تقرير جمعية حقوق المواطن:
تشديد سياسة العقوبات ضد القاصرين المتهمين بمخالفات القاء الحجارة، والأمن والاخلال بالنظام وتأثيرها على القاصرين- شباط فبراير 2016
المحامية نسرين عليان:
يجب وقف التدهور المستمر في التعامل مع مخالفات الأحداث التي لا يمكن تغييب بُعدها وطابعها السياسي ضد سكان القدس الشرقية
وصل إلى موقع العرب وصحيفة كل العرب بيان صادر عن جمعية حقوق المواطن، جاء فيه:"اصدرت جمعية حقوق المواطن في اسرائيل، تقريرًا خاصًا من اعداد المحامية نسرين عليان، يتمحور حول سياسة العقوبات ضد القاصرين وتشديدها فيما يخص مخالفات القاء الحجارة والاخلال بالنظام وتأثيراتها على القاصرين، في القدس الشرقية".
وتابع البيان:"وقالت المحامية نسرين عليان، معدة التقرير أنّ:"الاجواء السياسية العامة تقود الى المزيد من التشديدات بحق القاصرين والفتيان، وفي الكثير من الحالات تتعارض ممارسات الشرطة وتوصيات النيابة العامة مع جوهر القانون، ما يؤدي الى انتهاكات خطيرة بحقهم. وأضافت، يجب على الجهاز القضائي الالتفات الى هذه التجاوزات والايعاز بوقفها نهائيًا، والعمل على تغليب اعادة تأهيل القاصرين وحصولهم على محاكمة عادلة تضمن حقوقهم، وتمنع اعتقالهم التعسفي".
وأكدت المحامية عليان، أن:"القوانين الاسرائيلية التي يتم تعديلها في السنتين الاخيرتين هي دليل واضح على التوجيه السياسي الحاصل، الذي يتناقض مع جوهر قانون الأحداث ويزيد من مأساوية التعامل مع سكان القدس الشرقية وشريحة الشباب والاحداث بشكل خاص. لذلك يجب وقف هذا التدهور المستمر والتعامل مع مخالفات الاحداث بشكل موضوعي وقانوني ومعالجة الأسباب الحقيقية التي لا يمكن تغييب بُعدها وطابعها السياسي، خاصة في القدس الشرقية التي يتمحور الصراع السياسي المستمر في تفاصيلها اليومية"، بحسب البيان.
ملخص التقرير
وجاء في البيان أيضًا:"يبدو التغيير واضحًا جدًا في مدى اختلاف التعامل القضائي مع اعتقالات الاطفال المتهمين بالقاء الحجارة وبتهم أمنية كالإخلال بالنظام، في منطقة القدس الشرقية بشكل خاص، وذلك بتوجيه واضح من الهيئات السياسية والقضائية العليا، تبدأ بتوصيات وقرارات من الحكومة، الى تغييرات و"تعديلات" بمفهومها السلبي المتشدد وتغييرات في توجيهات مرسوم النيابة العامة. هذه الدلائل تجسد التغيير المنهجي الحاصل على ارض الواقع، بتشديد القبضة الحديدية وفرض عقوبات صارمة بحق الاطفال بعيدًا عن فحص امكانيات أخرى، تكون أولويات طبيعية في غالب الأحيان، وفحص سبل وبدائل لاعتقال وحبس الأطفال والقاصرين.
ان المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه قانون الأحداث، المنصوص عليه في البند (1. أ) "احقاق حقوق القاصر، تفعيل الصلاحيات، واتخاذ اي خطوات بحقه، يجب ان تتم بالحفاظ على احترامه، ومنح وزن مناسب للنظر بامكانيات اعادة تأهيله، علاجه، دمجه في المجتمع، بما يتلائم مع جيله ومدى بلوغه".
هذا المبدأ لا يحظى بأي اهتمام من قبل السلطات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة بما يتعلق بالتعامل مع الأطفال والقاصرين المتهمين بإلقاء الحجارة والإخلال بالأمن، وما تقوم به سلطات الأمن فعلا ً هو التفكير في سبل ترهيب وردع الأطفال فقط.
هذا التعامل يندمج مع التغييرات السياسية والتعديلات التشريعية والأوامر، التي تم اجرائها بشكل محدد وموجه، إما لأعمال (مخالفات قانونية) محددة وإما اتجاه مجموعة سكانية خاصة، وبعضها كان له توجه عام".
