الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

ثقافة الموت: بنادق فوق اكتاف الورد


نُشر: 02/08/08 15:48

ورودٌ عمياء ، عارية من اوراق روح الحياة ، تسير بخطى مسرعة على امل ان تقبل شفاهها ملاك الموت لتسمو نحو قصرٍ في الجنة المزعومة بادعاء الشهادة !

هو مشهدٌ تكاد تخاله من مسرح الدمى ، فكيف تكون الوردة هي ذاتها مسدساً بيد عدة متطرفين من مجرمي البشرية ؟ واني لم البس ثوب الغباء يوماً غير اني لا افهم هذه المعادلة الجنائية !

شبابٌ بعمر الورود واصغر ، يدرسون ابجدية الانتحار وثقافة الموت ، هذه التي يتم بها غسل ادمغتهم لحقن ايدلوجيا فاشية محزنة في اوردتهم لزرع بذور بطولة وهمية تحمل في مكوناتها رائحة الموت المؤلم والقتل المتعمد ضد المختلف والبريء والأعزل ، تحت رنين اجراس شعارات الشهادة والنصر ، فما هي هذه الشهادة؟ وهل في قتل الابرياء بطولة وتذاكر لدخول الجنة المزعومة؟
حينما نقل ابو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بأن الشهداء خمسة : المبطون ، المطعون ، الغريق ، صاحب الهدم والشهيد في سبيل الله ، هل تضمن في معنى الشهادة في سبيل الله قتل نفوس بريئة غير نفوس الجنود في المعركة؟ وهل تضمن القتل المتعمد بقتل المسلم لأخيه المسلم او حتى بقتل الانسان لأخيه الانسان لمجرد معارضته او اختلافه ؟

إن هذه الثقافة ليست بالجديدة فهي طفل ولد من رحم ثقافة العنف والاحتلال ، وقد غزت العالم في هذا القرن وكسرت ابواب الحياة ، وباتت مصطلحات الموت ، الشهادة والانتحار مألوفة ، وليس هذا فحسب لا وبل بات العديدون يمجدونه ويقدسونه او يعتبرونه رحلة استجمامية لاحد المنتجعات ، فهل نصدق ان من يرمي بنفسه لحضن الهلاك قاتلاً نفسه والعديد من الابرياء هو شهيد؟
فقد صدق الشاعر سامي مهنا في قصيدته " شهيد يخلع الاوسمة ":
"لا تصدق


انني مت شهيدا
يا ابي


ارسلوني قارباً


يجتاز نهراً من دماء


احمل الموت لوردٍ


ولعشبٍ ولماء "

إن ما يحدث اليوم لهو امرٌ خطير ومرعب في آن واحد ، فتخيل سماء تغطيها صقور تكبر محلقة ً لنشر رسائل " الجهاد والكفاح" كما تسمى ، لتثبت لنا او لنفسها ان ما حدث بين حماس وفتح من جرائم لهو امر مشروع ومباح ، فحيت يقتحم ذاك الحماسوي بيت جاره الفتحاوي فاتحاً النار عليه مرددا:" دعني ادخل بك الجنة " فهذا مجاهد وشهيد ، وحين يدخل رجال من السنة مدججين بالاسلحة لمساجد تابعة للشيعة في العراق وقتلهم فهؤلاء السنيون ابطالاً ؟!
وكلها جرائم ترتكب بحق الانسانية باسم الدين لاختلاف الطائفة او المذهب ، فأي شهادة هذه ؟ وأي هراء ؟
وهل بات ما يسمى " الجهاد " الغاية بعد ان اقنعونا يوما انه كان وسيلةً للنضال والدفاع عن الوطن ، فهل عاد الوطن؟

إن ثقافة الموت ليست سوى جزء من مخططات اصولية سلفية لن تعود على البشرية الا بالدمار ، وان كان حزب الله قد استطاع تحقيق انجازات عدة وحررت مزارع  شبعا ، فهذا لا يشفع له كونه من اكبر المصانع التي تصنع ثقافة الموت وتنشرها بين صفوفها ، حتى بين الاطفال الذين تحرص حزب الله على تربيتهم وتنشأتهم بروح انتقامية وتلقينهم مفاهيم العنف والسيطرة ، ولا زلت اذكر حينما شاهدتُ عرضاً تلفزيونيا عن ما يسمى " كشافة المهدي " والتي تعرف نفسها على انها جمعية تربي الكشفيين وهي في الحقيقة اسست من قبل حزب الله لتلقين كل اطفالها معاني " الجهاد" و " الانتحار " فأين هي الطفولة؟ ومن يدافع عن حقوق هؤلاء الاطفال الذين يتعرضون منذ الصغر لمثل هذه الاقترافات الدنيئة التي تثبت يرماً بعد يوم طمع اسيادها بالخلافة والسلطة

لا اكثر ولا اقل !

إن قتل الانسان لأخيه الانسان هو جريمة بحق البشرية فلا يوجد أي حق في الارض يشرع قتل المعارض او المختلف بالدين او المذهب ، ومهما كانت النوايا سامية ومقدسة ، ليس هناك اسمى وارقى من شرف الحياة ومعناها !!

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.74
USD
3.95
EUR
4.75
GBP
328955.81
BTC
0.52
CNY
.