هاتِ برهانَكَ
على أنّكَ فارَقتَنا
وثبّتْ إيمانَكَ
فأنتَ لا زلتَ بينَنَا
فمثلُكَ لا يزولُ أثرُهُ
ماضيًا وحاضرًا وزمنَا
وحضورُك ثابتٌ في مؤتمراتِنا
حضورُك ليسَ صورةً
ووجودك باقٍ في حياتِنا
للّهِ درُّك
من مبَشّرٍ برسالةِ " اللقاء"
تنير دربَنا
وتعلنُ انتفاضةً في أرضنا
بفكركَ.. بمواقفكَ
راسخًا رسوخَ الزّيتونِ
أصالةً.. شموخًا.. صدقًا
من عهد صفرونيوس وعمر
أنزلتَ الفكرَ من عليائِهِ
وحوّلتَ اللاهوتَ إلى خبزٍ
على موائدنا
وجمعتَ الأهلَ
من جنوبِ الوطنِ وشمالِهِ
جاءوا صيفا.. جاءوا في شتائه
بشوق الى لاهوتهم وتراثهم
يجمع شملهم ويوحّد بينهم
وإذا سفينةُ النقاشِ مالَت
قمتَ ربّانًا يقوّم مسارها
****
يا مسافرًا ولم تسافِر
حاملاً رسالةً من أرضِ القداسة
من مسلمين ومسيحيين
لكرسيّ القداسة:
بعد العام الخمسين
احتفلنا بوثيقة الحوار " نوسترا ايتاتي"
ومعًا في سنةِ الرحمةِ
لكلّ أعمالِ العنفِ والقتلِ ندين
وكلّنا يحترمُ موقفكم
من قضيةِ فلسطين
فهناكَ خلفَ الجدار
شعبٌ يعاني الفقرَ والظّلمَ
ويعيشُ احتلالَ الحصار
وأهلُ القدسِ يطالهم التّهجير
ويُحرمونَ العدالةَ والعيشَ الأمين
كلّ يحتاجونَ إلى صلاةٍ
تحرّرُهم من قيودِ المحتلّين
ربّنا.. آمين
***
يا مسافرًا ولم تسافِر
لم تأخذكَ روما منّا
إنّما نحن أخطأنا
حين تركناكَ تجاهدُ وحدك
فكنتَ تحملُ الأعباءَ وتمضي
وتذكرُ مَن يستحقُّ التكريم
ونحنُ نعتزُّ بكَ ونفاخِر
وتناسَينا أنكَ بشرٌ مثلَنا
وعندَ موعد تكريمك غفَونا
فارَقتنا ونحنُ غافلون
في ساحة صخرة الايمان
هناك.. هناكَ قتلَك الحبُّ
وضمّتكَ روما إلى حضنها
واستعادتكَ بيتَ لحمٍ مواطنا
أمّا نحنُ .. صحونا وما صحونا
أنّ جريسَ خسرنا
" لقاءنا" خسرنا
.. وخسرنا
(شباط 2018)
اشارات:
• د. جريس سعد خوري، باحث ومحاضر ومفكر فلسطيني، أسس وأدار "مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأراضي المقدسة" على مدار أكثر من 30 عاما. له عدد من المؤلفات والمقالات. توفي بنوبة قلبية حادة في ساحة الفاتيكان يوم 3 شباط عام 2016 حين كان يستعد للقاء قداسة البابا مع وفد فلسطيني اسلامي – مسيحي من مركز اللقاء.
نوسترا ايتاتي: الوثيقة التي أصدرها بابا الفاتيكان، بولس السادس في الثامن والعشرين من أكتوبر 1965 إعلانا تاريخيا بتصالح الفاتيكان مع الأديان الأخرى في العالم، وقد نظم مركز اللقاء احتفالا بذكراها الخمسين.
صفرونيوس وعمر: صفرونيوس هو بطريرك القدس الذي تسلم من الخليفة عمر بن الخطاب (ر) العهدة العمرية بعد فتح القدس، وقد وضع المرحوم بحثا علميا بعنوان " كتاب البرهان في تثبيت الايمان"، كان مؤلفه الأخير.