رزان بشارات في مقالها:
في مجتمعي النساء تخاف من الدفاع عن حقها ولا تعرف اصلًا ان هذا حق لها
بعد التعمق مع كل سؤال كانت القوة تتغلغل في دمي وتتدفق شرايين مشاعري للنهوض لرفع راية الانتصار مع ذلك التحدي بينَ نفسي والانا
بدأت تدافع عن إنسانيتها وكرامتها وحُبها للحياة مع ذلك الشَغف المتدفق من أعماقها، قالت بصوت عالٍ: "انا امرأة لا أخاف! انا امرأة ثائرة، أنا امرأة أجسد معاني الإنسانية ولأنني امرأة انا حرة قوية اناضل لأجل الحياة".
في مجتمعي النساء تخاف من الدفاع عن حقها ولا تعرف اصلًا ان هذا حق لها! اشعلت بريق عيني ولونت ملامح وجهي فضولا واعجابا بشخصيتها، وقالت: شعرتُ ان هنالك امر ما في حياتي يقبض على صدري وقلبي معًا وينتشل نفسي بين كل شفق وآخر، كان ذلك الإحساس عميق جدًا بحثت كثيرًا عن سبب ذلك الشعور حتى تفاقم الوضع بينَ روحي وجسدي واصبحتُ جَسد فقط بلا روح. قررتُ ان اتذوّق طعم الحقيقة والكشفَ ما وراء الستار، مَهما دفعتُ من ثَمن اردتُ المعركة بين الأنا ونفسي.
فكرتُ حتى تعبتُ كثيرًا من التفكير ولكن تابعتُ حتى مرحلة التساؤلات التي لا جواب لها واجوبة لا تبدأ بتساؤلات ... وبعد المشاحنات مع الآخرين التي كان سببها خلافاتي مع نفسي ادركتُ ان هنالك صُندوق مَتين شديد الصلابة يحصرني في احدى زواياه المُظلمة ويترأس افكاري وتصرفاتي ويحاول التحكم بالأحاسيس ولكن دون جدوى فبقيّ الصوت الداخلي يدقُ باب قلبي لأعلن ذلك السلام مع نفسي حتى انتصرت ... وادركتُ حينها ان التربية والتقاليد والاحكام تجسدت بشخصيّتي عن طريق ذلك الشاب المَغرور الذي شددت مفاهيمه الخُطوط العريضة لذلك الصُندوق وخنقتني، نَعم خَنقني بحبه المُفرط في البداية، بتصرفاته المُبالغة وتضحيته الشقيّة، بشجاعته للدفاع عني وحاجته لتنفيذ خطة المجتمع وترأس هرم الطبقية، ومع كل خطوة كنت اغرق اكثر واكثر وقمت بتقليد النماذج امامي، الخضوع والخنوع وتمثيل دور المرأة المثالية في نظر مجتمعي، التي اتابعها من خلال المسلسلات والافلام والقصص والروايات وايضًا بالنساء من حولي ... المرأة التي تجتهد لتكون او لا تكون! المرأة التي تربط انفاسها بالرجل، دون مبرر او اعذار يخترق قلبها وعقلها وتفكيرها ليغدو كالاحتلال بحد ذاته الذي نعيشه منذ عام ال 1948بالعنصرية وعدم المساواة، بالإنسانية التي ليس بها انسان بالتعذيب والترهيب والقمع والاذلال.
جَرفتني تضخمات النبضات في قلبي بعد المعاملة السيئة من شتائم كلامية اثناء المشادات، ومن فرض العلاقة الجنسية كونها دائما الحل الامثل للمنازعات، والعنف الجسدي عند رفضي للمناقشات والجدالات … الى الغليان والثوران، وسألت السؤال الأكبر، المَصيري، الذي كان مُكبل! من انا ؟! وماذا اريد من حياتي ؟! ما هي طموحاتي وما اهدافي؟!
ما هي رسالتي؟ وهل افكاري اهدافي ما اتوق اليه فعلًا وارغب به سأحققه مع هذا الانسان الذي يدّعي انه "مثالي"!
بعد التعمق مع كل سؤال كانت القوة تتغلغل في دمي وتتدفق شرايين مشاعري للنهوض لرفع راية الانتصار مع ذلك التحدي بينَ نفسي والانا. حتى قررتُ الانفصال عنه ... قررتُ واخيرًا بعد كل الصراعات، قررتُ الاختيار الأمثل وهو الانفصال !
تحررتُ من ذلك القَيد، وبدأت بخطواتي، فقط كان علي ان ابدأ بالخطوة الاولى وان احب ذاتي واؤمن بها، بدأت الحياة ترفرف من حولي والأمل يسطع جوفي حتى زُرعت طاقات ايجابية تتجدد دائما مع كل اشراقة شمس حولي وثابرتُ، ناضلت، اكملت مساري المهني الانساني للتقدم في المجتمع وتقليص الفجوات ولكشف تلك الجوهرة والميزة بين كل نفس والانا خاصتها ... وحققتُ ذاتي وتفوقت ونجحت وتقدمت الى ان تصارحتُ مع نفسي وقمتُ ببناء هويتي المتينة الى ان قابلتُ رجل احلامي الذي يربطني معه ذلك العشق اللامتناهي والالتزام والتفاهم الثقة والاحترام والقيم التي ما زالت راسخة بيننا بعد انجابنا لأطفالنا الثلاثة.
انتِ، إنهضي، قاومي وتميّزي بما تسكبه عليك روحك، تمعني بتفاصيلكِ الجميلة وتقاسيم شخصيّتك المُميزة وقودي الجيل القادم بالتحدي والاصرار والأمل ... فروحك النابضة من حقها ان تعيش بأمان وحرية وعلينا كأفراد تقبل خيارات الآخر وحريته ومسؤوليته الشخصية وعدم الرضوخ للمجتمع الذكوري الذي يحاول دائما حجز تلك الروح، مجتمعنا لا يستطيع قمعنا من الحلم وتحقيق احلامنا ... فقط آمني بنفسك وضعي تلك الحدود جانبًا...
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net