رصد موقع العرب وصحيفة كل العرب العديد من المواقف الإنسانية، أثناء الحملة، والتي عبّر من خلالها الفحماويون عن انتمائهم والتحامهم بإخوانهم السوريين في مواجهة الظلم والتهجير والتدمير الذي طال مدينة حلب السورية
أطلقت مؤسسة القرض الحسن في مدينة أم الفحم، يوم الجمعة الماضي حملة إغاثة للمنكوبين في مدينة حلب السورية، كانت بعنوان "أغيثوا العائلات المنكوبة والمشردة في حلب".
أطفال يتبرعون لأهالي حلب في أم الفحم
وقد جمعت الحملة خلال يومي الجمعة والسبت أكثر من 800 ألف شيكل، وهو ما وصفه القائمون على الحملة بالإقبال منقطع النظير من قبل الأهالي، على حملة من حملات الإغاثة التي شهدتها أم الفحم خلال السنوات الماضية تلبية لنداء الواجب تجاه شعبنا الفلسطيني والشعب السوري الثائر على طاغية دمشق.
ورصد موقع العرب وصحيفة كل العرب العديد من المواقف الإنسانية، أثناء الحملة، والتي عبّر من خلالها الفحماويون عن انتمائهم والتحامهم بإخوانهم السوريين في مواجهة الظلم والتهجير والتدمير الذي طال مدينة حلب السورية. وقد هبّت النساء للتبرع بحليهن، والأطفال بمدخراتهم نصرة لحب المنكوبة، بينما أقبل المصلون في مساجد المدينة، الجمعة، على التبرع بصورة غير مسبوقة، حيث فاقت التبرعات بعد عدة ساعات من انطلاق الحملة أكثر من 250 ألف شيكل.
هذا والتقينا بعدد من القائمين على الحملة، الذين توزعوا على حارات المدينة ترافقهم سيارات مزودة بمكبرات الصوت تهيب بالأهالي التبرع لإخوانهم في سورية.
اعتبر رياض عبد اللطيف، أحد القائمين على الحملة، أن إقبال الأهالي الواسع على إغاثة حلب المنكوبة، يشكل ما يشبه الإجماع الفحماوي المناهض لبطش نظام الأسد المجرم بالسوريين، كذلك يؤكد أن الأصوات الداعمة للطاغية المجرم ما هي إلا فئة قليلة لا تعبر عن الفحماويين ورفضهم للظلم والظالمين.
وأكد عبد اللطيف أن التجاوب مع الحملة جدد تأكيد الثقة الكبيرة بين المواطنين وبين مؤسسة "القرض الحسن" والقائمين عليها، لافتا إلى أن الإقبال كان كبيرا ولم يعهده خلال العديد من الحملات الإغاثية التي تطوع للعمل فيها في السنوات الماضية، ما يشير إلى حجم الوجع الذي يفطر قلوب الناس على ما تعرضت له حلب الشهباء على يد الاحتلال الروسي والإيراني وعميلهما النظام السوري.
وأعرب عصام جميل، متطوع فحماوي آخر في الحملة، عن شعوره بالفخر والاعتزاز لانتمائه لمدينة أم الفحم، وقال إنه فوجئ كثيرا بحجم الإقبال الهائل، مؤكدا أنها تكاد تكون أكثر الحملات إقبالا في تلك التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة. وأضاف: "كنا نرى الأطفال والنساء والرجال يأتون من مناطق بعيدة عن محطة استقبال التبرعات أو سيارات الحملة، ويجودون بأموالهم والحلي ومدخرات الأطفال، مع دعائهم في أن ينصر الله حلب وسورية على الظالمين والطاغية بشار الأسد". ونوه إلى أن التجاوب مع الحملة في المساجد كان لافتا يوم الجمعة، حيث فاقت تبرعات المصلين في عدد من المساجد بعد صلاة الجمعة الـ 25 ألف شيكل.
