اليف صباغ:
* اكثر ما لفت انتباهي هو التخبيص في المواقف خلال المقابلة
* لم افهم تصنيف المسيحي على انه أقل وطنية من المسلمين
* المطران خاف من غضب اصدقائه المسؤولين والذي تربطه بهم علاقات مباشرة
* لهذا التهجم رائحة *** بسبب نبرته القاسية واستخدام صياغات حادة ومفردات لا يجوز أن يتفوه بها رجل دين
* لا يجوز لرجل دين مثل المطران شقور ان ينضم الى المتآمرين على المطران حنا لأن في ذلك إهانة لشخصه وللثوب الديني الذي يرتديه وللطائفة الكريمة التي يمثلها
ينشر لكم موقع العرب مقالا لاليف صباغ عضو اللجنة التنفيذية في المؤتمر الارثوذكسي، يرد فيه على تصريحات سيادة المطران الياس شقور في مقابلة مطولة اجرتها معه صحيفة كل العرب في زاوية مواجهة نشرت في عددها الصادر يوم الجمعة الأخير اجراها معه الزميلان الصحفيان يوسف شداد وزيدان خلايلة، وقال فيها: "اعترف ان المسيحي اقل وطنية من المسلم وان المسيحي لا يمكن ان يكون شهيدا والاستشهادي يرتكب جريمة بحق مجتمعه ونفسه وربه"
اليكم مقال اليف صباغ"
أليف صباغ
أول ما لفت انتباهي هو توقيت المقابلة البعيد عن كل مناسبة دينية او إجتماعية إذ من غير المتوقع نشر مقابلات طويلة مع شخصية دينية كبيرة دون مناسبة، ولكن ما لفت انتباهي أكثر وأكثر هو ما احتوته هذه المقابلة من تخبيص في المواقف وتصنيف لأبناء الطوائف المسيحية عامة واعتبارهم "أقل وطنية من المسلمين" هذا بالإضافة الى التهجم غير المبرر على سيادة المطران عطالله حنا، الشخصية الدينية الأرثوذكسية والوطنية والقومية المرموقة
تبدأ المقابلة المطولة بعرض للعلاقات مع الطوائف المسيحية المختلفة ويتحدث سيادة المطران شقور عن المحافظين الجدد ومنهم الرئيس الأمريكي جورج بوش فيقول: "إنهم يمثلون اليمين المتطرف الأمريكي
" وان" لديهم افكار صهاينة ويستغلون تفاسير شخصية للكتاب المقدس حتى يبرروا القتل والنهب، ولذلك فكل الكنيسة الكاثوليكية لا علاقة لهم فيها"، ويفاجئنا سيادته بعد أسطر قليله بإصراره على معانقة الرئيس بوش وتبادل القبلات معه عند زيارته للبلاد
فهل هذا هو الموقف أم ذاك، أم ان المر لا يعدو كونه تخبيص في المواقف والممارسات؟
المطران شقور خلال حواره مع كل العرب
في المقابلة نفسها، "يعترف" سيادة المطران شقور أن المسيحيين أقل وطنية من المسلمين، ويعزو ذلك الى عدم الوعي التاريخي والديني وغيره، ويبدو انه ينسى الممارسات العنصرية والتضييق اليومي الذي تمارسه المؤسسة الصهيونية ضد الشباب المسيحي في وطنه، وطن آبائه واجداده، وطن السيد المسيح والرسل جميعا، ولا افهم كيف تستحق هذه المؤسسة من سيادته تمنياته لها بطول العمر؟ وعندما يسأل سيادته، كيف تريد ان يعرف المسيحي نفسه؟ يجيب، "فلسطيني عربي مسيحي ثم مواطن اسرائيلي"
وفي السؤال التالي حول ترتيب الهويات المذكورة ينقلب سيادته على نفسه فيقول: "ليس بالضرورة ان يكون هذا هو الترتيب، فأنا افضل
مسيحي فلسطيني، وانا أريد ان أربيه على هاتين القيمتين بالدرجة الأولى"
وحين يسأل سيادته عن مطالبة المطران عطالله حنا الشباب المسيحي بتقوية انتمائه الوطني الفلسطيني، وبعدم التقوقع، ينتفض ويجيب: "لا ان هذا ليس مقبولا علي" ويصف المطران حنا "بالمتهور كثيرا في تصريحاته مثلما فعل ضد البابا بعد خطابه الذي اتهم فيه بالإساءة للرسول محمد والإسلام"كما يصف تصريحات المطران عطالله هذه "بالرعونة"!!
