لا شيء ثابتٌ
في رَحبةِ الفضاءْ
لا حلكةَ الليلِ تبقى
ولا منارةَ النهارْ
تأتي السحابةُ السوداءْ
تصبُّ في العيونِ لونَها
وتطردُ الهواءْ
وفجأةً يطلُّ وجهُها
الذي أضاءَ نورُهُ
بلادَ البرتقالْ
يجيء وجهُها الذي تباركتْ
به السهولُ والجبالْ
فيرسلُ الأنسامَ
للسنابلِ الخضراءْ
ويسكبُ الضياءَ
في العيون والخيالْ
وعندما يحوِّل الشتاءُ،
في حدائق الشمالِ،
زهرَ دارنا لبقعةٍ جرداءْ
ويحجبُ الضياءَ
خلف لُجَّةِ الظِلالْ
تهبُّ للإنقاذِ
من مواقع الرجاءْ
تجيءُ من مزارع الزيتونِ
والزرزور والسِّمانْ
فتستعيدُ لي حديقتي الغَنّاءْ
لها أناملٌ تجيءُ من بعيدْ
وتملأُ الحقولَ زعتراً وهندباءْ
***
لا شيءَ ثابتٌ في رَحبةِ الفضاءْ
سوى النور الذي يسيلُ من أناملٍ
تضيءُ لي رِحابَ الأرضِ والسماءْ
هي التي تصونُ بهجةَ الربيعِ
في زمانهِ
وفي الخريفِ والشتاءْ
في عينها منابعُ الصفاءِ والوفاءْ
في وجهها جداولٌ تُعيدُ الروحَ
من بيداءِ تيهها
إلى خمائلِ الحبورِ والرخاءْ
لا شيءَ ثابتٌ سوى ضيائِها
حتى إذا نأت لبرهةٍ
ولفها الظلامُ في المساءْ
تعودُ كي تُزيِّن الأحلامَ
بالزنابقِ البيضاءَ والحِنّاءْ
يوسف حمدان - نيويورك