أحمد حازم:
هناك فرق كبير بين معارضة تنتهج سياسة لمصالح ذاتية وهي بنظري سياسة أنانية بحد ذاتها
أعتقد بأن معارضة الجبهة للميزانية وإسقاطها، لم يكن الهدف منها مصلحة المدينة بل هي عملية انتحار سياسي تحت شعار "عليّ وعلى أعدائي يا رب"
كان الأجدى بالجبهة التحدث عن وعود قطعها علي سلام على نفسه من أجل الشعب ولم ينفذها، لكن الجبهة لم تجد أي وعد، لأن علي سلام نفذ كل وعوده لناخبيه
المعارضة السياسية في الدول التي تحترم نفسها وشعوبها تنتهج خطاً سياسياً لمصلحة الشعوب وليس لمصالحها، حتى أن بلداناً أوروبية وعلى سبيل المثال ألمانيا، تشهد بعد الإنتخابات تحالفات سياسية في الحكم مع المعارضة من أجل المصلحة العامة، من خلال وضع الخلاف جانباً عندما يعود الأمر لمصلحة الشعب والوطن. وحتى في المدن التي توجد فيها معارضة في السلطات المحلية (البلدبات والمجالس) يتم إزالة كل العقبات الي تقف أمام المصلحة العامة. فهذا هو المنطق وهذه هي السياسة المجدية الحكيمة من معارضة تحترم نفسها، والتي تتبنى سياسة تعود بالفائدة للشعب. بمعنى هناك فرق كبير بين معارضة تنتهج سياسة لمصالح ذاتية وهي بنظري سياسة أنانية بحد ذاتها، وما أكثر هذه المعارضة في مجتمعنا العربي وبين معارضة تعمل من أجل المواطن وخدمته وما أقل هذه المعارضة في مجتمعنا. والفرق كبير جداً بين سياسة حمقاء رعناء وسياسة حكيمة نزيهة تماما كالفرق ين النجاسة والطهارة.
ما شهدته بلدية الناصرة في اجتماعها الأخير للتصويت على الميزانية، يدل بصورة واضحة على أن المعارضة التي تتزعمها جبهة تسمى " جبهة الناصرة الديمقراطية " استطاعت وبدعم عضوين آخرين أن تسقط الميزانية اعتقاداً منها بأنها تسير في الطريق الصحيح، لكن الحقيقة هي أن تلك الجبهة عملت على حل المجلس البلدي من خلال عدم تمرير الميزانية، وعملت على تسليم بلدية الناصرة إلى لجنة معينة من قبل وزارة الداخلية. والأنكى من ذلك أن الجبهة تدعي بأنها تعمل من أجل أهالي الناصرة، وهذا تناقض واضح في النهج. فكيف يمكن لجبهة تقول انها ديمقراطية هدفها الرئيس تطوير الناصرة وخدمة أهلها، أن تفسح المجال لحل المجلس البلدي؟ كيف ذلك يا تلاميذ كارل ماركس ولينين؟ ألم تتعلموا من مباديء الشيوعية أن الفرد يجب أن يكون في خدمة المجتمع والوطن؟
أعتقد بأن معارضة الجبهة للميزانية وإسقاطها، لم يكن الهدف منها مصلحة المدينة بل هي عملية انتحار سياسي تحت شعار "عليّ وعلى أعدائي يا رب". في المرة الماضية وحسب بيان صدر عن الجبهة ، فإن " كتلة الجبهة في المجلس البلدي للناصرة امتنعت عن التصويت على الميزانية العام الماضي (أي أنها لم تصادق عليها) لعدم حل المجلس البلدي من منطلق التزامها بضمان مصلحة المدينة وأهلها". فما الذي تغير يا جبهة؟ لماذا لم تتخذوا هذه المرة نفس موقف العام الماضي إذا كنتم فعلاً صادقين في العمل من أجل اهل الناصرة؟
أنا أعتقد بأن تغيير موقف الجبهة أي التغيير من الإمتناع عن التصويت للميزانية إلى معارضتها من أجل إسقاطها له أكثر من سبب، والإختباء وراء حجب الثقة عن الميزانية لدافع وطني، إنما هو "ضحك على الدقون" وعار عن الحقيقة.
في العام الماضي، عندما امتنعت الجبهة عن التصويت على الميزانية لم يكن معلنا أن مصعب دخان هو مرشح الجبهة. وقد حدثت خلافات في صفوف الجبهة حول اسم المرشح القادم خصوصا مع وجود عدة أسماء تم طرحها لاختيار واحداً منها كمرشح لرئاسة بلدية الناصرة. وقد شهدت الجبهة ( وهذا ليس سراً) خلافات حول اسم المرشح، لكن في النهاية تم "لملمة" الأمور واختيار مصعب دخان كمرشح لرئاسة بلدية الناصرة، رغم وجود أصوات ليست بقليلة كانت تعارض هذا التصويت. ويرى بعض المراقبين للشأن الداخلي في الناصرة أن استقالة عزمي حكيم كانت إحدى نتائج تلك الخلافات. كل المؤشرات تقول ان مصعب دخان لن يشكل أي خطر على رئيس البلدية الحالي علي سلام الذي يستطيع من الآن ان يحتفل بفوزه القادم. ولذك من الأفضل للجبهة أن يتم حل المجلس البلدي لأنه سيساعد في تبرير فشل الجبهة وتحميل علي سلام المسؤولية، لا سيما وأن الجبهة تحمله المسؤولية منذ الآن عن كل شيء استباقاً لما سيحدث لها من فشل محتم.
نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها: جاء في بيان اصدرته جبهة الناصرة، "أن علي سلام لم ينفذ على مدار أربع سنوات، وعوده لكتل ائتلافه". ( يا سلام على "حنّية" الجبهة، وعلى مين الحنية؟ على خصومها). كان الأجدى بالجبهة التحدث عن وعود قطعها علي سلام على نفسه من أجل الشعب ولم ينفذها، لكن الجبهة لم تجد أي وعد، لأن علي سلام نفذ كل وعوده لناخبيه، وأول وعد بناء مقر لبلدية الناصرة. والإنتخابات القادمة لرئلسة بلدية الناصرة (فيما لو جرت في موعدها ) ستكون بمثابة امتحان للمرشح "فإما أم يكرم أو يهان" وإن غدا لتاظره قريب.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net