أشتاقُ إليكِ فأنظرُ حَولي
وأرى أشياءَ جميلهْ
حين أرى أيّ جميلٍ
أشتاقُ إليكْ
حين أرى شيئاً لا يفرحُ عيني
أهربُ منه إليكْ
الشوقُ يهيئُ لي منظاراً
منه أرى ثغرَك مبتسما
وأرى وجهَكِ
في كل مكانٍ مرتسما
أتساءلُ: هل ينجو
من بحر الأشواقِ غريق؟
ولماذا أحتضنُ الأشواقَ إليكِ
ولا أطردُها
حتى حين يكونُ لَظاها مستعراً
كلهيب حريقْ؟
حين تُطَوِقني العتمةُ أغمضُ عَيْني
فأرى وجهَك كالبدر يضيء بدون بريقْ
حين تُحوِّلني نيرانُ الأشواقِ رماداً
يأتيني وجهُك مُبتسماً
فإذا بي أنهضُ من أكداس رمادي
وأحلِّق في سربٍ من طَيْر الفينيق
***
أنظرُ في الأفقِ الدامي
فأرى وجهَكِ كالفجرِ المشرقِ
خَلفَ تِلالِ بلادي
وأرى في وجهِكِ
حُسنَ مروجٍ خضراءَ
وأسمعُ أطياراً تشدو
في موسمها العادي
وأرى سُكّانَ الحيِّ
يجوبون الأسواقَ استعداداً
لقُدوم الأعيادِ
وأرى شيخاً يقطفُ أحلى فاكهةٍ
لمذاقِ الأحفادِ
أشتاقُ إلى وجهكِ
مبتسماً في الشاطئْ
فأرى أمواجا ليِّنَةً تأتي وتروحْ
وتظل تروحُ وتأتي
لا يردعُها برٌ أو جبلٌ
فتظلُّ تشُنُّ الغارةَ تلوَ الغارةْ
حتى تحفرَ في صخرِ الجبلِ العالي
أنفاقاً ومغارةْ
الصبرُ جميلٌ - قالت لي جارهْ
قلت لها: سأظل صَبورا يا بنتَ الحارةِ
حتى يسكن مغتربٌ في حارَتِهِ
ويعود الجار إلى جارتِهِ
قالت: لا يبقى في الوادي غير حِجارَتِهِ
***
يا غصناً أينعَ في شجراتٍ
شَرِبت من عَرَقي
أشتاقُ إليكِ كثيراً
فأراكِ على عَيْن الماءْ
أشواقي تشعلُ ناراً في الصدرِ
ولا يُطفِئُها إلا رؤية جَبهتَك الشَمَّاءْ
رغم ظلام الغُربةِ سوفَ تظلّينَ
النجمَ الساطعَ في كل سماءْ
أنتِ الثابتُ بين حنيني ورؤايْ
أنت لداء الغربةِ خيرُ دواءْ
ستظلين منارةَ شُطآن بلادي
سأظل أنا رجعُ صداكِ
وأنتِ نداءٌ ودعاءْ
في ليل الغربةِ أنت النورُ
المتوهجُ في النفقِ
أنت الشمس وإن بَعُدتْ
تبقى ساطعةً في الأفقِ