لم افهم التناقض بين الجواب الأول والثاني
لم افهم في الوهلة الأولى هذا التناقض بين الجواب الأول والثاني فيما يخص تعريف الذات، كما أنني لم افهم تصنيف المسيحي على انه أقل وطنية من المسلمين
ولكن يبدو ان التراجع عن الجواب الأول واستبداله بالثاني كان تعبيرا عن خوف المطران من غضب اصدقائه المسؤولين والذي تربطه بهم علاقات مباشرة
ويبدو أيضا ان واقعية سيادته تعبر عن الواقع المرغوب أكثر مما تصف الواقع الموجود، فهل يستطيع سيادته أن يقول لي كم هو عدد العملاء المسيحيين الفلسطينيين، الذين يتعاونون مع المحتل الإسرائيلي ، على مر التاريخ النضالي الفلسطيني؟ وكم هو عددهم من المسلمين؟ وهل يذكر سيادته من قاد الحركة الوطنية في ظل الحكم العسكري، أقسى مراحل النضال الفلسطيني؟ وهل يستطيع سيادته ان يقول لي: لمن تصوت الغالبية العظمى من المسيحيين في اسرائيل؟ ألا تصوت للحزبين الوطنيين الجبهة والتجمع؟ ناهيك عن تلك الفئة التي لا تصوت للكنيست الإسرائيلي ولا تعيره أهمية في حياتها السياسية
هل هذا هو الواقع الموجود الذي يعبر عنه سيادة المطران شقور؟ ام هو الواقع المرغوب والذي يسعى سيادته مع أصدقائه لخلقه عبر دعوة الشباب المسيحي للإنخراط في الخدمة المدنية، والتي هي مقدمة مفضوحة للخدمة العسكرية في قوات القمع والإحتلال؟ وإذا كان سيادته غير راض عن مستوى الوعي الوطني للشباب المسيحي، فمن هو المسؤول عن ذلك ومن هو المسؤول عن تصحيح هذا الخلل؟ اليس القادة الروحيين لأبناء هذه الطوائف هم اولى بتحمل المسؤولية؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا التهجم غير المسبوق على سيادة المطران عطالله حنا؟ ولماذا استنكار دعوته للشباب المسيحي بتقوية انتمائه الفلسطيني؟ نعم، لهذا التهجم رائحة ***أولا بسبب نبرته القاسية ودون مناسبة وبسبب استخدام صياغات حادة ومفردات لا يجوز أن يتفوه بها رجل دين تجاه الآخر مثل "رعونه" و"تهور" مع تأكيد المطران شقور في المقابلة نفسها أنه "يختار كلماته ويقصدها" وانه "يعرف معنى كل كلمة يقولها"
والأنكى من ذلك أنه عندما سئل سيادته إن كان سيشارك المطران حنا في مناسبات وطنية؟ أجاب، "سأقول له: لو تبز عينك"
فهل اختار سيادته كلماته وقصدها؟ ام نعيد ذلك الى التخبيص؟ ام ان وراء الأكمة ما وراءها؟
المطران الياس شقور خلال المقابلة التي اجرتها معه صحيفة كل العرب
عودة اللاجئين الفلسطينيين غير واقعية
صحيح أننا، مسيحيون ومسلمون، نمر في مرحلة صعبة ولا نحسد عليها، فيها أصبح المنافق زعيما والمتسلق قائدا، كل ذلك باسم الواقعية المهزومة على غرار القيادة العاجزة والفاسدة لهذه الأمة، الأمر الذي أدى بالوطنيين الحقيقيين، من مسيحيين ومسلمين، أن يتنحوا جانبا لكي تمر هذه العاصفة القذرة فلا تصيبهم بوبائها، ولكن هذا لا يعني ابدا انهم تراجعوا عن أداء واجباتهم الوطنية، ولا يعني انهم فقدوا وعيهم الوطني وانتمائهم الجغرافي والتاريخي
وهم في كل الأحوال لم يقولوا يوما :إن عودة اللاجئين الفلسطينيين "غير واقعية"، ولم يصافحوا القاتل جورج بوش ويعانقوه ويقبلوه كما فعل سيادته، ذلك المجرم السفاح والذي وصفه وزير خارجية فرنسا الأسبق ببيلاطس البنطي
هؤلاء الوطنيون وهم الغالبية العظمى من ابناء الطوائف المسيحية في بلادنا لا يدعون الى أخوة الدم مع اليهود كما دعا سيادته، فمع من؟ وضد من؟ أخوة الدم هذه، إن لم تكنمع المحتلين و ضد ابناء شعبنا الفلسطيني من مسيحيين ومسلمين؟ وهؤلاء الوطنيون لا يتمنون لإسرائيل "حياة طويلة"، كما تمنى لها سيادة المطران شقور في المقابلة المذكورة
إن دعوة سيادة المطران عطالله الى ابناء الطوائف المسيحية بتعزيز انتمائهم الوطني الفلسطيني، مذكرا ومنبها من الخطر الذي ينتظرالمسيحية في هذا الشرق عامة وفي هذه البلاد المقدسة خاصة، هو ليس عملا سياسيا ولا تصريحا "متهورا" بل هو في صلب الرسالة التي يتوجب على رجل الدين المسيحي ان يحملها، فكيف إن كان هذا الرجل فلسطينيا عربيا ومسيحيا ارثوذكسيا كما هو المطران عطالله؟
شقور يحصل على الميزانيات من الحكومة الإسرائيلية
أفهم ان سيادة المطران شقور يحصل على الميزانيات من الحكومة الإسرائيلية، ولكنها ليست منة من أحد ولا يجوز ان يدفع ثمنها في خطابه الديني والوطني
وإذا اصبح التطاول على المطران عطالله من بعض المستزعمين موضى وضريبة ولاء إرضاء لأسيادهم، فلا يجوز لرجل دين مثل المطران شقور ان ينضم الى هؤلاء، لأن في ذلك إهانة لشخصه وللثوب الديني الذي يرتديه وللطائفة الكريمة التي يمثلها
فهل من يعتبر؟