نايلة تويني:
لا تجعلوا الطائف كرة يتقاذفها الجميع، ويتلهون بها كلما أرادوا الهاء اللبنانيين عن قضايا أكثر أهمية
قد نص الطائف على اللامركزية الادارية، وهي ظاهراً الاسهل، لكنها لم تطبق، وتحدث عن اعادة النظر في المحافظات القائمة، وعن مجلس نواب وطني
في خلوة الحوار الاخيرة كثر الكلام، والكلام فقط، عن بنود في اتفاق الطائف لم تنفذ، ومنها مجلس الشيوخ الذي نبشه المتحاورون فجأة ليكتشفوا انه حاجة وطنية ربما كانت واضحة لديهم، الا انها ليست كذلك بالنسبة الى عموم الشعب اللبناني. فهل من يقنعنا بجدوى هذا المجلس بعدما صرنا على اقتناع بأن وجود رئيس للدولة لم يعد حاجة؟ وان البلاد يمكن ان تمضي بحكومة عاجزة ومجلس نواب مشلول؟ ترى هل يمكن مجلس الشيوخ ان ينهض بالبلاد؟ أسئلة لن تجد أجوبة شافية، بل لن تلقى سوى الاستهزاء.
أما العودة الى اتفاق الطائف، فكلنا نؤيدها. لكن الطائف ليس وليد الامس، بل انه تجاوز خمساً وعشرين سنة، ولم يطبق حتى اليوم. وما طبق منه كان متعثراً. صحيح ان الوصاية السورية التي شاركت في وضعه عادت وعطلته، الا اننا تخلصنا من تلك الوصاية منذ العام 2005، وظهرنا أمام العالم عاجزين عن التقدم خطوة واحدة، خصوصاً ان ثمة فريقا امسك بعصا الوصاية وصار يهددنا بها، ويمنعنا من إحراز تقدم يذكر، بل يدفعنا الى مزيد من الاخفاقات لأغراض مبيتة، لكنها تصبح شيئاً فشيئاً واضحة للعيان، وهدفها تغيير هوية النظام.
على اننا لن نأخذ بالنيات، بل بالمعلن من الكلام، وفيه تمسك باتفاق الطائف. والتمسك يعني حكماً التنفيذ، والتنفيذ يتطلب شرحاً لبعض نقاطه من حراس الاتفاق الذين شاركوا في صياغته، فلا يخضع لاجتهاد كبير يضيّع فحواه. وعليه ننطلق في ورشة تطبيقه قبل البحث في تعديله، لان التعديل يبدأ بخطوة تليها خطوات، فيتحقق تغيير النظام بطريقة سلسة. والتغيير السليم كمبدأ يصبح خللاً مضاعفاً في ظروف غير طبيعية وفي ظل اختلال في ميزان القوى.
وقد نص الطائف على اللامركزية الادارية، وهي ظاهراً الاسهل، لكنها لم تطبق، وتحدث عن اعادة النظر في المحافظات القائمة، وعن مجلس نواب وطني، وعن مؤسسة اسمها مجلس الوزراء لها نظامها الخاص، وصولاً الى مجلس الشيوخ، اذ ان الاخير ليس مقصداً في ذاته، بل يأتي ضمن سلة اصلاح متكاملة.
لا تجعلوا الطائف كرة يتقاذفها الجميع، ويتلهون بها كلما أرادوا الهاء اللبنانيين عن قضايا أكثر أهمية. اذهبوا مباشرة الى الهدف الاول أي الى انتخاب رئيس ومعه افتحوا ورش عمل تقود الى اصلاح ما، عوض ان تدمروا اسس الدولة وتحظوا بمجلس شيوخ للطوائف والمذاهب. معيبة هذه المضيعة للوقت، فيما يعلم الجميع ان ثمة استحقاقات أكثر أهمية والحاحاً.
نقلا عن جريدة النهار
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net