الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 15 / نوفمبر 02:01

أتقياء العصر/ بقلم: نسرين طعمة

كل العرب
نُشر: 11/05/16 14:03,  حُتلن: 16:11

جلستُ ونفسي على صخرة غبراء نتأمل البحر الأعظم
فهلمي يا نفسي وانسجي أفكارك كخيوط العناكب
هلمي يا نفسي وألقي أفكارك كمن يقبضُ حفنة من الرمل
ويرميها لجنون أمواج البحر
وإذ سمعت نفسي هاجعة
أترين الوجوه حولكِ؟
ها أنا أعاينهُم
أرى وجهاً يظهر بألف مظهر
ورأيت وجهاً استطعت أن أقرأ تحت طلاوته الظاهرة
بشاعتهُ المستترة
ووجهاً ما رأيتُ روعة جماله المحتجب حتى رفعتُ قناعه
ورأيتُ وجهاً شيخاً قد تجعد ولكن على لا شيء
ورأيتُ وجهاً مجعداً وتجاعيدهُ تصيح وجعاً
أنا أعرف الوجوه والمظاهر
لأنني أنظر إليها من خلال ما ينسجهُ بصري
فأرى حقيقة الناس بباصرتي
أراهم عُراة
لقد دخلتُ قلوب الناس عاشرتهم وآويتهم
فوجدت قلوبهم مرصوفة بالشهوات
لقد دخلتُ عقول الناس فوجدتها ملآنة
بأفكار النزاعات والصراعات
رأيت رجل الدين ببيت الله المقدس
وقلبهُ خالٍ من كل قداسة
ورأيتُ رجل دين آخر أنفق عمره في خدمة بيت الرب
ولكنه لم يخدم رب البيت!
رأيتُ رجل الدين متخفياً بثوبٍ مقدس
إبتاعهُ لكيما يشرع أعمالهِ بزيه الديني
ورأيتُ الشعب يتلو صلوات
وصلواتهم لا تحمل محبة وورع وايمان
رأيتهم يزينون ألسنتهم بأجمل الكلمات
وكلماتهم خارجة من أفواههم وحسب وقد خلت من الصدق
لقد رأيت أناسا فقراء جداً لم يمتلكوا سوى المال
ورأيت من هم أفقر منهم أولئك الذين يخشونَ مالهم
فيطيعونهم ويسلطونهم عليهم
ولقد رأيت إمرأة باعت أشواق قلبها التائه
واهتزازات دمها المحموم بكمية من النقوذ
وهذه المرأة تُدعى في قاموس الناس بغياً
ولكنها في اليوم التالي ابتاعت ببعض فلوسها طعاماً لفقير
ولقد رأيت إمرأة مُتدينة
وأما قلبها وعقلها فعاريان بأفكارها النجسة الرجسة
ورأيتها تفعل بالخفاء أدنس الأفعال
 

وقد قابلتُ خاطىء تلى صلاتهُ في الجبل المقدس وتاب
بينما رأيت شخصاً ارتدى ثوب الحمل وقلبهُ كالذئب
ملتزم بالأيام المقدسة, يصلي ويرفع الشعارات
وقلبهُ قاسِ تجاه الخالق وعبيده

***
وقد صادفتُ جسداً يتحرك واما القلب فصار مقبرةَ
للذين ماتوا بداخلهِ فحنطتهم الدموع
وكفنتهم القُبُلات الذابلة
وفي النهاية ولأن لكل شيء نهاية
صاح قلبي وارتعش جسدي
من صرخة عجوزٍ قال:
"تباً لعالم قد تبنى الكذب والخداع
وعلى الفضائل ألقى نظرات الوداع"
إنها حرقة االاشتياق التي تلازم روحي
عقلي لاصقٌ بالتراب
وعالق قلبي بالسحاب

الرامة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.