أصدرت المحكمة العليا (الهيئة القضائيّة: القاضي سليم جبران والقاضية عدنا أربيل والقاضي عوزي فوغلمان) اليوم، الثلاثاء 15 تموز 2008 أمرًا مشروطًا وجهته لسلطة السجون الإسرائيليّة ("شاباس") أمرتها فيه بتفسير سياستها بعد السماح للأسرى السياسيين التي تُصنفهم كأسرى "أمنيين" باحتضان أطفالهم، دون سن العاشرة، خلال الزيارة
أصدرت المحكمة هذا الأمر في الجلسة التي عُقدت للنظر في الالتماس الذي قدمّه مركز "عدالة" قبل أربع سنوات (آب 2004 من أجل السماح لأطفال الأسرى بالاقتراب من ذويهم واحتضانهم خلال الزيارة
تجدر الإشارة إلى أنّ سلطة السجون طلبت خلال الجلسة من المحكمة بإغلاق الجلسة وإخراج المحاميّة عبير بكر من "عدالة" من قاعة المحكمة، لكي تُقدّم للمحكمة موادًا سريّة حضرها جهاز المخابرات العام ("الشاباك") تثبت الخطورة الأمنيّة التي يشكلها الأطفال فوق جيل السادسة ودون سن العاشرة
واعترضت المحاميّة بكر على هذا الطلب بشدّة، مدعيّةً أنها محاولة لتحويل البُعد الإنساني في القضيّة إلى بعد أمني
وفي أعقاب اعتراض المحاميّة بكر، لم تتطلع المحكمة على هذه المواد السريّة
يُذكر أنّه ومنذ تقديم الالتماس في العام 2004 قدّمت سلطة السجون عدّة اقتراحات بخصوص قضيّة لقاء الأطفال مع ذويهم الأسرى، رفضها مركز "عدالة"
في البداية، تراجعت سلطة السجون عن موقفها الأول الداعي لسلب كلي لحق الأسرى في احتضان أطفالهم، وقامت بوضع معايير جديدة
وكان الاقتراح الأخير هو تحديد جيل الأطفال الذين يحق لهم احتضان أهاليهم الأسرى حتى جيل 6 سنوات وليس 10 سنوات كما طالب الالتماس
كذلك، شددت سلطة السجون أنها لن تحدد وتيرة واضحة للزيارات المفتوحة وادعت أنّ تحديد جيل الأطفال الذين يحق لهم احتضان وزيارة أهاليهم الأسرى حتى جيل 6 سنوات يأتي من منطلقات لوجوستيّة، إذ أنّ هنالك نقص في القوى العاملة
كذلك ادعت سلطة السجون أنّ للأطفال ما فوق جيل 6 سنوات يملكون قدرة على النطق، ما يشكل خطرًا أمنيًا
في 13
7
2007، أمرت المحكمة العليا سلطة السجون بإعادة النظر في اقتراحها الأخير
في كانون ثاني 2008، أعلنت سلطة السجون للمحكمة أنها لن تتراجع عن موقفها بخصوص الجيل ووتيرة الزيارات بالرغم من معارضة الملتمسين وتحفظات المحكمة
وعارضت المحامية بكر في الرد الذي قدمته للعليا في آذار 2008 توجه سلطة السجون، وادعت أنّه توجه غير قانوني وغير أنساني، يعتبر أن قدرة التعبير الكلامي لدى الأطفال ما فوق جيل ال-6 سنوات تلغي حاجتهم الإنسانية باحتضان أهلهم وتبادل العطف والمحبة
شدد "عدالة" أيضًا أن مصلحة السجون تتجاهل واجبها بتخصيص موارد خاصة وقوى عاملة لتمكين الأسرى وأبنائهم من تحقيق ولو القليل الذي يسمح لهم بإطار سجنهم وخصوصًا عندما يدور الحديث عن حوالي-9000 شخص، والذي تم نقلهم من مكان سكناهم في المناطق المحتلة إلى داخل أراضي الدولة لقضاء محكوميتهم، ما يناقض القانون الدولي، ويشكل صعوبة في زيارة عوائل الأسرى داخل السجون بسبب البعد الجغرافي والحاجة لتنسيق خاص من قبل العائلة أمام الجيش، ومن هنا فإن مصلحة السجون ملزمة بإتاحة وتسهيل الزيارات بشكل مضاعف
وشدد "عدالة" أيضًا في رده للمحكمة أن الاعتبارات اللوجستية والمادية لا يمكنها أن تفسر المس بحقوق الإنسان
كما عبر "عدالة" عن معارضته التامة لمعيار وضعته مصلحة السجون، والذي بحسبه يمكنه منع احتضان الأسير لأطفاله كعقاب على مخالفة تأديبية قام بها السجين داخل السجن
وأدعى "عدالة" أن احتضان الأهل الأسرى لأطفالهم ليست منة أو امتياز يمكن سلبه كعقاب على مخالفة تأديبية ، كما أن ذلك يشكل عقابًا جماعيًا ضد الأطفال الفلسطينيين على أمور لا صلة لهم بها
ومن هنا ادعى "عدالة" أن المعايير التي وضعتها مصلحة السجون للاحتضان، غير قانونية وتمس بالحقوق الدستورية للحياة الأسرية بين الأطفال وأهاليهم الأسرى وللزيارات والكرامة والخصوصية