خالد خليفة في مقاله:
تستغل اسرائيل مشروع الطاقة النووية السلمية الايرانية لشن مزيد من الهجوم الكاسح على ايران من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لضرب وتحجيم ايران اقليميا واقتصاديا
لقد اثار اعتقال الوزير الإسرائيلي السابق " غونين سيجيف" في نيجيريا و جلبه الى البلاد مسألة الحرب الخفية وغير المعلنة الدائرة بين إسرائيل وايران.
ويمكن ان يكون سيجيف قد تخابر مع ايران او لم يتخابر ولكن اعتقال شخص اسرائيلي بهذا المستوى وتعامله مع ايران يعتبر انجازا كبيرا لإيران وفي نفس الوقت انجاز اخر للمخابرات الاسرائيلية التي وضعت اليد عليه و بالتعاون مع نيجيريا، اعتقلته وجلبته الى البلاد.
ان الحرب بين إسرائيل و إيران تأخذ اوجها مختلفة، فهي حرب سريه وخفية تماما، كما نرى في مسألة الوزير المخطوف سيجيف و حرب مواجهه مباشرة، كما يحدث على الساحة السورية واللبنانية ، و لكن المسألة الأخطر هي حرب بين إسرائيل و إيران على الهيمنة الاقليمية في ظل عالم عربي مفكك لا يملك اي استراتيجية ورؤية محلية ، اقليميه او دولية كانت.
فالسعودية الدولة الكبرى في الجزيرة العربية لا تملك اي رؤية استراتيجية، وهي منشغلة بحرب طاحنه مع جارتها العربية اليمن، وتشعل نار الفتنه السنية ، الشيعية مع ايران، كما انها تقسم دول الخليج المقسمة أصلا و لا تقوم بأي دعم اقتصادي يذكر لعالم عربي ضعيف، فقير و مبعثر.
بل همها الأساسي هو تصدير أموالها و ثرواتها و كامل اقتصادها الى دولة ترامب الذي اخذ يغير السياسة الامريكية ويشترط دعمه العسكري لها بضخها لمئات المليارات من الدولارات الى اقتصاد الولايات المتحدة وحلفائها.
واذا استمر هذا الوضع وعلى هذا النمط ، فأن سياسة السعودية الإقليمية ستعلن افلاسها المدوي وستنهار انهيارا لا مثيل له في القريب العاجل. أما مصر و التي من المفترض ان تلعب دورا إقليميا فأنها تلحق بركب السياسة السعودية الفاشلة مقابل حفنة من المليارات، حيث انها سياستها لا تحقق اي مكاسب إقليمية او دولية، فعلى الصعيد الاقتصادي ، فأنها تواجه أزمه اقتصادية داخلية خانقة وهي غير قادرة مع انها تسيطر على الجامعة العربية على إقامة خط عربي سياسي ووحدوي واضح المعالم، تجمع حولها عدد من الدول العربية لتتحرك اقليميا، بل تلحق بالركب السعودي الذي يرشدها في مسألة الحرب على اليمن واطباق الخناق على غزة، وعدم لعب اي دور في القضية الفلسطينية لمواجه الانحياز الأمريكي، الصارخ المؤيد لإسرائيل.
واذا استثنينا عربيا الدور السعودي و المصري المهيمن، فلم يتبقى الا العراق والأردن اللتين تعانيان من أزمات خانقة، فالعراق خرجت من حرب اهلية تحاول بناء نفسها ولكن بصعوبة، اما الأردن فلم يعد لها تأثير سياسي اقليمي يذكر كونها تعاني من مشاكل اقتصادية خانقة واسعة النطاق. وبعد أن القينا نظرة سريعة على الواقع العربي الاستراتيجي ومكانة الدول العربية، فيمكن القول ان الصراع الإيراني والإسرائيلي على الهيمنة سوف يحتدم في الحقبة القريبة القادمة ويبقى المهيمن، فإسرائيل تريد مزيدا من الانهيار الإقليمي العربي، و ايران تريد اعادة مكانتها في دول الشرق الأوسط ، كسوريا ، لبنان والعراق .
وتستغل اسرائيل مشروع الطاقة النووية السلمية الايرانية لشن مزيد من الهجوم الكاسح على ايران من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لضرب وتحجيم ايران اقليميا واقتصاديا. فإلغاء الاتفاق الامريكي الايراني الاخير في شهر مايو الماضي 2018، جاء بإيعاز من اسرائيل ويندرج في هذا الاطار.
كما ان الضغط الاقتصادي الدولي الذي تمارسه الولايات المتحدة بواسطة فرض عقوبات مالية و اقتصاديه على ايران، يخدم نفس الهدف و هو اضعاف ايران اقتصاديا وتركيعها سياسيا.
أما نتنياهو و الذي يعتبر ايران شغله الشاغل، فأنه يركز على الطاقة النووية و التي يعتبرها تسلحا نوويا ، و لكنه في نفس الوقت ، يسرع في فبراير الماضي و يرسل بعثة إسرائيلية الى البيت الأبيض لكي يجبر الرئيس الأمريكي ترامب على توقيع مذكرة امريكية تتعهد بأن لا يطالب اسرائيل بتفكيك او التعرض لقوة إسرائيل ومشروعها النووي في ديمونا.
وقد وقع ترامب خانعا على هذه المذكرة الإسرائيلية، هذا التعهد الأمريكي لإسرائيل حسب مجلة النيويوركار الأمريكية ، و في نفس الوقت فأن ايران و تفكيك مفعلاتها النووية يعتبر احد أركان سياسته الدولية الاساسية.
ان إسرائيل ستستمر و بدعم امريكي في مواجهة ايران، لأن هذه الإدارة الامريكية تعتبر اسيرة بالكامل للسياسة نتنياهو.
حيث ستقسم الأدوار، تأخذ إسرائيل فيها دور المواجهة العسكرية لتحجيم الدور الإيراني إقليميا، أما الولايات المتحدة فأنها ستستمر في حشد العقوبات الاقتصادية والعسكرية وفرض الخناق على ايران بدعم اُممي ودولي.
ان هذه المواجهة هي السيناريو المتوقعة اقليميا لمنطقة الشرق الاوسط، بحيث اننا لن نشهد في القريب العاجل اي حل للقضية الفلسطينية كون مناصريها دول النيام ومشغولة بأمور لا تسمن ولا تغني من جوع، انظر صفقة العصر المقترحة امريكا والمنحازة كليا لإسرائيل.
أما المواجهة الاقليمية بين ايران و اسرائيل فمن الصعب تكهن نتائجها، بحيث يمكن ان تكون مواجهة مثيرة في البدء وحرب استنزاف اقليمية طويلة الامد في النهاية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net