الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 01:02

فيلم بر بحر والمشكلة الحقيقية!/ بقلم: توفيق نجار

كل العرب
نُشر: 20/02/17 19:13,  حُتلن: 19:21

توفيق نجار في مقاله:

قد يكون النقد من حسن حظ الفيلم خصوصًا أنه مر شهر ولا زال يشغل الخلق والعباد

لن أتطرق لمن انتقد ولديه ملاحظات حول بعض الأحداث أو المشاهد او لمن تحفظّوا أو انتقدوا ظواهر عرضها الفيلم، بل سأكتفي فقط بالتطرق لمن عارض الفيلم 

نقاشنا مع هؤلاء الذين يدورون في فلك الجنس ليس حول نقدهم للفيلم لأنه لا ينتقد الفيلم أصلًا، انما حول رفضهم الاعتراف بما يعكسه بر بحر من واقع ومحاولتهم وضع حدود لحرية المرأة

نحن أبناء العالم الواسع ولدنا وكبرنا ونعيش بعصر تكوين القرية العالمية وسهولة التنقل وسرعة التواصل، نحب الحياة بطولها وعرضها، بفجورها وتقواها، نصّر على توثيق مشاعرنا نعبّر عن ما يراودنا من أبسط الأشياء كتناول القهوة حتّى أعقدها حميمية

منذ عرض فيلم - بر بحر- ومفاتيح "الكيبورد" والأصابع كما الشفاه في قمّة السخاء. قيل وكتب الكثير مع ميل الدفّة قليلًا الى الإيجابي اكثر منه الى السلبي. وقد يكون النقد من حسن حظ الفيلم خصوصًا أنه مر شهر ولا زال يشغل الخلق والعباد. يحكي الفيلم قصصا تصير بواقعنا، مع القاء الضوء على العنف الذكوري بأشكال عدة تحدث بوسطنا، هكذا تشير المعطيات التي تنشرها المؤسسات النسوية والحقوقية وهذا ما نشهده ونسمع عنه ونتناقش حوله.


لن أتطرق لمن انتقد ولديه ملاحظات حول بعض الأحداث أو المشاهد او لمن تحفظّوا أو انتقدوا ظواهر عرضها الفيلم، بل سأكتفي فقط بالتطرق لمن عارض الفيلم من المشاهدين او غير المشاهدين الذين لم يَروا في الفيلم (الواقعي) سوٓى خدش للحياء وتشويه لصورة المرأة العربية في البلاد، إلى حدّ إغراق الممثلات وأدوارهن بعبارت على شاكلة "ممسوخة هويتهم" او "راضعون الانحراف والإباحية والشذوذ الجنسي".

نقاشنا مع هؤلاء الذين يدورون في فلك الجنس ليس حول نقدهم للفيلم لأنه لا ينتقد الفيلم أصلًا، انما حول رفضهم الاعتراف بما يعكسه بر بحر من واقع ومحاولتهم وضع حدود لحرية المرأة، فلا يقبل أحدهم الفكرة أصلًا اذ برأيه بر بحر "لا يُلامس ولا حتّى ذرّة واحدة من الواقع !" حيث لم يرق لهؤلاء ما تضمّنه الفيلم من تجسيد للمجتمع ومن عرض قصص تشبه قصص الكثير من شبّاتنا وشبابنا، فثاروا كما ثاروا كذا مرّة قبل.


هذه هي حال مجتمعنا شئنا ذلك أم أبينا. لا يزال موضوع حريّة المرأة والحرية العاطفية والجنسية، حتّى وان كان إطاره تربويًا أو علميًا أو توعويًا بحتا، من ضمن "التابوهات". وقد يبدو هذا الأمر بالنسبة لشريحة واسعة من أبناء شعبنا كتجسيدٍ فاضحٍ لإزدواجيّة المعايير، سيّما وأننا نعيش بعصر العولمة والعولمة الثقافية وبتفاعل مع مجتمع اسرائيلي وعالم عربي "مدمنيْن" على اقتباس الغرب بمختلف المجالات، ومع قناة مفتوحة عبر التطبيقات والبرامج المستوردة والمواقع والفضائيات والافلام، ومن ثم باتساع العولمة الاقتصادية وصعود المجتمع الاستهلاكي خلال العقدين الأخيرين. لكن الاعتراض في جوهره لا في شكله ليس كما يريدون اظهاره بأنه اعتراض على رموز يتضمنها فيلم عالمي من صناعة محلية لا تحاكي ذوق المجتمع العربي او تمثله، بل اعتراضهم بجوهره لكون الفيلم يروي عن ثلاث نساء تفاصيلهن الحياتية والعاطفية ورغباتهن الجنسية والنفسية. فالمشكلة هنا ليست مشكلة "قيم اخلاقية" مقابل "فلتان". وإلّا، كانت قد قامت الحملة ضد فئات واسعة من شبابنا وشبابنا المتعلم بالداخل والخارج ومنهم من يوثقون حياتهم على رؤوس الأشهاد عبر تطبيقات التواصل، بل المشكلة هي حريّة المرأة العربية بجسدها بالأساس، نقطة.

أوّلًا وأخيرًا، نحن أبناء العالم الواسع ولدنا وكبرنا ونعيش بعصر تكوين القرية العالمية وسهولة التنقل وسرعة التواصل، نحب الحياة بطولها وعرضها، بفجورها وتقواها، نصّر على توثيق مشاعرنا نعبّر عن ما يراودنا من أبسط الأشياء كتناول القهوة حتّى أعقدها حميمية. نسعى ونأمل، نؤمن بالإنسان فينا ولسنا نحن بل عصرنا بكيفه وكمّه يتعدّيان ما يحاول بعض المتطرفين رسمه لمجتمعنا.

تتبدل وجوه الرجعية ولكن الحياة أزهى وأقوى.


* توفيق نجار  - اكاديمي في معهد الهندسة التطبيقية (التخنيون) 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة

.