الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 01:01

تفكيك خطاب الحريم في إمرأة الرسالة لرجاء بكريّة/ بقلم: بروفسور إبراهيم طه

كل العرب
نُشر: 19/12/16 11:37,  حُتلن: 08:21

 

ب.إبراهيم طه:

"إمرأة الرسالة" رواية  للكاتبة رجاء بكرية  وهي أول رواية فلسطينيّة نذرت نفسها للفكر النسويّ من الغلاف إلى الغلاف

* على بعد خطوة من الخِصاء
"إمرأة الرسالة" هي رواية حادّة وجريئة قد تعلق في أعلى الزور. خطاب غير مأنوس في أعرافنا الثقافيّة الحييّة، أرادته رجاء بكريّة نسويًّا نموذجيًّا خالصًا بدون تأتأة ولا طأطأة. وهو ليس نسخة ملطّفة ومخفّفة تلتفّ على جوهر الفكر النسويّ الغربيّ لتلائم الذائقة العربيّة الإسلاميّة المحافظة. لا، هي ليست كذلك. هي رواية نسويّة بالمفهوم العميق والمنجز للنسويّة الجريئة (Daring Feminism). حافظت رجاء بكريّة في هذه الرواية على مسافة خطوة واحدة فقط من التيّار النسويّ "العصبيّ" (Radical Feminism) الذي لا تتردّد الكاتبة فيه من خصي الذكورة بعنف ظاهر وشنّ حرب عظمى لتنتقم من المفهوم الفرويديّ العتيق "حسد القضيب" وكلّ تبعاته واجتراحاته اللاحقة. تيّار يستعذب رهاب المونولوج ويمقت لذّة الحوار، ساد في الستّينات والسبعينات في الغرب وتبرّأت منه النسويّة نفسها فيما بعد لينتقل إلى أدبنا قبل عقدين من الزمن.
تفكّك رجاء بكريّة في روايتها تفكيكًا واعيًا ومحسوبًا كلّ اشتقاقات "الحُرمة" و"الحريم" و"الحرام" و"السترة" و"العورة" و"العيب". هي أول رواية فلسطينيّة نذرت نفسها للفكر النسويّ من الغلاف إلى الغلاف. مثلما أنّ رواية "إنهيارات رقيقة" لهشام نفّاع هي أوّل رواية ميتا فلسطينيّة متكاملة يسعى فيها كاتبها إلى الالتفاف على الأنساق والأنماط الكتابيّة التقليديّة ليقدّم فهمًا خاصًا لعلاقة الأدب بالواقع. نعم، تحدث تغييرات مفصليّة في تاريخ روايتنا الفلسطينيّة المحليّة في العقدين الأخيرين. تغييرات تستوعب الجديد المختلف وتقتحم التجريب. وواجبنا النقديّ مرافقة هذه المتغيّرات بعقليّة منفتحة وذهنيّة علميّة واعية. وموقفي الشخصيّ من بعض تيّارات النسويّة لا يعني أحدًا غيري في هذا السياق.
"إمرأة الرسالة" هي رواية المرأة التي تحمل إلينا رسالة. والرسالة المغلقة التي تبعثها نشوة ظافر إلى غسّان صقر تبعثها رجاء بكريّة مفتوحة إلى كلّ من يطيق قراءتها. في هذه الرواية تفكّك رجاء بكريّة الجذر اللغويّ (ح ر م) وما يفرزه من مشتقّات كالحُرمة والحريم وما توجبه من ملازمة البيت والمطبخ وما تعنيه هذه الملازمة من مفاهيم السترة والاستقرار، والحرام وما يتبعه من تحريم الجنس خارج مؤسّسة الزواج، وتعرية الجسد وما تجرّه من عيب، والجهر بالصوت وما يعنيه من عورة وقلّة دين، ومحاسبة الفحولة وما تفرزه من قلّة حياء. وحين تفعل رجاء بكريّة كلّ هذا هي في الحقيقة تهزأ من المرجعيّات الدينيّة والاجتماعيّة التي تتّكئ عليها هذه المفاهيم.

