غسان عبدالله في مقاله:

المحافظة على مشروع المشتركة يتطلب من قيادة الاحزاب ان تتحلى بالحكمة والمسؤولية الوطنية وان تتعامل مع هذا المشروع بكل موضوعية وواقعية وشفافة وكل ذلك يجب ان يكون مبنيا على التواضع كما صرح النائب السعدي

كما هو معروف ومتعارف عليه وبعد ان تضع الحرب اوزارها، واوهامها، وينقشع غبارها، المفروض والطبيعي ان توضع السيوف في اغمادها! وتجلس القيادة وتقول مالها ؟!!

حقيقة كانت انتخابات الكنيست الاخيره من اصعب الانتخابات التي تمر على جماهيرنا العربيه في هذه البلاد منذ قيام الدولة. وكانت الاصعب والاكثر ايلاما ومرارة، ربما لمجيئها بعد ان سبقتها انتخابات انتخابات 2015 حيث تجلت بها الوحدة ضمن القائمة المشتركة وقد تاملنا واستبشرنا بها خيرا، وكان رجاءنا كبير ان تستمر المشتركة، هذا النموذج الوحدوي الوطني الاستراتيجي الذي جمع كل الطيف السياسي وقلنا مرارا وبقناعة تامه وبمسؤولية وطنيه ان القائمه المشتركه هي مشروع وطني وانجاز تاريخي بامتياز ويجب المحافظه عليه.

بالرغم من كل الاخفاقات التي حصلت  فإنّ الخلافات كان يجب التغلب عليها واعادة هيكلتها وتصحيح مسارها وضخ الدم في شرايينها وهكذا يتم انعاشها وبالتالي نعيد ثقة الناخب لها، وكل ذلك كان بسيطا وممكنا لو انه توفر قليل من التواضع.

وهنا اقول لاحد الزملاء الذي اطل علينا بمقال قي موقع العرب قائلا فيه " اكثر شيء اضحكني تصريح اسامه السعدي لاحدى وسائل الاعلام مطالبته للتجمع والموحدة بالتواضع في مطالبهما"!! غريب امره، وهل المطالبة بالتواضع امر مضحك؟!!

ان المحافظة على مشروع المشتركة يتطلب من قيادة الاحزاب ان تتحلى بالحكمة والمسؤولية الوطنية وان تتعامل مع هذا المشروع بكل موضوعية وواقعية وشفافة وكل ذلك يجب ان يكون مبنيا على التواضع كما صرح النائب السعدي.

التواضع هو الركيزة الاساسية من اجل الاستمرار بالمفاوضات والحوار حتى نصل الى صيغة مقبولة على شعبنا اولا وعلى قياداتنا ثانيا.
نعم التصريح الذي ادلى به النائب السعدي والذي اضحكك هو الاساس وهو حجر الزاوية لاي اتفاق ولاي مشروع وعلى كل الاصعدة. فكلما امتلأت السنبلة وكبرت تنحني وكلما تعمق العالم تواضع. ولا يتكبر الا وضيع ولا يتواضع الا رفيع.
فما الغرابة بان طلب السعدي من التجمع والموحدة ان يكونا متواضعين في مطالبهما خلال المفاوضات التي سبقت الانتخابات؟!!

وقد بينت نتائج الانتخابات صدق مطالبه وكم كانت صائبة حيث قطعت جهيزة قول كل خطيب. فلو أن التجمع والموحدة تواضعوا قليلا لبقيت المشتركة على قيد الحياة ولما حصلت حالة الوفاة!
وفعلا لو اجتمعت كافة مركبات القائمه لحصلت على 15 مقعدا بل اكثر من ذلك.
ولكن بسبب عدم التواضع وبسبب هذا التعالي وهذه المطالب الغير منصفه ادت الى هذا الوضع .
اما بخصوص هذه المسميات خطه à وخطه b فهي مسميات من محض الخيال لا تستحق الرد عليها فهي ايضا نابعه من اللا تواضع ، ولانني لا اود ان اخوض بتفاصيل وحيثيات المفاوضات والمطالب ولا عن المحاصصه، فشعبنا مدركا للحقيقه ومدركا انها كانت من موضع تعالي الموحده والكابره واللا تواضع.
كما وادركت جماهيرنا ان الافتقار وعدم السيطره على النفس قد تؤدي الى دمار اي مشروع وبالتالي الى الهاويه.
الحقيقه ليست خافيه على احد فهي ساطعه كالشمس في كبد السماء ولم تعد تفيد اساليب التضليل ولم تعد تجد ارضيه خصبه او مساحه واسعه في ذهن شعبنا.
فلا حاجه الى كيل الاتهامات وتحميل المسؤوليه على طرف هو براء منها كبرائة الذئب من دم يوسف.
فلتوضع السيوف في اغمادها ولترد تصريحاتكم الى نحوركم ولن ينفعكم بنقل المعركه والمناكفات الى ساحات الاعلام وصفحات التواصل الاجتماعي.
فلنستيقظ ولنصحوا ولندرك التغيرات التي طرأت من حولنا !!

انا لست المذنب هذا اول ما يطرأ على ذهن من لا يريد محاسبة ومراجعة نفسه ، اما محاسبة الاخرين والقاء اللوم عليهم اهون عليهم من الاعتراف بفشله.
المرحله تتطلب منا تقييم وتحليل ودراسه لما حصل ، فالتقييم هو جزء اساسي ومهم من اجل اصلاح المعايير وتصحيح المسار ، ولن يكون ذلك بالتعالي النظره الفوقيه بل يكون فقط بالتواضع.
كان الاجدر ان نتحدث عن انجازات السعدي وخلال فترة وجيزه لا تتعدي السنتين حيث كانت انجازات عظيمه تمس بصميم احتياجات المواطن العربي.
وقد اشارت كل المعطيات الصادره من الكنيست ال 20 الى تقدمه على نواب الكنيست جميعا عربا ويهودا من حيث عدد المشاركات الفعاله في جلسات الكنيست وكذلك من حيث الاقتراحات العاجله التي طرحت على جدول اعمال الكنيست قد تم بحثها في هيئتها وتم المصادقه على الكثير منها.

فكفانا جلدا للذات ولنكف عن هذه التراشقات الغير مجديه وعن هذا الهمز واللمز ، ولننظر الى الامام ولنستخلص العبر من هذه النتائج لتكن محفزا لصحوة قياديه وجماهيرية.

يجب ان ننظر بهذه التطورات والمتغيرات الى عيون شعبنا ولانفسنا بنوايا صادقه وان نتعامل معها بحس وطني صادق ، وان تكون المسؤوليه الوطنيه هي البوصله التي توجه شعبنا الى بر الامان ، وان تكون نتائج هذه الانتخابات منعطفا تاريخيا وضوءا احمرا ينبهنا الى ضرورة ارساء ثقافة الحوار المبني على مبدأ النديه والاحترام وليس بالتعالي واللا تواضع.
فقليلا من التواضع. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com