أحمد حازم:
يرى محللون سياسيون، أن دخول قائمتي أبو أحمد وكنعان إلى المنافسة الانتخابية أشبه بمخاطرة اللعب بالنار لأنهما لن يحصلا أبداً على الأصوات المطلوبة لتجاوز نسبة الحسم الكبيرة جدا
للمرة الأولى تحظى انتخابات الكنيست باهتمام المواطن العربي بالشكل الذي هو عليه الآن، وذلك بسبب تفكك "القائمة المشتركة" التي كثيراً ما قيل عنها في تحليلات وتصريحات العديد من المحللين والسياسيين أنها أهم "إنجاز!؟" للمواطنين العرب في البلاد. لكن تبين فيما بعد وبالتحديد في هذه الفترة التي يتم فيها التحضير لانتخابات الكنيست المقبلة في التاسع من شهر أبربل/ نيسان المقبل، أن هذا الإنجاز كان مؤقتاً لأنه لم يعد قائماً نتيجة خلافات على المواقع والمناصب. فما الذي حصل وما هي التوقعات المنتظرة للنتائج؟
العربي بشكل عام عاطفي الإحساس ويهب لمساعدة أخيه العربي دون تردد، إذا كان الأمر يتعلق بالصراع حول الوجود العربي. وهذا ما لمسناه في انتخابات الكنيست الماضية. فبعد إعلان السلطات الاسرائيلية عن رفع نسبة الحسم إلى 3.5 بالمائة، سارعت الأحزاب العربية مدعومة من غالبية المجتمع العربي، إلى تشكيل قائمة عربية مشتركة لخوض الانتخابات، تعبيرا منها عن الوحدة العربية في مواجهة محاولات إبعاد العرب عن الكنيست، على اعتبار أن هذا القرار موجه ضد العرب فقط. بمعنى أن قادة الأحزاب العربية الكبيرة (الجبهة،العربية للتغيير، الحركة الإسلامية الجنوبية والتجمع) عندما شعروا بمداهمة الخطر توحدوا، والمواطنون العرب بأغلبيتهم تضامنوا معهم.
انتخابات الكنيست هذه المرة تختلف عن سابقتها عربياً، لأن قادة الأحزاب العربية الأربعة اختلفوا فيما بينهم مما أدى تفكيك "المشتركة" إلى قائمتين إحداهما" تضم (العربية للتغيير والجبهة) والثانية (الحركة الإسلامية الجنوبية والتجمع) إضافة إلى قائمتين جديدتين هما : قائمة ("أفق جديد بكرامة) وتضم حزب "أفق جديد" الذي تأسس حديثاً ويرأسه المهندس سلمان أبو أحمد و "حركة كرامة ومساواة" التي يرأسها الإعلامي محمد السيد. أما القائمة الأخرى فتحمل اسم (القائمة العربية) وتضم "الحزب القومي العربي" الذي يرأسه النائب السابق محمد حسن كنعان وشخصيات مستقلة أخرى .
ويرى محللون سياسيون، أن دخول قائمتي أبو أحمد وكنعان إلى المنافسة الانتخابية أشبه بمخاطرة اللعب بالنار لأنهما لن يحصلا أبداً على الأصوات المطلوبة لتجاوز نسبة الحسم الكبيرة جدا، وبذلك فإن أصوات المؤيدين لهما ستذهب هدراً. لكن محللين آخرين لهما موقف مختلف تماماً. فحسب الإستطلاعات هناك 40% من المواطنين العرب لا يؤيدون "المشتركة" وأن تفككها زاد من هذه النسبة. ورهان كنعان وأبو أحمد على هؤلاء المواطنين في حال ذهابهم إلى صناديق الإقتراع.
في ظل هذه التطورات، فإن الشارع العربي الآن منقسم على نفسه فيما يتعلق بالإنتخابات: فهناك المؤيدون الذين يعنقدون بإيجابية الوجود العربي في الكنيست، وهناك المعارضون كلياً لذلك من ناحية مبدئية. وهؤلاء تمسكوا منذ سنوات طويلة جداً بمبدأ عدم المشاركة في انتخابات الكنيست، بمعنى عدم التصويت حتى لقوائم عربية، وهم على قناعة بعدم تأثير أعضاء الكنيست العرب على كبرى القضايا المفصلية التي تمس الوجود العربي، مثل عدم القدرة على وقف مصادرة الأراضي، ومنع هدم البيوت العربية، ووقف الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية ووقف سن القوانين العنصرية، مثل قانون القومية الأخير.
وبسبب الإنشقاق الذي حصل في "المشتركة"، ظهرت فئة جديدة كانت تنتمي للمؤيدين، تطالب بصوت عال بمقاطعة الانتخابات احتجاجاً على تفكك "المشتركة" وعقاباً لقادتها من الناخب العربي. وهذه الفئة تعتبر نفسها محقة في مطالبتها بعدم الذهاب إلى صناديق الإقتراع لأن "المشتركة" تم نسفها عن طريق بعض مركباتها ولهذا يستحق قادتها عقاب المقاطعة.
ونتيجة لهذه التطورات، فمن المتوقع انخفاض نسبة التصويت في المجتمع العربي. وإذا ما حصل ذلك فإن هذا سيؤدي حتماً إلى تراجع كبير في عدد أعضاء الكنيست العرب، إضافة إلى أن آلاف أصوات العرب ستذهب هدراً في مهب الريح.
أليس من الأفضل، لو أن قادة المشتركة أبدوا عقلانية وحكمة و تروي و "شوية تنازل" خلال المفاوضات بينهم وإبقاء "المشتركة" على الأقل على حالها، بدلاً من تفكيكها إلى قائمتين؟ سؤال بحاجة إلى جواب.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com