الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 00:02

ضائقة الأنوثة/ بقلم: أسيل منصور

كل العرب
نُشر: 24/11/17 22:18,  حُتلن: 10:54

نطل على عالم اليوم لنرى المرأة تصارع الحياة تماماً كالرجل ، تخوض مجالات عمل الرجال ، تعارك معاركهم وتضطر لأن تضحي بأنوثتها في سبيل تحمّل ما يصعب على "الأنوثة الكاملة الطبيعية" تقبله.

حضرت في مكان عملي موقفاً جعلني أفكّر كثيرا في "الأنثى الجديدة"، لقد حطّ أحد المسؤولين من قدر أحد العاملين وأذلّه وأحرجه بسبب عدم خبرته في إتمام فحص معيّن. كنت في نفس الغرفة ، التزمت الصمت وفكّرت في ردّ فعل هذا العامل، لقد بقي هادئاً وحافظ على برود أعصابه بل كَأَنّ الكلام القاسي ووابل المصطلحات الهجومية لم توجّه إليه والأدهى من ذلك أنّ هذا الموظف استمرّ في عمله، أكمل شرب قهوته ولَم أر أنّ ما حدث قد عكّر مزاجه بل إنّه تبسّم أيضاً ومن حديث جرى بينه وبين موظف آخر كان في الغرفة بعد خروج المسؤول اعترف أنّه لم يشعر أنّ الهجوم كان على أساس شخصي بل كان على صعيد العمل وأنّه لم يتأثّر وقد راقبت لغة جسده وفهمت أنّه صادق.

لو نفرض للحظة أنّ الطرف المنتقد كان أنثى بكامل الأنوثة هل كانت ردة فعلها ستكون مشابهة؟، أعني، هل كانت ستتفهم أنّ الانتقاد ليس شخصيا، لا يمسها هي بل هو انتقاد عادي وُجِّه لمصلحة إتمام العمل على أكمل وجه وحتى لو تفهمت الأنثى سبب توجيه هذا الانتقاد القاسي هل كانت لتستطيع أن تتحمّل الكلمات القاسية لتستمر في شرب القهوة ولتستمر في العمل بشكل طبيعي وعادي?! أنا أشكّ في هذا !!

أعلم أنّ هناك فروقات فردية وأنّ في بعض الناس قدرة على احتمال ضغوطات الحياة بشكل مختلف ولكن أنا أقارن هنا بين الرجل والمرأة الأنثى العادية المبنية من خلطة وتكوين يجعلها صالحة لأن تكون أمّاً تربي كل المجتمع.

تلك الأنثى التي يصفها القرآن بالآية الكريمة "أمّن يُنشّأُ في الحلية وهو في الخصام غير مبين". الأنثى العصرية اضطرّت لأن تكبح جماح مشاعرها ، تضحي بشيء من إحساسها وطبيعتها ، لتصبح أكثر آلية وتمسي أقل أنوثة وأكثر رجولة حتى تكون قادرة على تحمّل ضغوطات الحياة خارج قوقعة وفقاعة الحماية التي يجدر كان حسب الفطرة وسنة الخلق أن يزودها بها الرجل ليجعلها تعيش ما خُلقت لأجله في بيئة تناسبها وأعمال تقرّ عينها فيها مثل معلمة روضة ، مصممة أزياء نسائية، فنانة ترسم وتطلق العنان لروحها الخلّاقة المنسجمة مع وظيفتها كأم وكزوجة وتبدع بدون أن تضطر لأن تخرج عن طور تكوينها وهنا أصبحت أنوثة المرأة في ضائقة وأزمة حقيقية وصار الرجل يشعر بالتعجب من هذا التغيير رغم تقبله بل وترحابه وفتحه الأبواب وسماحه له عندما وافق وبارك أن تعمل أخته ، ابنته أو زوجته في مجالات تضطر فيها لأن تعارك معارك الرجال وتتحمّل مواقف لن تستطيع تحمُّلها إن لم تدخل بعض الماكياج والريتوش على تلك الأنوثة حتى اختفت بشكل شبه كليّ وكادت تكون معدومة في أيامنا هذا وباتت المرأة العصرية مخلوقا جديدا يعاني من أزمة في الهوية وبعدها نرى الطامّة في عدم تقبل الرجل لهذه المرأة الغريبة والشاذة بنظره واستغرابه من جريمة من صنع يديه..مع الأسف بعض الحالات غير قابلة للتغيير وتطال ويلات أزمة وضائقة الأنوثة كثير من البيوت وبنظري ما تحتاجه الأنوثة حتى تخرج من ضائقتها هو رجل أكثر رجولة وأكثر حزما وأكثر تفهما وأكثر سيطرة على زمام الأمور ليساعد الأنثى في عيش حياة كريمة "تخلق" فيها هي البشرية المعطلة من جديد وتعيد لها عبر فرض أنوثتها بكل معانيها إنسانيتها المفقودة!!

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة

.