القاصرين في القدس الشرقية
وتابع البيان:"تُظهر الارقام المتعلقة باعتقالات القاصرين في القدس الشرقية، انه تم اعتقال 792 قاصرًا فلسطينيًا في العام 2014، ومن بينهم تم توجيه لائحة اتهام فقط ل-178. وحتى منتصف العام 2015 تم اعتقال 338 قاصرًا، وتوجيه 88 لائحة اتهام. بينما في الاشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي- (13.9.2015 – 15.12.2015)، تم اعتقال 398 قاصرًا فلسطينيًا من سكان القدس الشرقية.
تتجاهل سلطات الاحتلال في القدس الشرقية، حقيقة ان القاصرين الفلسطينيين يولدون في واقع صعب، وهم في مركز الصراع السياسي الدموي، كونهم يعيشون في القدس. وان الاهمال المتواصل الذي يعانون منه هو نتيجة مباشرة للاحتلال المفروض عليهم، والذي يزيد من صعوبة وضعهم".
المشاكل الناتجة عن التغييرات التشريعية الموجهة سياسيًا
وأوضح البيان:"سياسة الاعتقال حتى نهاية الاجراءات للأحداث تضر بسير القضايا ونزاهتها وتشجيع الاعترافات الباطلة:
• السياسة الجديدة للاعتقال حتى نهاية الاجراءات في قضايا القاء الحجارة، وبتزامنها مع بطء سير القضايا بسبب الضغط الكبير المتراكم على المحاكم، تتسبب باعتقال القاصرين لشهور عديدة خلال الاجراءات القضائية. هذا الأمر يؤدي في الكثير من الحالات الى اعتراف القاصرين بالتهم الموجهة اليهم حتى بدون وجود محاميهم، وعقد صفقات مع النيابة والاكتفاء بالأشهر التي تم اعتقالهم خلالها كمدة العقاب، وعدم المخاطرة في مواجهة خطر الاعتقال لمدة اطول. هذه الحالات تزداد مع تعرض الاطفال والقاصرين الى ظروف اعتقال صعبة وتعرضهم الى صدمات نفسية قاسية، خاصة الأطفال الأصغر عمرًا. تسلسل الأحداث هذا يقود الى صفقات مع النيابة دون الوصول الى جلسات الاثبات القضائية واتمام الإجراءات القانونية، ما يؤثر على سير المحكمة والاضرار بالحق في محاكمة عادلة.
• تشديد سياسة العقوبات من شأنها ان تسبب الانتكاس والعودة للسجن للقاصرين والشباب: تدل الأبحاث ان الاعتقال المتواصل لا يحقق هدف الردع، بل يزيد من نسبة الشباب الذين يعودون الى السجن. البحث الذي أجرته مصلحة السجون في شباط (2015)، فحص نسبة السجناء الذين يتم اعتقالهم مرة أخرى واعادتهم للسجن، بين السجناء اللذين اطق سراحهم في العام 2008. دلت النتائج ان النسبة الأعلى للسجناء العائدين الى السجن هي بين القاصرين، وان 75% من المعتقلين دون 18 عامًا، يعودون للسجن مرة أخرى خلال حياتهم. هذا الأمر يكون أكثر قساوةً عند الحديث عن أحكام السجن على الأطفال في عمر 12-14 عامًا، كما اقترحت مؤخرًا وزيرة القضاء. حتى لو تم تنفيذ حكم السجن عند بلوغ القاصر جيل 14 عامًا، هذا الأمر يتعارض مع قانون الأحداث، الذي يفرض منح وزن مناسب للتأهيل والعلاج، وإعادة القاصرين والأطفال الى دائرة الحياة الطبيعية، حتى لو وجهت اليهم تُهم صعبة.
• انعدام بدائل الاعتقال وعدم وجود برامج تأهيل وارشاد، خاصة في القدس الشرقية:
1) قيد الكتروني: لا يوجد بدل للاعتقال، بالقيد الالكتروني في القدس الشرقية. بسبب رفض الشركة التي توفر هذه التقنية العمل في مناطق القدس الشرقية.
2) حبس منزلي: المحاكم لا تحبذ اطلاق سراح المعتقلين للحبس المنزلي حتى لو كان المنزل المقترح في حي آخر، غير الذي تم فيه الحدث الذي اعتقل فيه الشخص، بسبب الحوادث التي تجري في غالبية أحياء القدس الشرقية، لذلك غالبًا ما تُلغى هذه الامكانية.