وأشار عصام جميل إلى أن الحملة ترجمت حقيقة الناس في خيرهم وعطائهم وإحساسهم بمعاناة إخوانهم في حلب، مضيفا: "شعرنا حتى بحزن الأطفال ووجعهم على أترابهم من أطفال حلب، رغم كل التضليل الذي مارسته أبواق العصابة الأسدية في موضوع الثورة السورية، كذلك فقد شعرنا بقوة الانتماء الديني والوطني لدى أهالي بلدنا الذين هبّوا لتلبية نداء الواجب نصرة لحلب المظلومة".
الدور الريادي لأم الفحم في العمل الإغاثي
بدوره قال القيادي الفحماوي أيمن سليمان، وهو أحد المتطوعين في الحملة، إن "الحملة تشكل استمرارا للعمل الإغاثي الرائد الذي اضطلعت به مدينة أم الفحم على مدار السنوات الماضية، سواء على مستوى إغاثة شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع، أو على مستوى التفاعل مع هموم الأمة العربية والإسلامية كما في الحملات المتعاقبة التي نظمت دعما للبوسنة والهرسك والأهل في سوريا وغيرها، فأم الفحم هي جزء من الجسد الواحد للأمة العربية والإسلامية، ومن الطبيعي والواجب أن تتصدى لنصرة الملهوفين والمنكوبين".
وتابع: "بعد ما جرى ولا زال يجري من تقتيل وتهجير، في عموم سوريا ومدينة حلب تحديدا، من قبل الاحتلال الروسي والميليشيات الإيرانية وعصابة الأسد، شعرنا أن هناك حاجة لإطلاق هذه الحملة، لأن نبض الشارع الفحماوي بث فينا هذه الروح، ولمسنا حجم التضامن مع نكبة حلب وسوريا من خلال الإقبال الرائع منقطع النظير من قبل أهلنا على تقديم أموالهم نصرة للشعب السوري".
وأشار سليمان إلى أن الحملة وضعت هدفا للوصول إلى مبلغ المليون، وأن هذه الأموال ستصل إلى مستحقيها من أهالي مدينة حلب، عبر المؤسسات والجمعيات الإغاثية الفاعلة في دول الجوار في العمل الإغاثي الموجه للشعب السوري.
ولفت إلى أن الحملة استقبلت التبرعات من معظم بيوت مدينة أم الفحم، مؤكدا أن الحديث عن انقسام فحماوي ما، في الموقف من الثورة السورية ودعم الحراك ضد النظام المجرم، هو حديث متوهم يصدر عن أصوات شاذة وموتورة، لم يكن لها أي تأثير على مستوى الحملة، منوها إلى أن الحملة كانت شاملة لكل أطياف المجتمع الفحماوي الاجتماعية والسياسية، وأضاف: "كان هناك تلهف ودعاء مع كل صدقة يضعها المتبرع بيد المندوب، ولمسنا بصدق الثقة الكاملة بالحملة والقائمين عليها، ونتطلع بإذن الله، ليكون هذا المشروع دائما، بحيث نطلق حملات موسمية تتفاعل مع الملّمات التي تصيب الأمة وفي القلب منها أهلنا في سوريا".
وشكر أيمن سليمان مؤسسة القرض الحسن على إطلاق الحملة، وكافة المتطوعين في الحملة، وقال إنه "رغم كون المؤسسة محلية، لكن صدى الحملة وصل إلى العديد من البلدان، وعلمنا أنها بصدد إطلاق حملات مشابهة بهذا الخصوص".
وتوجه سليمان بالشكر لأهالي أم الفحم، على ما جادوا بهم من عطاء وتبرعات.
خطبة موحدة نصرة لحلب
ومع إطلاق حملة التضامن والإغاثة لحلب، الجمعة الماضي، توجه القائمون على الحملة إلى أئمة المساجد في المدينة، بفكرة الخطبة الموحدة التي تحث المصلين على التبرع ورفع درجات تضامنهم مع حلب المنكوبة، وشهدت مساجد المدينة في أعقاب خطبة وصلاة الجمعة، إقبالا كبيرا على التبرع من قبل المصلين، وجمعت المساجد تبرعات فاقت التوقعات، حيث تضاعفت أموال التبرع عدة مرات، في كافة المساجد، مقارنة بما كان يجمع في مناسبات تبرع أخرى.
