الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

طي الأزمة القطرية مؤقتا/ بقلم: سلمان الدوسري

كل العرب
نُشر: 19/07/17 08:47

سلمان الدوسري في مقاله:

الدول الرباعية ثابتة على مواقفها وتقول إن هناك اتفاقية وقّعتها الدوحة عام 2014، ولم تلتزم بها وآن الأوان لأن تفعّلها، وأي وساطة أقل من ذلك فهي غير مقبولة

واحداً بعد الآخر، غادر وزراء الخارجية الغربيون المنطقة غير قادرين على تقديم ما تراهن عليه الدوحة، مواقف السعودية ومصر والإمارات والبحرين ثابتة، والرؤية واضحة، والالتزامات معروفة

45 يوماً على الإجراءات التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد قطر. وساطة كويتية سعت وحاولت واجتهدت وأفشلها الطرف المعزول منذ اللحظة الأولى بتسريب مطالب الدول الأربع، ثم القفز عليها وعدم التجاوب مع أي من بنودها. طاف وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا المنطقة، ولم يكن حظهم أفضل من الكويت.

الدول الرباعية ثابتة على مواقفها وتقول إن هناك اتفاقية وقّعتها الدوحة عام 2014، ولم تلتزم بها وآن الأوان لأن تفعّلها، وأي وساطة أقل من ذلك فهي غير مقبولة. قطر بالمقابل تصرّ على ألا تنفذ ما وقّعت عليه والتزمت به، وتعلن ذلك رسمياً وتفاخر به، وتعتقد أن رهانها على الوقت كفيل بتغير موقف الدول الرباعية، وأن احتياطي من 300 مليار دولار قادر على إنقاذها في مواجهة مقاطعة جيرانها. إذن، ما دامت الدوحة تؤمن بقدرتها على المواجهة الطويلة وتصرّ على عدم تنفيذ المطالب، وما دامت الدول الرباعية تؤمن بأنها أغلقت باباً للشر استمر مفتوحاً ردحاً طويلاً من الزمن، فلا مناص من طي ملف قطر بعد أن أضحت وحيدة منبوذة، حتى تعود لها الذاكرة، وتتعاطى بجدية وعقلانية مع الأزمة، فمن دون تغيير عقيدتها السياسية سيكون من مصلحة جيرانها مواصلة البحث عن مسار منفصل عن المسار القطري.

مجلس الوزراء السعودي أكد موقفه الثابت في استمرار إجراءات الدول الأربع، إلى أن تلتزم السلطات القطرية تنفيذ المطالب العادلة كاملة، التي تتضمن التصدي للإرهاب، وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، وهو موقف لم تتزحزح عنه الدول الأربع منذ اليوم الأول للأزمة، في حين قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في كلمته أول من أمس في تشاتام هاوس في لندن: «نريد حلاً دائماً وليس حلاً يطيل الأزمة... الدبلوماسية ستبقى مسارنا الوحيد، وقد قلنا في السابق إننا لن نصعّد الأمر بما يتجاوز الإجراءات السيادية التي يكفلها لنا القانون الدولي»، فعلاً الحل الدائم لإعادة تأهيل النظام في قطر يحتاج إلى أن تمضي الدول الأربع في قرارها بتقليم أظافر السياسة القطرية، التي لخبطت كثيراً حتى سالت الدماء في كل مكان، فأي حل مؤقت سيفاقم الأزمة، وستعود المنطقة إلى نقطة الصفر مرة أخرى، ومن دون حل دائم وجذري لن تنتهي القضية، وستستمر بشكل أخطر مما هي عليه حالياً، الفرق أن السياسة القطرية هذه المرة ستسير في غرفة مظلمة، ستمضي في دربها وحيدة ومعزولة، ولن تستفيد من روابط استغلتها بشكل مريع لضرب الأمن القومي لجيرانها، ما نجحت به الدول الأربع أنها قطعت نصف الطريق على قطر، أما النصف الآخر فستستكمله عندما ترغب الدوحة في العودة وتطبيق الالتزامات المنوطة بها، الأكيد أن قطر التي وصفها قرقاش بأنها تتصرف منذ عام 1995 مثل «ثائر يبحث عن قضية»، وأنها عثرت على ضالتها تلك في الحركات المتطرفة، لن تستطيع مجدداً القيام بهذا الدور الثوري، كما لن تستطيع بعد اليوم أن تشعل الحرائق في كل المنطقة، ثم تكون الوحيدة التي تمتلك سيارة الإطفاء!

واحداً بعد الآخر، غادر وزراء الخارجية الغربيون المنطقة غير قادرين على تقديم ما تراهن عليه الدوحة، مواقف السعودية ومصر والإمارات والبحرين ثابتة، والرؤية واضحة، والالتزامات معروفة. شيئا فشيئاً تتقلص خيارات الدوحة، ولم يعد العالم يهتم بأزمتها، باستثناء تركيا وإيران، الأيام تمضي وقد وجدت نفسها وحيدة معزولة بعد أن انفض الجمع، فإن كانت قادرة كما تدعي على مواجهة الإجراءات المتخذة ضدها، فهذا قرارها وخيارها، والأشهر المقبلة ستكون اختباراً عسيراً لمزاعمها، والوساطة الكويتية قائمة إن بحثت عن حل وليس إضاعة وقتها بجولات دولية، أما الدول الأربع فيكفي أنها استمرت تعطي الدوحة الفرصة تلو الأخرى، ومنحت أزمتها الأولوية على أزمات أخرى، طمعاً في أن تعود «الشقيقة»، آن الأوان أن تسير في طريقها دونها، فلديها من الملفات والأزمات الكثير في المرحلة المقبلة لتركز عليها بعيداً عن قطر التي اختارت عزلتها بنفسها. 

نقلا عن الشرق الأوسط

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

 

مقالات متعلقة

.