الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:01

تفجيرات مطار اتاتورك/ بقلم: عبد الباري عطوان

كل العرب
نُشر: 03/07/16 08:18,  حُتلن: 08:21

عبد الباري عطوان:

نشرح اكثر ونقول ان هذا الهجوم، الذي يرجح الكثيرون، ومن بينهم الرئيس رجب طيب اردوغان نفسه، ان “الدولة الاسلامية” تقف خلفه، يعكس امرين اساسيين

حكومة يلدريم تتجه فيما يبدو، ومن خلال تصريحات رئيسها، الى تصحيح هذه السياسات، وتقليص اخطارها، اذا لم تستطع منعها، او هكذا نستنتج من تصريحاته المتكررة في هذا الصدد، وتجاه سورية خاصة

لم يكن من قبيل الصدفة ان تتزامن عملية الهجوم الارهابي الانتحاري الذي استهدف مطار اتاتورك في اسطنبول مع التطبيع التركي الرسمي المزدوج للعلاقات مع كل من روسيا ودولة الاحتلال الاسرائيلي، ولم يكن من قبيل الصدفة ايضا، ان يكون المهاجمون الثلاثة من المنتمين الى دول القوقاز، ويحملون جوازات سفر روسية.
نشرح اكثر ونقول ان هذا الهجوم، الذي يرجح الكثيرون، ومن بينهم الرئيس رجب طيب اردوغان نفسه، ان “الدولة الاسلامية” تقف خلفه، يعكس امرين اساسيين: الاول ان هذه “الدولة” قررت اعلان الحرب على تركيا بسبب تقاربها من موسكو، وان السلطات التركية قررت قطع كل الصلات المباشرة، او غير المباشرة معها، والانتقال من الحياد الى المواجهة، وتغيير سياساتها جذريا في سورية بما يؤدي الى تطبيع علاقاتها مع الرئيس السوري بشار الاسد وحكومته في المستقبل القريب.

ما يعزز ما نقوله آنفا، ثلاثة تصريحات صدرت عن ثلاثة شخصيات فاعلة ومؤترة في سياسات واحداث منطقة الشرق الاوسط والعالم:
الاول: صدر عن الرئيس اردوغان نفسه يوم امس قال فيه “ان هناك احتمالا كبيرا بتورط تنظيم “الدولة الاسلامية” بالهجوم الذي استهدف مطار اتاتورك”، واضاف “ان هذا التنظيم الارهابي يزعم انه يفعل ذلك باسم الاسلام وهو ابعد ما يكون عنه، فهؤلاء مأواهم الجحيم لقتلهم الابرياء والاطفال والشيوخ”، واختتم تصريحه الذي نقلته وكالة “الاناضول” الرسمية بالقول ان بلاده عازمة على مواصلة مكافحة الارهاب، “وان محاولات من يسعون لتقسيمنا ستذهب سدى ولن تصل الى اهدافها”.
هذه هي المرة الاولى، على حد علمنا نحن الذين نتايع الملف التركي جيدا، التي يشن فيها اردوغان هذا الهجوم، وبهذه الشراسة، وبالاسم، ضد “الدولة الاسلامة”.
الثاني: تصريح السناتور مايكل ماكول، رئيس لجنة الامن القومي في الكونغرس، الذي قال في مقابلة مع محطة “سي ان ان” “ان العقل المدبر لعملية مطار اتاتورك الارهابية هو احمد شاتاييف المعروف بلقب “ابو ذراع″ المقرب من وزير الحرب في “الدولة الاسلامية” في الرقة، ويعتقد انه ابو محمد الجولاني، وينتمي الى اقليم الشيشان، ويعتبر العدو الاول لروسيا ودولة الشيشان”.
الثالث: تصريح ادلى به بن علي يلدريم، رئيس وزراء تركيا الجديد، في مأدبة افطار في اقليم هاتاي (انطاكية) قرب الحدود السورية، حضرها مجموعة من الاتراك والمهاجرين السوريين قال فيه “تركيا طبعت علاقاتها مع دول اختلفت معها في الفترة الماضية، في اشارة الى روسيا واسرائيل، معربا عن امله “في انتهاء الحرب في سورية وعودة الحياة الى طبيعتها في مصر والعراق”، واضاف يلدريم “قتل نصف مليون سوري منذ اندلاع الحرب قبل خمس سنوات يؤكد على ضرورة محاربة العالم بأسره للارهاب من اجل استقرار المنطقة” متساءلا “هل من رابح من سفك الدماء؟ لا احد لذلك يجب ان يتوقف سيل الدماء في سورية والعراق واليمن وفلسطين”.
مجلة “الايكونوميست” البريطانية المعروفة خصصت احدى افتتاحيات عددها الصادر يوم الجمعة للحديث عن تفجيرات اسطنبول، لخصت فيها محنة تركيا الحالية من مختلف الجوانب، وكان ابرز ما فيها اسطر الختام التي تقول “سياسة الرئيس رجب طيب اردوغان الكارثية في سورية هي التي عرضت بلاده لاخطار الارهاب وعملياته التسع التي ضربت العمق التركي في الاشهر الستة الماضية، وادت الى مقتل 250 شخصا واصابة المئات”.

حكومة يلدريم تتجه فيما يبدو، ومن خلال تصريحات رئيسها، الى تصحيح هذه السياسات، وتقليص اخطارها، اذا لم تستطع منعها، او هكذا نستنتج من تصريحاته المتكررة في هذا الصدد، وتجاه سورية خاصة.
التطبيع مع اسرائيل وروسيا قد يكون اغلق ابواب التوتر، وازال بعض العقوبات الاقتصادية، واعاد السياح الاسرائيليين والروس الى المنتجعات التركية، ولكنه ربما يكون قد فتح ابواب الارهاب، ولو مواربة ايضا امام سياسة الانتقام”.
الحرب على الارهاب التي تعهد الرئيس اردوغان بشنها هوادة، ربما تكون اكثر منطقية، واكثر شرعية، لو انه لم يطبع علاقاته مع اسرائيل، لان هذا التطبيع قد يعطي المبرر، ويوفر الغطاء لهذا الارهاب، مما يعطي انطباعا بأن الرئيس اردوغان يستجير من الرمضاء بالنار.

نقلا عن الرأي اليوم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة

.