1) المرأة والرسالة


عنوان الرواية يقبل محتملين اثنين: الموجود والمقلوب. ولماذا لم تقلب رجاء بكريّة عنوان رسالتها لتجعله "رسالة المرأة"؟ والإجابة المحتملة هي في أصلها لعبة تخمينات تفرضها ضرورات الشرح (Explanation) والتفسير (Interpretation) والتأويل (Signification/Exegesis). أما الشرح فيُعنى بتحديد الحقائق اللفظيّة في النصّ (من نحوٍ وبلاغة ومعانٍ قاموسيّة)، أما التفسير فيُعنى ببيان هذه الحقائق وتفصيلها وبيان معانيها النصيّة، أما التأويل فهو فعل ترجيح لأحد المحتملات الدلاليّة الناتجة عن هذه الحقائق، أو ترجيح بعض المحتملات على بعض.
في العنوان لفظتان تنتميان إلى عالمين مختلفين: إمرأة ورسالة، حيّ وجامد. والعلاقة بينهما هي علاقة إضافة تنضاف فيها المرأة إلى رسالتها، يصير فيها الحيّ موصولًا بالجماد. والعنوان كلّه جملة إسميّة، تحظى فيها المرأة بالابتداء، والابتداء تصدير حقّه الرفع. لكنّ هذه المرأة "نكرة في ذاتها" لا تتعرّف إلا برسالتها التي تُضاف إليها، ما يجعلها بالتالي مبتدأ. والمبتدأ أقوى من المضاف إليه. وتفسير ذلك، كما يبدو، أنّ الرواية تُعنى أساسًا بالمرأة ذاتها قبل عنايتها برسالتها. ولو قلبت الكاتبة عنوان روايتها لكانت الرسالة هي ما يحظى بالتصدير ولصارت عصب النصّ. لكنّ العلاقة بين المرأة ورسالتها هي حالة تعلّق وتعالق بالإضافة. والإضافة في النحو حقّها الخفض. والتعلّق بالمخفوضات، على نحو ما نراه في رواية رجاء بكريّة، يمنح المفردات قوّة وقيمة لا تتوفّر للواحد دون الآخر. وكأنّ الرسالة، هذا الكيان المخفوض بالإضافة، هي ما يجعل المرأة تستمتع بحقّ الابتداء وما يستوجبه من رفع، ومن هنا أهميّتها العامّة. الرسالة منجز متحرّك لأنها تتحرّك بمسار أفقيّ "من إلى"، ترسلها المرأة بالبريد إلى متلقٍّ. والرسالة بهذا المفهوم فعل توصيل. لكنها تعود إلى مرسلها، نشوة ظافر، بمسار ارتداديّ حين تتخيّل أثر الرسالة على متلقّيها. وهكذا تصير الرسالة فعل تواصل أيضًا بين المرسِل والمتلقّي أو بين المرسِل وذاته. أما تأويل هذا الكلام فيجعل الصوت جزءًا عضويًا من الحيّ، وليس رمزيًا فحسب. ما يعني أنّ الرسالة لا يمكنها أن تكون شيئًا جامدًا. هي جزء من بيولوجيا المرأة. هي صوتها المكتوب. والمكتوب أنفذ من المقول وأبعد وأبقى من الصوت المسموع. في التأويل يصير المخفوض رافعًا للمضاف مرتفعًا به بنفس القدر بالضبط. وهكذا في المحصّلة النهائيّة لا قيمة للمرأة بدون صوت رسالتها. الرسالة ليست فعلًا عابرًا في الرواية بل هي حالة مستمرّة، هي "مشروع" مرهِق كما تسمّيه رجاء بكريّة (ص 26)، إلى حدّ تحتفل الكاتبة عنده بطقوس إرسال الرسالة وما يرافقها من معاناة وهواجس (22 - 25). صوتها في الرسالة يمنحها حقًا في الوجود. قالت نوال السعداوي في كتاب لفادية الفقير إنّ طلاقها من زوجها الأول "أحمد حلمي" مردّه إلى رغبته في مصادرة صوتها. حين علم هذا الرجل بأنّ زوجته قد نشرت قصّة في إحدى الصحف المصريّة دون علمه أرعد وأزبد وخيّرها، بحقّ الزواج، بينه وبين القصّة فاختارت القصّة وتفكّكت مؤسّسة الزواج فورًا. والقصّة هي صوتها، هي رسالتها التي رفضت أن تتنازل عنها مهما غلا الثمن.
الرسالة تضمّ فعلين: الكتابة والقراءة. وعبر هذين الفعلين تسعى بكريّة إلى إعادة تشكيل الواقع وصياغته بشيء من الحريّة. في خطاب الكلام المباشر، الحكي الحيّ، قد يتحفّظ المتخاطبان أو يتردّدان فيأتي الكلام التفافيًا دبلوماسيًا ماكرًا. قد يتحايل التخاطب في الواقع على الحقيقة. أما في الرسالة المكتوبة بروح المونولوج، على نحو ما نجده في رواية رجاء بكريّة، فيكون الكلام أكثر صراحة وبراءة وعفويّة وما تفرزه هذه من فوضى. في الرسالة يأتي الكلام على سجيّته (ص 17). لا يربكهما التقاء الأعين! والرسالة بهذا المعنى توفّر شكلًا من أشكال الحماية. وحين تكون الرسالة على هيئة مونولوج ذكريات تتدفّق الكاتبة مع حركة الوعي فتمدّ الصوت وترفعه وتعمّقه على نحو ما سنراه لاحقًا. وهكذا يبدو لي من باب ترجيح المحتملات أنّ العنوان بصياغته الحاليّة أشمل وأعمق لأنه يبدأ من الأصل (ذات المرأة) إلى الفرع (رسالتها/صوتها) ليؤكّد بالتالي قوّة التلاحم بينهما. وهل ينفصل الإنسان عن رسالته؟


