عيد العشّاق
قصة قصيرة
عيد الحب كان قد هلّ بعد فترة وجيزة من لقائهما
لم تكن تبغي أي علاقة به ولكنّه كأي عربيّ لزم العناد بما يتعلق بها
ماذا يُخفي الحزن في المقل وماذا لو نجح في رسم ابتسامة على وجهها الذي بدا كمن لم يفارق الطفولة يوماً
عقله اللاواعي كان يحيك شيئا يشبه هذه الأسئلة
وعقلها الواعي كان يجيب بلغة الجسد أنّه لا يملك معها أيّ فرصة
ولربما حاولت أن تُفْهِمَه ذلك بشتّى الطرق لكنّه بقي على عناده ، وهي لم تُرِد أبداً أن تتخلَّى عن زاويتها الثابتة في المقهى المُحَبّبِ على نفسها ، فلذلك ولذلك فقط استمرت في القدوم وواصل هو محاولاته المزرية
لو ابتسمت عيناها لكان تركها لأنثى أخرى
كأي هاوٍ يبحث عن كنوز سفن غرقت يوماً فيترك صندوقاً بعد ما أفرغه من محتواه إلى صندوق آخر يكتنفه الغموض
ويجري الطمع مجددا في العروق الميتة أصلاً
لعبة يمارسها الكثيرون مِمّنْ لا يتمتعون بالقدرة على كشف النقاب عن طبقات وراء طبقات في نفس الشيء
سطحيٌّ هو كالكثيرين ، وعميقةٌ نظرتها التائهة بين رفوف الكتب المهجورة في المقهى ذاته
-ماذا تريدين لعيد العُشّاق؟
لم يتح لها فرصة للإجابة وأردف قائلاً:
-الورد طبعاً
كلكنّ تذبن أمام بضع وريقات
- طلبي لن يكون سهلاً
احتار أمام السخرية في نبرتها والامتعاض الظاهر جداً في نظرتها
عاديٌّ هو أمام أغوار نفسيّتها السحيقة
-كنت سأطلب أن يغيب هو عشرين عاماً ويعود حاملاً شيئاً من النعناع المجفّف المطحون المأخوذ من أشياء دفنتها يوماً في حديقة الموت
-وكنت سأطلب أن يأتي لي بمخطوطات كلّ رسائل حبّ حوّاء لآدم فهي أصدق
- وكنت أريد أن يعود بي قديماً ويلتقط صورة لعيني جدّي وهو يودّع جدّتي قبل ذهابه للحرب
- وكنت سأرقص فرحاً إن أتاني بأوّل محاولة شعريّة لشيكسبير ، تلك العذراء التي سلمت من محاولات إرضاء البشرية كلّها
-و
انفجرت ضاحكة وهي تراه يوّلي
انتصرت مجدّدا على قدر سخيف أتاها على طبق من ذهب
وبقي الوقت معها يصالحها وبقيت ابتسامتها ملكها
وعادت إلى
كشك الجرائد تبيع القصص المزيفة للناس
وتبقي الحقيقة لنفسها