الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 04:01

مِسكين أنت يا معلّم اليوم/ بقلم: زهير دعيم

كل العرب
نُشر: 04/10/17 13:06,  حُتلن: 14:22

زهير دعيم في مقاله:

الهاتف النقّال نعمة وأكثر، إن نحن عزفنا على وتر المحبّة والانسانيّة والايجابيّة ولكنه يُضحي نقمة ولعنة وتجريحًا إن نحن عزفنا على وتر التصيُّد والاصطياد في الماء العكر

لفت نظري خبر يحكي عن مُربّ قضى في مهنة التدريس والتعليم اكثرمن اربعين سنة ،وسُمعته كما المسك - كما يحكي عنه العارفون- وقد صوّره أحد الطّلاب وهو يغنّي في الصّف

من حقّه أن يفرح، فلا يعرف قيمة نجاح الطلّاب إلّا المعلمون والأهل

القضيّة ليست هذا المعلّم الذي غنّى، بل أضحت القضيّة عملية التدريس والتعليم كلّها، فقد كبّلنا أيادي المعلّمين بهذه الكاميرات " الوقحة" فأضحى " المِسكين" فُرجةً للجميع ويا ويله إن اخطأ في امر ما أو تصرّف تصرّفًا قد يراه البعض خارجًا عن اللياقة التي يفهمها

المدرسة في ورطة ، والعمليّة التعليميّة والتربوية في ورطة أيضًا ، فلال تستغرب أن تسمع وتقرأ أنّ طالبًا ما استعمل غاز الفلفل في الصّفّ أو اعتدى على معلّمته او معلّمه أو مديره

قد يكون الهاتف النقّال نعمة فعلّا بتقنياته وكاميراته ومضامينه وأعماق أعماقه، فهو يربطنا بالعالم، ويحمل لنا الخبَرَ السّاخن والطّازَج في عين اللحظة التي يولد بها. نعم انّه نعمة وأكثر، إن نحن عزفنا على وتر المحبّة والانسانيّة والايجابيّة.

ولكنه يُضحي نقمة ولعنة وتجريحًا إن نحن عزفنا على وتر التصيُّد والاصطياد في الماء العكر، خاصّة في أرضية التربية والتعليم وحدائق المدارس وردهاتها وغرفها؛ فالمعلّم ة أضحى مُمثِّلًا يزن كلّ حرف وكلّ حركة وكلّ ايماءة ـ وإلّا فكاميرات الجوّالات ( البلفونات) تلاحقه إن ضحك أو جاء بنكته ترفيهًا أو حضر الى الصّفّ بقميص الأمس.

لقد انعدمت العفويّة وطارت الابوّة الجميلة، وهربت الانسيابيّة الرائعة الى غير رجعة ، فكلّ شيء مُراقَب، والكاميرات في الصّف يتجاوز عددها الثلاثين وهي على أهبة الاستعداد للنشر بالبثّ المُباشَر ومن داخل قاعة الجلسات!

لفت نظري خبر يحكي عن مُربّ قضى في مهنة التدريس والتعليم اكثرمن اربعين سنة ،وسُمعته كما المسك - كما يحكي عنه العارفون- وقد صوّره أحد الطّلاب وهو يغنّي في الصّف. فقامت الدُّنيا ولمّا تقعد !
أتراه أجرم؟
ماهو الجرم الكبير الذي ارتكبه هذا المُربّي يا تُرى إن هو أطلق فرحته بنجاح طُلّابه ببيت من العتابا ؟!!
هل أصبح الغناء مُنكرًا ؟!
هل يحرم المعلّم من أن يكون انسانًا يُغنّي ويفرح ويغضب ويأتي بالطُّرفة والفكاهة أحيانًا للترفيه؟
أرتريدونه روبورت؟
وبرّر المعلّم إيّاه غناءه بأنّه جاء تعبيرًا عن فرحته بنجاح طلّابه .
فأين المُشكله إذًا ؟

من حقّه أن يفرح، فلا يعرف قيمة نجاح الطلّاب إلّا المعلمون والأهل ،اسالوني أنا – الذي قضى37 عامًا في التدريس - فإني أرفع رأسي شممًا حينما أصادف أحد طلّابي وقد أصبح طبيبًا أو مهندسًا أو عالِمًا يُشار اليه بالبنان.  فنجاح الطلّاب هو " شبع" للمعلّمين ولّذّة.

القضيّة ليست هذا المعلّم الذي غنّى ، بل أضحت القضيّة عملية التدريس والتعليم كلّها، فقد كبّلنا أيادي المعلّمين بهذه الكاميرات " الوقحة" فأضحى " المِسكين" فُرجةً للجميع ويا ويله إن اخطأ في امر ما أو تصرّف تصرّفًا قد يراه البعض خارجًا عن اللياقة التي يفهمها..ناسين او متناسين ان المعلّم بشر لا ملاك.

المدرسة في ورطة ، والعمليّة التعليميّة والتربوية في ورطة أيضًا ، فلال تستغرب أن تسمع وتقرأ أنّ طالبًا ما استعمل غاز الفلفل في الصّفّ أو اعتدى على معلّمته او معلّمه أو مديره.
الامور اختلطت بالفعل ، وأضحى المعلّم والذي من المفروض أن يكون القائد ؛ أضحى مقودًا ينظر الى الارض بدل أن يُكحّل عينيه بالسماء.
مِسكين أنت يا معلّم اليوم !!!...مِسكين...
ومحظوظ أنا الذي" فررت " قبل أن أقع في مصيدة البلفونات وأخلاق البلفونات.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة

.