2) الحبّ لا الزواج


تبدو الراوية نشوة ظافر في الرواية مسكونة بالرجل. مادّتها الرجل ومشروعها الكتابيّ. الرجل يحتلّ قلمها ولسانها. تُجري معه حسابًا عسيرًا (30 - 31). خبرت الراوية تجارب عديدة مع الرجل في رام الله وعمّان ولندن وغيرها. والرجل هو الذي يعزّز أنوثتها، يمنحها الأنوثة في كلّ ما يفعل أو يقول حتى في قسوته معها (115). وحين ذهب الرجل بقيت الأنوثة. وهي في هذه الرواية تسعى لضمان أنوثتها في مرحلة ما بعد الرجل (67). تتجاوزه بتركيزها على الحبّ نفسه، لا على المحبوب، من باب حبّ الحبّ وحبّ طقوسه. نشوة تحتفل بحبّ غسّان أكثر من احتفالها به. الرجل هو الذي عرّفها على الحبّ فصارت مغرمة بطقوسه وعاداته ومستلزماته. صارت مغرمة بالفكرة، فكرة الحبّ، أكثر من ممارساتها. وعندما تحبّ المرأة فكرة ما بحقّ تصير هذه الفكرة جزءًا عضويّا من معتقداتها (33). صحيح أنّ هذا الحنين إلى عادات الحبّ وطقوسه مردّه إلى شعور بفقد وجوع. فقد الرجل والجوع إليه. الحبّ عندها شعور لا يموت حتى وإن مات المحبوب نفسه. والاغتراب وإن طال لا يقتل أكثر من هوامش العشق (113). إذا كانت المرأة ما زالت تشعر بأنوثتها بفضل التجارب التي انتهت مع الرجل فهي أقوى منه. وهذا النوع من الشعور الغريب بقوّة الكبرياء لا تشعر به إلا امرأة.
حين توثّق الراوية بالكتابة ذكريات حبّها مع غسّان فهي تسعى للتعويض عنه، لامتلاك ماضيه معها عبر اللغة. وحين تملك الذاكرة الموثّقة كأنها تستعيد بقايا الرجل الذي أحبّته وما زالت. الحبّ في هذه الرواية ليس ساذجًا بقدر ما هو محاولة لنقله إلى مستوى آخر من الإدراك، من الأرضيّ الملموس إلى الروح. ولا يمكنها أن تتغلّب على الرجل السجين إلا بعد امتلاكه باللغة. تنتهي الرواية بفصل مع غسّان وليس مع كاظم. غسّان هو المحطّة الأخيرة وإن لم يكن غسّان "الكبير" خيارًا مضمونًا فليكن هناك بديل عنه، فليكن غسّان "الصغير" هو البديل إن جاز التعبير وإن لم يجز. وكأنها تنقم من الكبير بالصغير. وهذا لن يكون إلا في عكّا. عكّا هي المعادل السياسيّ الوطنيّ لغسّان. لا هي تكتمل بغيره ولا هو بدونها. ولعلّ هذا ما جعلها تحفر اسم عكّا كآخر "ملجأ للذاكرة من السلب، وللحبّ من الفقد" (303). رجاء بكريّة حفرت بالتالي اسم غسّان في رحمها موصولًا بعكّا. وهما لا يكونان على انفصال بأيّ حال من الأحوال.
كنت أبحث في هذه الرواية عن امرأة نسويّة فتّاكة بمخالب فولاذيّة فلم أجد. ما أجده هو مسحوق امرأة مركّبة من مجموع شظاياها المتناقضة "ونزعاتها المتقاتلة" (101، 119 – 120). إمراة متشظّية بين كبريائها وحبّها الذي لم يبق منه إلا عاداته وطقوسه. إمرأة تسافر من حال الى حال، من القوّة الى الضعف ومن الضعف الى القوّة. وهذا التجميع أو التركيب هو ما يشكّل هويّتها الكليّة في المحصّلة الأخيرة. هي هويّة امرأة قويّة بهزيمتها. وهذا تناقض لا يُقال إلا عند الحديث عن المرأة. وهزيمتها أمام سطوة الرجل تمنحها من القوّة ما يكفي حتى تحاسبه حسابًا عسيرًا بصوتها ولغتها الخاصّة. من هنا حذّروا الرجل من ضعف المرأة. وهكذا كانت قوّتها في تجريب الرجل وهزيمتها أمامه ومحاسبته بكلّ ما أوتيت من حول ومنعة. وهذا هو نموذج المرأة النسويّة في هذه الرواية. هذا التوتّر في العلاقات التي تجمع المرأة بالرجل لم ينقلها إلى المرحلة التالية إلى إعلان حرب شاملة كليّة مدمّرة. لم تخصِه الكاتبة في نهاية الرواية. لم تعطّل ذكورته. لم تقتله وإن فكّت الارتباط به. فكّ الارتباط هو الخطوة التي تسبق الخصي والإعدام. فكّ الارتباط هو تشكيك صريح بجدوى مؤسّسة الزواج التي لم تكن أصلا (42، 53، 122). وهو العلم الذي تصرّ على حمله ورفعه الكاتبة المصرية منى حلمي (ابنة نوال السعداوي) في كثير من نصوصها بإصرار. هذا التشكيك والتفكيك يعني انشغال الكاتبة بالمرأة أولا وثانيًا. هي مشغولة بذاتها، بتكريس نأيها عن مفاهيم "الحريم" وحماية نفسها من إدمان دور الضحيّة. وبقدر ما لا تريد أن تلعب دور الضحيّة لا تريد رجاء بكريّة لعب دور الجاني أيضًا. لذلك هي لا تنشغل بهدم الذكورة وخصيها. على العكس تمامًا هذه الذكورة هي التي منحت الراوية أنوثتها والشعور بأنوثتها على امتداد الرواية كلّها، وهي نفسها التي توَّجت هذه الأنوثة بفكرة الأمومة المحتملة في نهاية الرواية. رجاء بكريّة مشغولة بمعاني البناء والتعزيز والترميم لا الهدم والتقويض والخراب. وهذا بالضبط هو ما منعها من السقوط في براثن النسويّة اليائسة العصبيّة الراديكاليّة التي ترفض المصالحة مع الرجل.

