إبراهيم بشناق في مقاله:
قد تجد فئة من الناس تُعادي وترفض كل ما يغايره أو يختلف عنه... ليس فقط فيما يخص الجنس أو العرق، ولكن يتعدى ذلك فيرفض الفكر الآخر
أصبحت البشرية تفتقد لغة الحوار وحسن التعامل ووضوحهِ وحُسن الإستماع وإحسان الظن وتقبل الفكر
أصبحت اللغة التهكمية التسلطية الهجومية المقللة من شأن الآخرين هي النبراس الأساسي والمُغلف بلغة الحوار الديمقراطي
يفتح الإنسان عينيه الصغيرتين على هذه الدنيا منذ لحظاته الأولى، لينعكس عبر لمعانهما وجوه الآخرين الناظرين اليه ، فيعرف آجلا أم عاجلا أنه جزء من هذه المجموعة أو تلك التي تشبهه ، فيصنف عندها جنسه ولونه وطبقته الاجتماعية دون اختياره .
فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى على أوجه وتوجهات مختلفة في الشكل والمضمون، ودعانا جلّ جلاله إلى الإختلاط ببعضنا البعض والتعرف على كل ما هو جديد حتى نتمكن بعد ذلك أن نأتلف مع المختلف ، مهما كان هذا المختلف مختلفا ، لتتسع الآفاق وترقى المفاهيم ونحدد مكانتنا بين جملة الاختلافات الإنسانية التي أوجدتها الطبيعة والحكمة الربانية للخلق، وحتى نستمتع بعد ذلك بكل ما هو مغاير لنا ... فما الجمال بالحياة إذا تشابهت الأشكال والأفكار والتوجهات والأديان ؟؟؟
يقول الله عز وجل: "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير"... صدق الله العظيم، الحجرات(13).
ولكنك قد تجد فئة من الناس تُعادي وترفض كل ما يغايره أو يختلف عنه... ليس فقط فيما يخص الجنس أو العرق، ولكن يتعدى ذلك فيرفض الفكر الآخر، وليعلم ذلك الرافض أن هذا يخالف تعاليم الديانات السماوية والتي دعت إلى الأخوة الإنسانية وتقبل التعددية والاختلاف، وليعلم أيضا أن هذا منبعه "الجهل" نعم الجهل ... جهل معرفة الآخر وجهل ثقافته وإستيعابه فطالما قالوا: الناس أعداء ما جهلوا، حيث انه برفضه للفكر المغاير أو صاحب هذا الفكر إنما يمنع عن نفسه متعة من متع الحياة ألا وهي تقبل الآخر، تقبله كما هو ولست أعني هنا أن يتنازل كل فرد عن محتوياته بالتأكيد لا ، وإنما ليحتفظ بها مع إستمتاعه بالفروق بين بني البشر، وعندما يصل الإنسان إلى هذه الدرجة من التقبل سيدرك أنه وصل إلى أرفع درجات الإنسانية فيحترم الآخر ليس على أساس أوراقه الثبوتية أو توجهاته الفكرية أو إنتماءاته العقائدية وإنما على أساس الأخوة الإنسانية ... ذلك المفهوم الأشمل بالتأكيد ... وكلما ارتقى في ذلك انكشف الغطاء عن وجهه الآدمي الصافي الفطري .
أصبحت البشرية تفتقد لغة الحوار وحسن التعامل ووضوحهِ وحُسن الإستماع وإحسان الظن وتقبل الفكر وأصبحت اللغة التهكمية التسلطية الهجومية المقللة من شأن الآخرين هي النبراس الأساسي والمُغلف بلغة الحوار الديمقراطي وليس لشئ بل ليقال : إن فلانا يتقن فن الحوار ... لذلك كثُرت الصدامات والمشاكل التي أخذنا ندفع ثمنها كل دقيقة نحياها ...
وهنا لا بد من السؤال : كيف يريد أن يتقن فن الحوار من لا يستطع التمييز بين أحرف الجر والضمائر والأسماء الموصولة ... لكنه في المقابل يجيد الإشارة بسبابته لإصدار الأوامر وإدارة الحوار.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net