تعمّ الاحتفالات أرجاء العالم، مع حلول عيد الميلاد المجيد ورأس السّنة، لبست الشوارع والساحات وسطوح البيوت حلة من الأنوار، وتعالت أصوات أجراس الكنائس وبابا نويل بزيه المميز، والأولاد يلحقون به للحصول على الهدايا
وصدى أغنية فيروز زهرة المدائن يملأ الجو ويزيده فرحًا
هذه الأجواء المميزة تأخذنا لنرتاح فترة وجيزة من أوضاع واقعنا المرير، وتبعدنا عن هموم مشاكل ومتاعب هذه الحياة الشائكة وأوضاعها المُقلقة، حيث كاد ينعدم الأمن والأمان والاستقرار، الأمر الذي يتطلب وقوفنا على هذه المحطة مطولا لنُحاسب ضميرنا ونحتفل بهذا العيد وبقية الأعياد كما كان متبعًا في الماضي، نُقدره ونعطيه حقه وهيبته، نحترم معانيه وليس كما هو الحال في الآونة الأخيرة، بحيث كادت تختفي بهجة العيد ومعانيه السامية وتسيطر علينا اللا مبالاة والفتور، ونهتم بالمظهر بعيدًا عن الجوهر
وأنا أتساءل، في هذه الأيام، كيف يمكن أن نغمض أعيننا، ونضيء أشجارنا وننسى ونتناسى ما يحدث، وعلى سبيل المثال في دولة مجاورة كلبنان، حيث يتم تزويج طفلة قاصر ما دون العاشرة! بدعم وموافقة أهلها الذين لا يمكن أن نعتبرهم بشرا، إنهم مجرمون ولا يحق لهم العيش، بالإضافة إلى مئات الطفلات ما دون الثالثة عشر اللواتي أصبحن أمهات لولدين وأكثر، ناهيك عن مشاهد تهز وتقشعر الأبدان وتدمع العيون من أعمال عنف بحق الأولاد، سجنهم، وربطهم بحجة تربيتهم
فكل من شاهد برنامج للنشر وخط أحمر بالقلم العريض على شاشة التلفزيون اللبناني شاهد بأم عينيه ما لا يُصدّق من أعمال وحشية واعتداءات على القاصرين وكيف حرموا من الطفولة وحنان الأم
فهل هناك أصعب وأقسى من هذه المشاهد المؤلمة والمقلقة
وبالمناسبة، دائمًا نتكلم عن سباق التسلح، الحروب، الإرهاب والعنف، والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك عنف وإرهاب وقتل أكثر مما تقدم؟ إن ما نحن في أمس الحاجة إليه هو محاربة هذه الظاهرة المقلقة والآخذة بالانتشار، بمؤازرة العالم الحر والمؤسسات على اختلافها والجمعيات والحكومات وكل أفراد المجتمع أن نضع حدًا لهذه المشاهد وإنزال أقسى العقوبات بحق كل من ساعد، ساهم، وشارك في هذه الجرائم
مع أمنياتي أن يُبشر لنا العام الجديد بحلة جديدة، خالية من العنف والدمار والصراعات بين الدول ووقف ماكنة القتل والدمار، وعدم انتهاك حرمة الانسان وحرّيته، والتصدّي لسلبه أبسط الحقوق، والعمل على تحقيق الوفاق بين أفراد الأسرة الواحدة التي غدت اللغة بينهما لغة التجريح
أعاده الله على كل أصحاب الضمائر الحيّة ومحبي الحرية والعدالة، بكل خير وسلام