نايلة تويني:
النظرة الى التطورات تدفع الى القلق، فهل ثمة من يريد ضرب التسوية في لبنان، أم ثمة من يعيد لبنان ساحة لتبادل الرسائل، وأرضاً لحروب الاخرين؟
عودة "حزب الله"، بعد هدنة موقتة، الى التدخل في شؤون الخليج سواء في اليمن أو البحرين أو في مناطق سعودية داخلية، لا تفهم إلّا من باب ازمة النظام الايراني
لعل الامر الابرز الذي طبع الاسبوع الماضي هو اعادة التشويش على علاقة لبنان بالدول العربية وتحديدا بالمملكة العربية السعودية، والاساءة الى رئيس الجمهورية الذي بدأ زياراته الخارجية من بوابة الرياض، عاملاً على اعادة ربط لبنان بمحيطه العربي، واعادة العلاقات الى سابق عهدها، بما يحصن البلد، ويحمي ابناءه المنتشرين في دول الخليج العربي، ويحفظ اقتصاده من السقوط المريع، والذي يقوم على عامل التحويلات الخارجية ولا سيما من الدول العربية.
ان عودة "حزب الله"، بعد هدنة موقتة، الى التدخل في شؤون الخليج سواء في اليمن أو البحرين أو في مناطق سعودية داخلية، لا تفهم إلّا من باب ازمة النظام الايراني الذي يفتش عن مخارج وخصوصاً في ضوء التوتر الذي يسود علاقته بالادارة الاميركية الجديدة، وتالياً فانه يثير الشكوك مجددا في سياسة "حزب الله" اللبنانية. ذلك أن كل احتضان للحزب ومقاومته يجب ان ينطلق من اقتناع بان الحزب لا ينفذ اجندات خارجية، ولا يحرك اليته العسكرية وفق المصالح الايرانية، خصوصاً ان الحزب تجاوز حدوده اللبنانية منذ زمن بعيد، وصار طرفاً في الحرب الدائرة في سوريا. وهو بدل خطابه التبريري أكثر من مرة في هذا الخصوص، اذ بدأ تدخله انطلاقا من حماية الاماكن الشيعية المقدسة، ثم تطور الى الدفاع عن النظام، ومحاربة الارهاب، وحماية الحدود اللبنانية. وهذا التدرج في المواقف لا يقنع معظم اللبنانيين الذين لا يوليهم الحزب اهتماماً بالغاً أصلاً.
أما التهديدات لإسرائيل، فليس واضحاً هدفها، الا الظروف الايرانية اياها، وهذا التوقيت يضر بلبنان الذي يجهد ابناؤه المنتشرون، قبل السياح، الى حجز مقاعدهم لزيارته في فصل الصيف، ويقلقهم الايحاء بان ثمة حرباً جديدة على الابواب، خصوصا انهم لم ينسوا بعد حرب العام 2006 في ذروة الصيف عندما هرب معظمهم بحراً الى قبرص ومن هناك الى أماكن اقامتهم. ان الرد على اسرائيل بالموقف أمر سيادي، وكذلك بالسلاح عند قيام الحرب، شرط عدم افتعال تلك الحرب خدمة لاهداف خارجية. وقرار الحرب يجب ان يتحول من ارادة حزب الى قرار وطني عام تقرر فيه الدولة، اذا كانت تحل نزاعاتها بالتفاوض المباشر أو عبر المنظمات الدولية، لان الحرب ليست قراراً محتماً، وليست نزهة، وليست قرار مجموعة من الناس تخوضها وتجعل المواطنين كافة يدفعون أثمانها.
النظرة الى التطورات تدفع الى القلق، فهل ثمة من يريد ضرب التسوية في لبنان، أم ثمة من يعيد لبنان ساحة لتبادل الرسائل، وأرضاً لحروب الاخرين؟
نقلا عن جريدة النهار
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net