين. وإدعى ممثلو هذه الأحزاب أن ذلك يأتي "تلبية لرغبات ونداءات جماهير شعبنا المطالبة بإعادة تشكيل القائمة المشتركة وتقويتها وتجديد ثقة الجماهير بها". لكن الفرق شاسع جداً بين ما تدعيه هذه الأحزاب الأأربعة وبين الواقع في المجتمع العربي. فالجماهير العربية تطالب بقائمة مشتركة وطنية شاملة واحدة تمثل كافة أطياف مكونات المجتمع العربي، وليس "قائمة خاصة" بالأحزاب العربية الأربعة.
ممثلو الأحزاب الأربعة، وحسب بيانهم أجروا سلسلة لقاءات بينهم " تمخضت عن جملة من التفاهمات والتوافقات حول الخطوط العريضة للقائمة المشتركة (والمقصود هنا قائمتهم) بما في ذلك صياغة خطة عمل تضمن تطويرها وتحسين أدائها والنهوض بدورها الوطني والسياسي والاجتماعي".إذاً الأمر واضح جداً، بمعنى أن الأحزاب الأربعة تريد احتكار قائمة مشتركة لها وحدها دون التشاور مع القوى والأحزاب الأخرى في المجتمع العربي. يعني ان هذه الأحزاب تريد فرض نفسها على المواطنين العرب شاءوا أم لم يشاؤا. فبأي حق يفعلون ذلك؟ ولماذا يرفض قادة الأحزاب الأربعة ضم مكونات أخرى من المجتمع العربي لتكون قائمة وطنية شاملة؟ أليس هذا تصرفاً أرعناً يشق الوحدة ؟ أليس هذا تعييراً عن أنانية هذه الأحزاب واحتكارها لتمثيل المواطنين العرب في الكنيست؟
ما يدعو للتساؤل، أنهم أعادوا مجدداً تكليف ما يسمى بـ (لجنة الوفاق) التي كانت في الانتخابات الأخيرة موضوع خلاف بين الأحزاب الأربعة، وطالب البعض ) من الأحزاب نفسها) بإبعادها كلياً عن الإنتخابات، ونتيجة لخلافات أخرى بين الأحزاب الأربعة ليس على المبادئ ولا على القيم بل على الكراسي والمناصب، تم خوض الانتخابات الماضية بقائمتين. فما الذي جرى حتى عادت الثقة بهذه اللجنة التي لا يعرف أحداً كيف هبطت علينا من السماء في انتخابات عام 2015. ولو سلمنا جدلاً بضرورة وجود هذه اللجنة، لكنها ليست مستقلة كما قالوا لنا والكل يعرف حزبية وانتمائية قيادتها.
هناك مثل عربي معروف يقول: "شر البلية ما يضحك". تصوروا أن "المشتركة" من الأحزاب الأربعة، و"لجنة الوفاق" من الأحزاب الأربعة، ومن الطبيغي جداً وليس مستغرباً أن وثيقة التوكيل والتفويض، التي تم توقيعها في مجلس عرعرة المحلي تتضمن تعهداً من الأحزاب الأربعة بالقبول والموافقة التامة والملزمة دون أي اعتراض لما تقرره لجنة الوفاق، لأن كل شيء يتم حسب المثل الشعبي "من دقنو افتلو...ومن مرقو سقيلو".
هذا التصرف من الأحزاب الأربعة، دفع بالعديد من القوى الوطنية، إلى التفكير في كيفية مواجهة "احتكار" قادة الأحزاب الأربعة لقائمة خاصة بهم، والإستخفاف بالآخرين أي عدم النشاور مع القوى الأخرى خصوصاً وأن الأحزاب الأربعة لم تفز في انتخابات الكنيست الماضية سوى بخمسة وثلاثين بالمائة فقط من أصوات العرب. فبأي حق يريد قادة هذه الأحزاب احتكار "القائمة المشتركة" لهم؟ وماذا عن الـ 65 بالمائة الآخرين؟ ورداً على هذا الإحتكار أقدم بروفسور أسعد غانم على تأسيس وتسجيل حزب جديد اسمه "حزب الوحدة الشعبية" سيخوض انتخابات الكنيست المقبلة بقائمة شاملة تحاكي كافة مركبات المجتمع العربي ستكون منافسة قوية لمشتركة الأحزاب الأربعة، الذين هم السبب وراء عدم وحدة الصف.
يقول بروفسور غانم عن الحزب الجديد انه " حزب غير تقلدي، لا يساري ولا يميني، لا ديني ولا علماني، يأخذ القضايا المركزية لشعبنا ووضعها على سلم الأولويات وطاولة البحث، وأول شيء تنظيم عملنا السياسي الوطني بحيث يمثل الحزب كل قطاعات شعبنا". إذاً هذه هي هوية الحزب الجديد، "حزب الوحدة الشعبية".
بروفسور غانم كان في منتهى الوضوح حين أعلن "أن الحزب الجديد على استعداد للتعاون وان يكون جزءاً في قائمة مشتركة وطنية مع الأحزاب العربية". والكرة الآن في ملعب هذه الأحزاب، إذ لا يجوز أبداً تقزيم "المشتركة" بأربعة أحزاب فقط. وفي حال إصرار قادة الأحزاب الأربعة على التمسك بـ "مشتركة" لهم، ستشهد الساحة العربية مجدداً تنافساً قوياً بين قائمتين عربيتين، تماما كما جرى في الإنتخابات الماضية، صحيح أن التعددية حالة صحية مهمة، لكن الوحدة أهم، والرافض لها يتحمل المسؤولية أمام الله والشعب، ويجب أن لا ننسى قول الله تعالى: ﴿ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [سورة الأنفال: 46].
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com