د. فايز أبو شمالة في مقاله:
مدينة الخليل أعلنت بصوت كل الشعب الفلسطيني: أن الذي يجري على الأرض الفلسطينية هو انتفاضة بكل معاني التضحية والفداء
مدينة الخليل ومعها كل المدن الفلسطينية تعلن من خلال انتفاضة القدس أن كل السكاكين المدببة قد أصابت وعد بلفور في مقتل قبل أن تصيب فكرة الأمن والاستقرار التي تمناها اليهود على هذه الأرض
مدينة الخليل لم تودع كوكبة من الشهداء في نهاية أكتوبر من العام 2015، مدينة الخليل أعلنت عن فتح باب التسجيل لقوائم الشهداء الجدد الذين يصطفون في الطابور الممتد من غزة حتى رام الله، ومن جنين حتى نابلس وأريحا والقدس وحلحول، ورفح
خروج عشرات آلاف الرجال من مدينة الخليل لتشييع جنازة كوكبة من الشهداء لا يحمل معاني الوفاء للوطن، ولا هو عهد للشهداء على مواصلة المسير، خروج مدينة الخليل في وداع الشهداء يعني أن كل المدن الفلسطينية قد صارت مدينة الخليل، وأن المقاومة في مدنية الخليل قد صارت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني الذي قال كلمته وسط الحشود الغاضبة، وهي تهتف ضد اتفاقية أوسلو، وضد مواصلة التنسيق الأمني، وضد مبادرة جون كيري، وضد كل فلسطيني تسول له نفسه الالتفاف على الانتفاضة، ومحاولة خنقها أو التآمر عليها بالوعود الزائفة.
مدينة الخليل أعلنت بصوت كل الشعب الفلسطيني: أن الذي يجري على الأرض الفلسطينية هو انتفاضة بكل معاني التضحية والفداء، وأن خروج الشعب بعشرات الآلاف لا يتم من خلال هبة شعبية كما زعم البعض، فالهبة الشعبية محدودة المكان، ومقصورة الزمان، ومحكومة بردة الفعل الآنية، التي سرعان ما تخبو، وتذهب ريحها، بينما فعل الانتفاضة باقٍ، ويتطور، ويتصاعد، ولاسيما وهي تدخل شهرها الثاني أكثر قوة وزخماً وإرادة وصلابة.
مدينة الخليل ومعها كل المدن الفلسطينية تعلن من خلال انتفاضة القدس أن كل السكاكين المدببة قد أصابت وعد بلفور في مقتل، قبل أن تصيب فكرة الأمن والاستقرار التي تمناها اليهود على هذه الأرض، لتخرج عليهم مدينة الخليل بعشرات الآلاف في نهاية أكتوبر، تعلن بصوت الدم: أن وعد بلفور الصادر في مطلع نوفمبر قبل مئة عام هو وعد باطل، وأن هذه الأرض العربية لم تكن خالية من أصحابها، هذه الأرض العربية لن تصير وطناً قومياً لليهود، طالما يحتضنها بقلبه صاحبها الخليلي والنابلسي والكرمي والطوباسي واليافاوي والعكاوي والصفدي والبدرساوي والبشيتي والعسقلاني والقلقيلي والريحاوي، والجوراني، أولئك الذين ما تخلوا عنها يوماً، ولن يتخلوا عنها أبداً، رغم حد السيف الذي هددهم فيه نتانياهو، ورغم بريق المال المخنث الذي يلوح فيه أدعياء السلام الخبيث.
مدينة الخليل لم تودع كوكبة من الشهداء في نهاية أكتوبر من العام 2015، مدينة الخليل أعلنت عن فتح باب التسجيل لقوائم الشهداء الجدد الذين يصطفون في الطابور الممتد من غزة حتى رام الله، ومن جنين حتى نابلس وأريحا والقدس وحلحول، ورفح، ليكتبوا بالدم الطاهر أن مدينة الخليل ترفض أن تكون استثناءً، وإنما هي الأصل الثابت للمقاومة، الذي أخذت منه غزة بعض شهامتها حين تألقت بالمقاومة الإبداعية سنة 2014، لترتقي مقاومة الخليل ثانية مع صمود غزة إلى الأعالي خطوة، وهي تنادي على بقية المدن الفلسطينية التي تحمحم، وتنز عرقاً وشوقاً للمواجهة القادمة.
ويا ويل إسرائيل من غضب الشعب الذي تقود انتفاضته مدينة الخليل.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net