3) مؤسسات مغلقة: هذه الامكانية غير قائمة في القدس للقاصرين العرب، وحتى على مستوى البلدات العربية داخل إسرائيل، الامكانية الوحيدة هي مؤسسة مغلقة للقاصرين في يركا في الشمال، التي تضم بضع عشرات من القاصرين ومدة الانتظار للحصول على مكان شاغر تصل الى 4 أشهر، (ينتظر خلالها القاصر في السجن)، ومؤسسة وحيدة في حي بيت حنينا وبعض المؤسسات التأهيلية المفتوحة في الشمال.
• الإشكالية في معاقبة والدي الأولاد المحكوم عليهم والمعتقلين: فرض عقوبات على الوالدين تفرغ احدى الاليات المهمة التي كانت بيد الجهاز القضائي بفرض غرامات ومصاريف وتعويضات فقط في حال عدم تجريم القاصر، وإتاحة المجال أمام تأهيله. هذا التشريع، الذي يضيف إمكانية فرض عقوبات اقتصادية (على أي جريمة) ومصادرة المخصصات التي تتلقاها العائلة (خصوصًا في المخالفات الأمنية والقاء الحجارة)، تتسبب بتمييز لا يمت للقانون بصلة بين المخالفات. بالإضافة الى ذلك هذا التشريع يضاعف العقوبة: الأسرة تعاقَب بمجرد وضع القاصر في المعتقل، بالإضافة إلى مضاعفة العقوبة ضدهم بفرض عقوبات اقتصادية. تتفاقم هذه الحالات بين السكان والأهالي أبناء الطبقات الاجتماعية الصعبة والاقتصادية المستضعفة، وتجدر الإشارة إلى أن 79٪ من سكان القدس الشرقية يعيشون تحت خط الفقر. ومن المهم أيضا التأكيد على أن التعديل المذكور أعلاه، يتناقض وقانون العقوبات الذي يفرض المسؤولية الجنائية على مرتكب الجريمة نفسه وليس على شخص آخر"، وفق البيان.
توصيات
وأضاف البيان:"من أجل إحقاق مبادئ قانون الأحداث، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، نوصي بتغيير السياسة القائمة، لتشمل:
1. الهدف العام- مصلحة القاصر: على كل السلطات، بما في ذلك الشرطة والنيابة العامة والسلطة القضائية، العمل بروح قانون الأحداث ومنح القاصر الحق في الحصول على المبدأ الأساسي لحقه بالرعاية والتأهيل وعودته إلى دائرة الحياة الطبيعية.
2. الاعتقال حتى نهاية الإجراءات: على المدعي العام التوقف عن منح التوصية بالاعتقال حتى نهاية الإجراءات للقاصرين بشكل جارف لكل الحالات. لتمكينهم من استنفاذ حقوقهم، والحفاظ على الإجراءات القانونية العادلة، ومنح الفرصة لإعادة التأهيل وتجنب الاعتقال.
3. بدائل الاحتجاز: يجب تحسين بدائل الاعتقال التي تولي العناية الواجبة للقاصرين. كذلك يجب تفعيل القيد الالكتروني في القدس الشرقية. ومن الضروري إنشاء وتشغيل مؤسسات مفتوحة ومغلقة لإعادة تأهيل القاصرين، لا سيما المؤسسات التي تعنى بالقاصرين العرب على ضوء النقص الكبير، وفتح برامج لإعادة التأهيل تتلائم والخصوصية الثقافية والاجتماعية للقاصرين العرب.
4. قاصرين متهمين بجرائم قتل خطيرة: على الحكومة أن تمتنع عن تشريع "تعديل قانون العقوبات" الذي من شأنه أن يسمح بسجن القاصرين الذين تم الحكم عليهم بالسجن قبل بلوغهم سن 14 عامًا. بهذه الطريقة فقط ممكن أن تتاح الفرصة للأحداث والقاصرين لإعادة تأهيلهم.
5. محاكم الأحداث: على النيابة العامة النظر بتوجيه لائحة الاتهام لمحكمة الصلح في قضايا القاء الحاجرة بموجب البند 332 (ب) لقانون العقوبات، وليس للمحكمة المركزية. بموجب البند 3 (ب) لقانون الأحداث، وبناء على أمر الاحداث (المحاكمة والمعاقبة وطرق العلاج) (تأهيل محكمة الصلح للأحداث لمناقشة جرائم الأحداث والقاصرين) 1990، الذي ينص على أن المدعي العام للمنطقة مخول بتقديم لوائح اتهام لمحاكم الصلح للأحداث في كل جريمة ما عدا جرائم القتل والجرائم المنصوص عليها في الفصل "ز" من قانون العقوبات (والتي لا تشمل إلقاء الحجارة).