3) كتابة الشيء لا الكتابة عنه


"الكتابة عن" هي فعل تضامنيّ "يعاني" من بعض عمليات التجميل، والفتح والقطب. الرجل "يكتب عن" المرأة بقدر ما تسمح به المسافة الفاصلة بين الجاني والضحيّة. رجاء بكرية تكتب نفسها كفعل تمرّد وتحرّر. الراوية، التي تمثّل حال الكاتبة بصفة أو بأخرى، جاهزة لفعل التمرّد ضدّ الفحولة مذ كانت طفلة تشكّك بما يُقدّم إليها من أنصاف معلومات. من هناك بدأت ثقافة السؤال عندها بالتبلور السريع. وحين كانت تلحّ في السؤال كان أبوها يرسلها إلى النوم عقابًا لها وهربًا من أسئلتها التي لا تنتهي (39). نشوة ظافر ظلّت تسأل باستمرار حتى أدمنت السؤال.
في هذه الرواية الرسالة، كمنجز كتابي مجسّد، هي جزء من الدواء. التحرّر من حالة المحو، من حالة التعلّق الكلّيّ بالرجل المفقود. وهذه الرسالة ليست من النوع الرومانسيّ الساذج الحالم وإنما هي نوع من المكاشفات والمحاسبات الحادّة الصريحة. هي تكتب الرجل لا تكتب عنه (123). تدلق نفسها المتشظيّة على الورق لتعود وتتشكّل مباشرة عند ملامسة هذا الورق. هي تلبية لنداء هيلين سيكسو "اكتبي نفسك" في مقالتها الشهيرة "ضحكة الميدوزا" التي صارت وثيقة الاستقلال في الفكر النسويّ. تستجيب رجاء بكريّة لهذا النداء بجرأة وحدّة. تكتبه لتتحرّر من سطوته. وهذه نظريّة معروفة في علم النفس. الانكشاف على مصدر القلق يحصّن، يمنح الفرد حصانة ومناعة. هي نوع من التطعيم. تفكّك تعلّقها بالرجل لتتعالق مع رسالتها، مع لغتها وصوتها. وحين تكتبه تخرجه من عقلها ويتراخى احتقانها به. الكتابة تطهير. ونحن لسنا ساذجين إلى هذا الحدّ لنظنّ بأنّ رسالة الرواية تحيلنا إلى فعل التطهير في الكتابة فحسب. هذه فكرة صحيحة لكنّها ليست الوحيدة. بمعنى أنّ الكتابة في ذاتها لم تعد تشغل المرأة. كان هذا صحيحًا في البدايات، حين كانت المرأة لا تطمح إلى ما هو أكثر من التعبير في الكتابة. النسويّة في مراحلها الأخيرة لا تكتفي بردّ حقّها في الصوت المجرّد، أو انتزاع صوتها من الذكورة، بل تصرّ على أمرين: رفع الصوت، والإدانة. لم تعد الكتابة بالنسبة للمرأة جهازًا دفاعيّا بل صار جهازًا هجوميّا عنيفًا على نحو ما تفعله رجاء بكرية في رسالة روايتها. كان مجرّد الكتابة جهازًا تستردّ به المرأة شيئًا من روحها السليبة. الكتابة المجرّدة تمنحها إحساسًا بوجودها، أعني المجرّدة من أيّ صدامات مع الرجل وإدانات لذكورته وفحولته. الكتابة عن أيّ واقع إلا واقعها هي. وكانت تحمد الرجل على ما منحها من حقّ، حتى وإن كانت تستظلّ باسم مستعار. والكتابة باسم مستعار هي حالة عبثيّة لا يصدر فيها الصوت عن الوتر!
وصلت الراوية في كتابة رجلها حدًّا تتقاسم معه أدوار البطولة في أفلام قصيرة هي بطلتها ومخرجتها بنفس القدر (101). وهي لا تكتفي بتقاسم الأدوار معه بل هي التي تحدّد شكل هذه الأدوار وأدائها. هكذا تنتقل الراوية من مرحلة كتابة الرجل إلى مرحلة إخراجه أي تكريس ممارساته على النحو الذي تريد. والمرأة حين تكتب الرجل وتخرجه، كما يحلو لها، تحاول الالتفاف عليه وكأنها تمارسه بالقلب والإخراج المتخيّل. والكتابة بهذا الشكل المهموس والمجسّم هي البديل عن الممارسة الفعليّة. الكتابة أكبر من الواقع في الفكر النسويّ. تقول المرأة بها ما تشاء، تحاسب الذكورة بحريّة، تحتفظ بما تريد، وتمحو ما لا تريد. وهكذا تصوغ واقعًا جديدًا على قدرها.