إلى ذلك، توحدت خطبة الجمعة في مساجد المدينة، وتطرق الخطباء إلى معاناة الشعب السوري ومدينة حلب تحديدا، وأدانوا إجرام الاحتلال الروسي والإيراني وميليشيات الأسد في حلب، والفظائع التي ارتكبت هناك بحق الأطفال والنساء والرجال، وحثوا الناس على التبرع كأقل تعبير عن التضامن والتعاضد الذي دعا إليه الإسلام، بين المسلمين في الملّمات.
وقال الشيخ توفيق جبارين، إمام مسجد "الملسا" في أم الفحم، إن التبرعات في المسجد تجاوزت الـ 10 آلاف شيكل، وكان تجاوب الناس مع الحملة مباركا جدا، مشيرا إلى أنه ركّز في خطبته على فضل أرض الشام وربطها بالقرآن الكريم، كما تطرق إلى الأحداث التي تجري في حلب وإجرام النظام، مؤكدا أن الحق في نهاية الأمر سينتصر بإذن الله.
الحملة مستمرة
وقال الناشط الفحماوي في مجال العمل الإغاثي، حازم اسماعيل، إن حملة نصرة الملهوفين والمنكوبين في حلب مستمرة، وتوقع أن تتجاوز التبرعات المليون شيكل.
وأعرب عن شكره لكل من تقدم بماله أو حليه من الرجال والنساء والأطفال، وشكر عشرات المندوبين الذين توزعوا في أحياء المدينة ترافقهم السيارات المزودة بمكبرات الصوت، أو الذين عملوا في محطات مختلفة في الأحياء والأزقة والشوارع، أعدت خصيصا لهذا لغرض الحملة.
وأكد حازم أن التضامن الفحماوي مع أهالي حلب فاق التوقعات فعلا، حيث وصلت الحملة إلى كافة أنحاء المدينة وأقبل عليها الناس من كافة الفئات. ونوه إلى أن مكتب "حفظ النعمة" في حي "عين النبي" لا زال يستقبل التبرعات من الأهالي.
بدوره أعرب فاروق عوني، عن تثمينه لعطاء الفحماويين نصرة ودعما للاجئين والمهجرين من حلب، وقال إن الكثير من الناس كانوا يبادرون للاتصال به وبالمندوبين في مختلف الحارات ويأتون بأنفسهم للتبرع قبل أن يصلهم المندوبون. واستعرض عدة محطات مشرقة ومواقف إنسانية خلال الحملة، منها تبرع الأطفال بمدخراتهم وصناديق التوفير، أو تبرع عدد من النساء بحليهن، واتصال عدد من الأهالي والتبرع بمبالغ كبيرة.
وأشار إلى أنه لمس خلال الحملة افتقاد الناس مجمل العمل الإغاثي الذي كانت ترعاه الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا، ومطالباتهم بإعادة الزخم للعمل الإغاثي والبحث عن بدائل في موضوع كفالات الأيتام التي أشرفت عليها الحركة الإسلامية. بدوره شكر القيادي الفحماوي الشيخ نائل فواز أهالي أم الفحم على ما جدوا به من حر أموالهم، وثّمن دور أئمة المساجد في حث الناس على التبرع، بحيث قدّرت التبرعات التي جمعت من المساجد وحدها بنحو 300 ألف شيكل.
وأكد أن جحم التفاعل مع إغاثة الأهل في حلب، كان كبيرا ومنسجما مع طبيعة الفحماويين الذين كانوا في طليعة المتبرعين والمتضامنين مع قضايا الأمة. وشدّد على أهمية الحملة في إبراز أن المسلمين كالجسد الواحد في تراحمهم وتعاضدهم ونصرة بعضهم البعض في المحن.
وتوجه الشيخ نائل بالشكر الجزيل لكل القائمين على الحملة، لا سيما مؤسسة القرض الحسن الفحماوية التي سنّت سنة حسنة بدأت عدة بلدان في الداخل الفلسطيني بالسير على خطاها.