6. الاستثناءات في القانون: يجب مراقبة ممارسات الشرطة مع القاصرين، بما في ذلك التقليل من استخدام الاستثناءات القانونية التي يشملها القانون الاّ في الحالات الاستثنائية فعلاً. وعلى كبار الضباط معالجة العنف ضد المعتقلين الأحداث من قبل الشرطة بصرامة وحدّة. وإجراء التحقيقات اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة جذريًا.
7. فرض عقوبات على الآباء: في كل مرة تختار المحكمة استخدام عقوبة من هذا النوع، يجب إعطاء وزن كبير للتأثيرات بعيدة الأمد في فرض المسؤولية على طرف ثالث لفعل اجرامي لشخص ما، وأن تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي للأسرة قبل فرض العقوبات الاقتصادية عليها.
الجدول الزمني - تغييرات تشريعية والمبادئ التوجيهية
• 29 حزيران-يونيو 2014- قرار الحكومة الاسرائيلية تشديد مكافحة جرائم القاء الحجارة- نشر القرار 1776 للحكومة- 33. يسعى هذا القرار إلى وضع سياسة صارمة بتقديم لوائح اتهام، بما في ذلك طلبات الحبس حتى نهاية الإجراءات، بهدف فرض عقوبات أكثر صرامة.
• 29 تموز-يوليو 2015- جريمة القاء الحجارة- قانون العقوبات (التعديل رقم 119) -2015، إضافة: جريمة القاء الحجارة/ أشياء أخرى، مدة العقاب خمسة، عشرة وعشرين سنة. جرائم تتعدى عقوبتها مدة سبع سنوات تعتبر "جرائم كبيرة"، وبالتالي يتم تداولها في المحكمة المركزية بدلاً من محكمة الصلح للأحداث.
• 9 أيلول-سبتمبر 2015- مرسوم النائب العام الجديد - نشر نسخة محتلنة من "سياسة مكافحة جريمة إلقاء الحجارة" إرشادات النائب العام للدولة 2.19. التغيير الجوهري هو التوجيه المعلن لسياسة طلبات الاعتقال حتى نهاية الإجراءات لجميع المشتبه بهم بإلقاء الحجارة، وإلالغاء الفعلي لبدائل الاحتجاز، خلافا لجوهر قانون الأحداث.
• 2 تشرين الأول- نوفمبر2015 - تشريع: فرض غرامات على والدي الاطفال- قانون الأحداث (محاكمة ومعاقبة وطرق العلاج) (تعديل رقم 20)، 2015، والذي يمنح إمكانية فرض العقوبة المالية، نفقات المحكمة، ودفع تعويضات للشخص المتضرر من مخالفة القاصر على والدي القاصر بعد إدانته والحكم عليه.
• سحب المخصصات- تعديل رقم 163 لقانون التأمين الوطني [النص الموحد]، 1995، والذي يسمح سحب استحقاقات المخصصات (مخصصات الاطفال، منحة دراسة، دعم للطفل لمستحقي ضمان الدخل أو مستحقات النفقة من التأمين الوطني، دعم للطفل لمخصصات العجز، مخصصات الأرامل والمسنين) لوالدي القاصر الذي ارتكب جرائم أمنية/ إلقاء الحجارة وتم الحكم عليه بالسجن الفعلي.
• تأثير عقوبة الحد الأدنى على القاصرين- قانون العقوبات (تعديل رقم 120 والأمر المؤقت) 2015. ينص القانون (كإجراء مؤقت لمدة ثلاث سنوات) على عقوبة دُنيا لجرائم القاء الحجارة – لا تقل عن خُمس العقوبة القصوى. يجوز للمحكمة أن تحيد عن ذلك فقط لأسباب خاصة يتم تسجيلها. تجدر الإشارة إلى أن هذا التعديل لا ينطبق على القاصرين، لكن تشريعه يتزامن مع الأجواء العامة التي تشجع تشديد العقوبات، والتي يعبّر عنها أيضًا في تعامل السلطات مع القاصرين.
• 18 تشرين الأول- نوفمبر 2015- فرض السجن الفعلي لدون جيل 14 سنة، بموجب مذكرة قانون الاحداث (محاكمة، ومعاقبة وطرق العلاج)(تعديل)(طرق العقاب)-2015، الذي يقترح فرض عقوبة السجن الفعلي في حالة جريمة قتل خطيرة، على الاحداث الذين لم يبلغوا سن ال 14"، وفقًا للبيان.