4) هدم المطبخ وترميم غرفة النوم


موتيف السفر في الفكر النسويّ يعني التحلّل من حرمة المكان وقدسيّة المطبخ والبيت. وهو معادل موضوعيّ لفكرة السجن في القفص الذهبيّ. السفر يعني الحركة مقابل الثبات في المكان والاستقرار. نشوة ظافر لم تنهمك ولو لمرّة واحدة في الطبخ. والمطبخ غير موجود أصلا في البيوت التي تبيت فيها وتقيم. البيت في الرواية يكاد ينحصر في غرفة النوم والسرير. وهكذا يصير السرير بديلًا عن الفرن. تنقّلت نشوة بين عكا وحيفا ويافا ورام الله وعمّان ولندن وباريس. وكلّ هذه الأماكن قد تجمّلت وتجلّلت بطعم الحبّ. وليس بطعم الطبيخ. نحن نمنح الأمكنة معانيها (110 - 118). البيت يحوّل المرأة إلى مقلاة الرجل التي يأكل منها طعامه وجرّته التي يشرب منها ماءه (122).
في هذه الرواية الراوية نشوة ظافر تحبّ حبّا حقيقيًا شاملا الروح والجسد جارفًا كلّ تموّجات القلب وتذبذبات العقل. الحبّ في الرواية هو حبّ أنثى تمنح من تحبّ كلّ شيء لا يستطيع الرجل إدراكه (123). وهذا الحبّ ليس أفلاطونيّا ولا وجدانيّا فحسب بل يظهر فيه الجسد، جسد الذكر والأنثى، موزّعًا ممدودًا مستلقيًا على ورق الرواية كلّها (198 - 199). ولعلّ في اسمها (نشوة) ما يؤكّد على احتفائها الواضح بالجسد الذي لا يدرك إلا بالشمّ، بشمّ رائحته الطيّبة حتى الثمالة (وما يتبع الشمّ من ضمّ وفتح وخفض). بعد أن كانت المرأة لا تَرى ولا تُرى في أدب الرجل استعانت بما قدّمه جاك لاكان في حديثه عن معنى التحديق (Gaze) فوضعت جسدها الأنثويّ محلّ رؤية وتحديق يكرّس وجودها. وهذا عُرف نسويّ تراه الكاتبة العربيّة معادلا للتحجّب ومفهوم "السترة"، ستر الجسد، ومعادلا لفكر يجعل الصوت عورة. والصوت من أشياء الجسد يصدر عن أوتاره وحنجرته. وطقوس الجسد تشمل الرغبة المحمومة والالتحام والشبق فوق السرير العريض. تشمل اللباس والعري والزيوت والطلاء والألوان التحريضيّة (222). تشمل الرائحة والطعم والملمس والهمس. وتشمل ما لا يُدرك في أيّ من هذه الحواسّ. طقوس الجسد زرقاء، ورجاء بكريّة تفكيك خطاب الحريم في "إمرأة الرسالة" (تتمة من الصفحة السابقة)
تحتفل بكلّ هذا بكامل توهّجها. وحين تعلن الكاتبة تمرّدها على مفاهيم "الستر والعورة والعيب" هي في المحصّلة الأخيرة تعلن انسحابها من دائرة "الحريم" والحرام. وتتجرّد من جلدها لأنّ جسدها ليس عورة حتى يُخبّأ ويُستر، يطالب بحقّه الغريزيّ الذي فُطر عليه. هذا ما تفعله ليلى العثمان الكويتيّة وسلوى النعيمي السوريّة. وهنا أيضًا لم أرَ الكاتبة تتجاوز الرجل أو تتنازل عن الرجل لتفكّ الارتباط الجنسي به واللجوء إلى علاقات ذاتية (تتوحّد فيها المرأة مع جسدها) أو سحاقية (تنفرد فيها المرأة مع المرأة). رجاء بكرية لا تسعى لمحاربة الذكورة في ذاتها، أي في صيغتها البيولوجيّة، بل في صيغتها الفحوليّة المكتسبة، في صيغتها الداعشيّة الاستعمارية الدمويّة. رجاء بكريّة لا تتنازل عن حقّها في الرجولة والذكورة، لكنها لا تقبل الفحولة. والفحولة هي الممارسة القهريّة للذكورة. وهنا مرّة أخرى، بفطرتها السليمة وذكائها المكتسب، تنزل رجاء بكريّة في الوقت المناسب في المحطة ما قبل الأخيرة الموصلة إلى نسويّة المحو... هذا صحيح، لكنّ الجسد وحده لا يمكنه أن يحبّ. الحبّ بالروح أولا ثمّ يأتي الجسد ليطالب بالترجمة. وهكذا لم يستطع لقاؤها الجسديّ بكاظم العراقيّ أن يمحو آثار الحبّ الحقيقيّ وعاداته وطقوسه مع غسّان الفلسطينيّ.

