جميل السلحوت في مقاله:
حتّى لو كانت الأسلحة الكيماوية قد استعملت فعلا، فإن قوى ارهابيّة أو خارجيّة معادية هي من استعملت هذا السّلاح لإيجاد مبرّر للعدوان على سوريّا
اللافت والذي لم يعد غريبا هو تجنيد بعض الدّول العربيّة للمشاركة في الحرب الجديدة على سوريّا، علما أنّ الخاسر الوحيد من هذه الحرب هم سوريّا وشعبها وجيشها أوّلا
من يراقب تطوّر الأحداث في سوريا، لن يحتاج إلى كثير من الذّكاء ليتبيّن أنّ أمريكا لم تتخلّ عن مشروعها "الشّرق الأوسط الجديد" الذي أعاقه صمود حزب الله اللبناني أمام الغزو الاسرائيلي عام 2006، فبدأ التّخطيط لاشعال نار الفتنة الطّائفيّة في سوريا، بعد أن تمّ تجنيد دول عربيّة وتنظيمات اسلاميّة، لتخوض حربا تدميريّة حمقاء منذ عام 2011 على سوريّا وشعبها نيابة عن أمريكا وحلفائها كاسرائيل وبعض دول أوروبا الغربيّة، كما خلقوا تنظيمات دينيّة ارهابيّة كداعش وأخواتها؛ لتقوم بجرائم ضدّ الانسانيّة من أجل تجنيد العالم الغربي للوقوف مع مشعلي الحروب، أمّا الرّأي العامّ العربيّ والاسلاميّ فقد تمّ تجنيده مسبقا من قبل الأنظمة التي تستغلّ الجهل السّائد والعاطفة الدّينيّة للعامّة، لتأييد حروب تستهدف الشّعوب العربيّة والاسلاميّة وأوطانها، فرفعوا شعار اسقاط النّظام الحاكم في سوريّا بناء على أكاذيب ابتدعوها ولا يزالون، تماما مثلما رفعوا شعار "تحرير العراق من النّظام الدّكتاتوري"! وابتدعوا كذبة الأسلحة الكيماويّة، "فحرّروا العراق من وحدة أراضيه وشعبه" عام 2003 بعد أن دمّروه وهدموا دولته، وقتلوا وشرّدوا شعبه.
وواضح أنّ انتصارات الجيش السّوريّ على قوى الارهاب خصوصا في الغوطة الشّرقيّة، قد أفقد القوى المعادية صوابها أمام صلابة الموقف السّوريّ، فبدأت تختلق الأكاذيب مثل استعمال الأسلحة الكيماويّة، وهذه الأكذوبة فيها استغباء لشعوب المنطقة وللرّأي العامّ العالميّ؛ لأنّ الجيش السوريّ المنتصر على قوى الارهاب، ليس بحاجة إلى استعمال هكذا أسلحة حتّى إذا كانت بحوزته، ومن غباء من ابتدعوا هذه الأكذوبة هو أنّ ضحاياها لا يوجد فيهم ارهابيّ مسلح واحد، فجميعهم من خلال "دبلجة التّصوير" من الأطفال والنّساء والشّيوخ.
وفي محاولة استغباء أخرى لتبرير العدوان على سوريّا، هو تصريح الرّئيس الأمريكيّ ترامب قبل حوالي أسبوع بأنّ أمريكا ستنسحب من سوريّا، وبعد أقلّ من مرور 48 ساعة ظهرت إلى العلن أكذوبة الأسلحة الكيماويّة لإيجاد مبرّر له للتّراجع عن تصريحه، وحتّى لو كانت الأسلحة الكيماوية قد استعملت فعلا، فإن قوى ارهابيّة أو خارجيّة معادية هي من استعملت هذا السّلاح لإيجاد مبرّر للعدوان على سوريّا، وهذا يعني أنّ أمريكا ماضية في تطبيق مشروعها الدّاعي إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، ولتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصهيونيّ التّوسّعيّ، وقد بدأت التّصفية فعلا بقرار الإدارة الأمريكية في 6 ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، واطلاق يد اسرائيل في الاستيطان للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينيّة بعاصمتها القدس على الأراضي المحتلّة عام 1967. وكذلك من خلال الضّغوط على بعض الدّول العربيّة لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل، ولتحالفات عسكريّة وأمنيّة معها، وتجنيدها لمحاربة ايران، وقد تمّت الاستجابة لهذه الضّغوطات من بعض الأنظمة.
لكنّ اللافت والذي لم يعد غريبا هو تجنيد بعض الدّول العربيّة للمشاركة في الحرب الجديدة على سوريّا، علما أنّ الخاسر الوحيد من هذه الحرب هم سوريّا وشعبها وجيشها أوّلا، والدّول والشّعوب العربيّة ثانيا، وفي حالة نشوب هكذا حرب ستشارك فيها أمريكا واسرائيل وبعض حلفائها الأوروبّيّين كفرنسا، بريطانيا وألمانيا، وفي حالة تصدّي روسيا لقوى العدوان على سوريّا فإنّ ذلك يعتبر بداية لحرب كونيّة ثالثة، ستنهي الحياة على كوكب الأرض، وسيكون وقودها الأوائل العرب كوطن وكشعوب.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net