1) سلطة السرد والحكم المركزيّ


مثلما لا تفرّط رجاء بكريّة بالرجل وبذكورته هكذا لا تفرّط أيضًا بأيٍّ من أدوات السرد ووظائفه المعروفة. تحكم وتتحكّم بكلّ وظيفة فيه. تحتفظ بحقّها في السرد بالضمير الأول وزاوية النظر والصوت واللغة: (1) الراوي أنثى. تسند الكاتبة وظيفة السرد إلى أنثى، نشوة ظافر. وفي هذه التسمية إشارة ذكيّة إلى التشبّث بتاء التأنيث. انتقت الكاتبة من الأسماء ما يؤكّد باللفظ على أنوثتها. ونشوة ظافر هذه تظفر بكلّ أدوات السرد. تملك الصوت ما يعني أنها هي التي تقرّر ما يجب أن يسرد وما لا يجب. لذلك هي تقدّم الحدّ الأدنى من الأحداث الخالصة لتستغلّ مساحة النصّ للتعليق على ما تقدّمه من أحداث موجزة. وهكذا يظهر صوتها أعلى من صوت الحدث. وهي لا تتحكّم بالمادّة نفسها فحسب بل تتحكّم بترتيبها، ولذلك لا تأتي الأحداث المستعادة بمونولوج الذكريات مرتّبة ترتيبًا زمنيًا تتابعيًا بل ترتيبًا معنويًا بقدر ما يحتاجه وعي الراوية. وهكذا يتقدّم المتأخّر ويتأخّر المتقدّم لاعتبارات معنويّة. (2) تسيطر على زاوية السرد لا السرد نفسه فحسب، ما يعني أنها ليست راوية محايدة. ولا يظهر شيء في هذه الرواية إلا بإذن من وعي الأنثى وحنجرة الكاتبة، ما يعني بالتالي أنّ الأنثى هي مركز النصّ وبؤرته (Gynocentrism). تملك الماضي وترسم الحاضر والمستقبل. والرجل لا نراه في الرواية إلا على النحو الذي تريده الأنثى في رجاء بكريّة. رجاء بكريّة مشاركة في عملية السرد الى حدّ التورّط. مادّة السرد من شخصيّات وأحداث وأمكنة كلّها خضعت لعمليّات تغليف. لا شيء من كلّ هذا خالص صافٍ. لا شيء منها يظهر كما هو بل كما تريده هي. هذه كلّها ملفوفة بتعليقات ومداخلات الأنثى. (3) وهي علاوة على ذلك، تقوم بوظيفة السرد بالضمير الأول، والضمير الأول يوحي أو هو يوهم بالمصداقيّة وكأنّ الأحداث قد حدثت مع راويها بالفعل. وهنا هي تدفع عنها التأتأة والطأطأة مثلما أشرنا. ولأنّ أعرافنا القرائيّة الخاطئة لا تفصل بين الراوي بالضمير الأول والكاتب نفسه فلا بدّ أن تكون نشوة نفسها هي رجاء بكريّة بلحمها وشحمها ودمها. لكنّ هذا لا يعنيها ولا يخيفها. حين تتحدّث الراوية بالضمير الأول فإنها تستعيد "الأنا" المصادرة. تستبدل ال "هي" ب "الأنا" المباشرة الحيّة. وهذه الأنويّة هي فعل احتجاجيّ ضدّ كلّ ممارسات التهميش المتراكمة. (4) تسيطر رجاء بكريّة على فعل التجنيس الأدبيّ فتستغلّ كلّ طاقة ممكنة في كلّ جنس أدبيّ. ففي الرواية أدب الرسائل، واليوميّات، والذكريات، وشيء من السيرة الذاتيّة، والاعتراف، والمونولوج وروح الشعر بالإضافة إلى أسس الرواية التقليديّة. وهي تحسن الإفادة منها كلّها. وهل من الممكن بعد كلّ ذلك أن يفلت أيّ معطى نصّيّ من قبضتها؟ (5) تملك اللغة النسويّة الخاصّة. تقاوم رجاء بكريّة "تحيّز اللغة للذكور" مثلما تقول منى حلمي. تكتب ذاتها الأنثويّة بلغتها التي تفهمها أكثر من غيرها. لغتها تجريبيّة غريبة عن ذائقتنا الذكوريّة. لكنّ التجريب فيها يختلف عن تجريب اللغة وتخريبها عند هشام نفاع. هشام نفاع يخرّب اللغة خرابًا بنائيًا منضبطًا. لغة رجاء بكريّة بكر عذراء، تنتشلها خالصة نقيّة من عمق النفس، تسحبها من هناك قبل أن تمرّ على العقل لتنضبط وتتقعّد وتتعقّد. لغة يصعب عليّ أنا المسحوب من أذني من عمق القرون الوسطى (قبل أن تعرف قريتي الماء الجاري في المواسير تحت الأرض وقبل الكهرباء الجارية في أسلاك فوق الأرض)، أنا الحطّاب السقّاء يصعب عليّ فهمها. يصعب عليّ أن أظلّ مستنفرًا أمام هذه اللغة الشقيّة غير المنضبطة. على العموم، هي لغة مرهقة لغير الأنثى ولا أقول لغير المرأة. وربما يكون الإرهاق فعلا مقصودًا؟ إرهاقنا هو انتقام منّا ومن لغتنا الذكوريّة؟ لا أعرف! لكنّي أرجو ألا يكون تكسير اللغة بأخطاء نحويّة وإملائيّة جزءًا من هذا الانتقام!
والإرهاق نفسه لا يخلو من هجوم عنيف. الانتقال من الدفاع، على نحو ما كنا نراه في البدايات، إلى الهجوم ليست فقط بحدّة المواضيع المطروقة وصراحة المكاشفات والمحاسبات بل باللغة نفسها. وهكذا تنتقل اللغة من دور الأداة إلى دور الغاية. إحلال اللغة هو شرعنة لغة الأنوثة. وهي لغة ممتدّة مرتفعة وعميقة. رجاء بكريّة تملك حنجرة قويّة بأوتارها عميقة موصولة بعضلات قلبها وقنوات مخّها: (1) إمتداد الصوت يعني الإطالة والثرثرة. وهذه تحتاج إلى صبر وعجيزة بسمك كافٍ ومثانة بسعة تخزين ضخمة. والإطالة والثرثرة إلحاح. وفي الإلحاح سعي إلى تكريس. عندما تلحّ رجاء بكريّة في كلامها اللولبيّ الدائريّ تسعى إلى فرض أفكارها بالقوّة. والامتداد هنا لا يعني الطول الموازي لطول الوجع الذي تكتبه رجاء بكريّة وتكتب به فحسب، وإنما يعني الرغبة في تكريس هذا الصوت وتقوية الذاكرة. والذاكرة التي تخاطبها ر جاء بكريّة يجب أن تحمل ميزتين: سعة وقوّة. السعة تعني حجم التخزين والقوّة تعني ذاكرة محكمة تتمسّك بمحتواها ولا تفرّط بها بسرعة وسهولة. لكنّ هذا الامتداد يصل حدًّا من الثرثرة قد يُفقد الرجل مثلي تركيزه لكثرة دورانه. (2) إرتفاع الصوت يعني الحدّة والجرأة. وهذا مردّه إلى عمق الحنجرة وصلابة أوتارها الصوتيّة. إرتفاع الصوت هو محاولة ذكيّة للتغطية على الأصوات الأخرى المنافسة والالتفاف عليها وكتمها. حين ترفع رجاء بكريّة صوتها في الرواية، باعتماد الحدّة والجرأة، فإنها تسعى إلى خنق صوت الذكر. (3) عمق الصوت هو تفعيل لسلاح جديد لم يألفه الذكر. وهذا الجديد هو احتيال على أدوات الرجل العتيقة المكرّرة. هو صوت متمرّد على القاموس. هي لغة من قاموس شعوريّ تهويميّ. بهذه الأبعاد الثلاثة، الطول والارتفاع والعمق، تصير لغة رجاء بكريّة حالة أنثوية خاصّة. رجاء بكريّة تملك اللغة ومن يملك اللغة يملك المعنى والرسالة. وهل يوصل المعنى كاملا ودقيقًا من تحدّث بلغة لا يتقنها كما يتقن لغة أمّه وأبيه؟

سجن الحكومة: والحكومة تيس


تتمرّد رجاء بكريّة على سجن البيت والمطبخ مثلما تتمرّد على سجن اللغة مثلما تتمرّد على الحكومة، والحكومة تيس متفحّل. تنجح رجاء بكريّة في الأول والثاني ولا تنجح في الثالث، لأنّ الثالث هو محصّلة حاصل من ملحقات الرسالة لا من متنها ولا من عصبها المركزيّ. الثالث هو ضريبة مضافة بدون قيمة. بدون قيمة جوهريّة. يبدو لي أنّ الشعارات السياسيّة، ولا أقول السياسة، هي الضريبة التي يجب على المرأة أن تدفعها حتى تأخذ مكانها بين أدب "الرجال" الفلسطينيّ، وهي جواز سفرها الى العالم العربيّ الذي لا يفتح لنا بابًا إلا بعد قسم الولاء (83 - 85). هي الضريبة التي يجب على المرأة أن تدفعها حتى لا تتّهم بالرجعيّة والتردّي إلى حدود الأنا المفرد. والحديث ليس عن الكتابة في السياسة ذاتها بل عن كيفيّتها. وهكذا يظلّ السؤال لماذا اختارت رجاء بكريّة متّهمًا سياسيًا ملاحقًا في شخص غسّان صقر ليكون مع الراوية في مركز الرواية علمًا بأنّ وجع الراوية ذاتيّ أنثويّ في المقام الأول؟ يبدو أنّ السياسة قد أضيفت إلى الرواية لكي تتوازي مع الحبّ المهزوم. كأنّ ما فعله رجل الرسالة بامرأة الرسالة يوازي ما فعله الأمن الإسرائيليّ به. قلبي يقول لي بأنّ رجاء بكريّة تدرك جيّدًا معنى ما أقوله، وربما يخبرها قلبها بصدق حدسي.
تكتب نشوة لكاظم: "ليس حبًّا ما أشعر به، ولكنّ هذا الودّ الجميل الذي نبحث عنه كلما ضاقت بنا الوجوه والمدن وبحثنا عن أحد يمتصّ أفراحنا وخيباتنا معًا" (173). نشوة الفلسطينيّة لا تستطيع أن تحبّ إلا فلسطينيًا. كاظم العراقيّ هو الوجه العربيّ الذي يلجأ إليه الفلسطينيّ حين لا تسعفه فلسطينيّته وتضيق عن نصرته (152 - 153). إذا كان رجلها الفلسطينيّ سجينًا كوطنه تمامًا، فإنّ كاظمًا العراقيّ لا يستطيع أن "يعوّضها" عنه، مثلما لا تستطيع لندن الضبابيّة الباردة أن "تعوّضها" عن عكّا. كاظم العراقيّ لاجئ هارب من وطنه وغسّان الفلسطينيّ سجين في وطنه وبسبب وطنه. وهكذا وجدت نشوة نفسها مشروع ضياع بين لجوء وتشرّد وسجن. هذه قراءة سياسيّة سهلة ومغرية. وأنا أدرك خطورة السهولة التي يقرأ بها الكاتب الفلسطينيّ واقعه المعقّد والناقد من بعده. حتى وإن كتب الشاعر عن أمّه يحوّلها الناقد إلى وطن بالقوّة. الكاتب يدفع ضريبة والناقد يدفع مثلها. وهكذا يبدو لي أنّ رجاء بكريّة قد استكثرت على نفسها الحبّ المجرّد والكتابة عن الحبّ دون أن ترشّ على حبّها هذا شيئًا من بهارات السياسة.
الرواية بطيئة مرهقة في بعض المواضع. وهي مرهقة لأنها تستدعي تركيزًا عاليًا وصبرًا جميلا على تكراراتها وثرثراتها المونولوجيّة الطويلة. تتراجع الدراميّة الخارجيّة لتحلّ محلّها حركة ذهنيّة في الوعي. وحتى تعوّضنا عن الدراميّة التقليديّة تلجأ رجاء بكريّة إلى استغلال مهارتها في الفنّ التشكيليّ لترسم "لوحات" كاملة من أحاسيسها وهواجسها. وهذا ما أعطى إحساسًا بالثرثرة الثقيلة.

السبت 17/12/2016

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة

.