العاملة الاجتماعية فرات إبراهيم في مقالها:
بالدرجة الأولى ملقاةً على كاهل الأبناء أنفسهم، وعلى رغبتهم أو عدمها في مواصلة التّعلّم المذكور، إذ نجد شريحةً واسعةً منهم يقنعون بمرحلة تعلّميّة معيّنة، ولا يطمحون للانطلاق منها نحو عوالمَ أخرى أكثرُ رقيًّا
ولو نظرنا في المسألة من الزّاوية الأخرى، سنجد كثيرًا من الأبناء الّذين نشأوا في أُسَرٍ فقيرةٍ مُعدَمة ماديًّا، وسكنوا منازل مُتواضعة، وقضوا وقتهم في جوّ أسريٍّ صعبٍ، وربّما يكون هؤلاء الأبناء هم المُعيلون لعائلاتهم، فتجدهم يعملون وفي ذات الوقت يُتابعون دراساتهم ويُبدعون
أوجّه كلماتي لبعض الأبناء الّذين لم يُكملوا دراستهم، ويُلقون باللّوم على آبائهم، أقول لهم، هذا نِتاج رغبتكم، وهذه هي مُحصّلة عدم ضغطكم على ذاتكم، في الوقت الّذي يفترض بكم التّركيز فيه على أنفسكم من خلال الإقبال على العلم والتّعلّم والمعرفة
عندما ننظر حولنا كي نعرف الأسباب الّتي توصلُنا لمعرفة سبب وصول أو فشل وصول الأبناء للمراحل التّعليميّة العُليا، ولَا سيّما الأكاديميّةَ منها، وعلى عاتق من تقع مسؤوليّة هذه المعادلة، نجد وبرأيي المتواضع أنّ المسؤوليّة الكبرى وبالدرجة الأولى ملقاةً على كاهل الأبناء أنفسهم، وعلى رغبتهم أو عدمها في مواصلة التّعلّم المذكور، إذ نجد شريحةً واسعةً منهم يقنعون بمرحلة تعلّميّة معيّنة، ولا يطمحون للانطلاق منها نحو عوالمَ أخرى أكثرُ رقيًّا.
إنّني على يقين تامٍّ أنّ من يُواصل التّعلّم للمراحل العُليا لا يتمتّع بالذّكاء أكثر ممّن ترك الدّراسة في مرحلة معيّنة بالضّرورة، لأنّ هذا الأمر لا يُعتبر مقياسًا ناجعًا للذّكاء. لقد ألقيت جزءًا كبيرًا من المسcوليّة على الأبناء أنفسهم في مواصلة التّعلّم أو عدمه، وذلك لأنّه لو تمكّن الآباء من تقديم وتوفير كلّ ما يلزم لأبنائهم من المُتطلّبات الضّروريّة لمُتابعة الدّراسة، كالمال والأجواء العائليّة المُناسبة والمُساعدة في كافّة المجالات المطلوبة، ولم يكن للأبناء رغبة في مُتابعة التّعلّم، فلن ينجح الآباء في تحقيق هذه الغاية أبدًا، حتّى لو اتّبعوا كلّ الوسائل التّرغيبيّة أو التّرهيبيّة.
تأكيدًا لكلماتي هذه، ولو نظرنا في المسألة من الزّاوية الأخرى، سنجد كثيرًا من الأبناء الّذين نشأوا في أُسَرٍ فقيرةٍ مُعدَمة ماديًّا، وسكنوا منازل مُتواضعة، وقضوا وقتهم في جوّ أسريٍّ صعبٍ، وربّما يكون هؤلاء الأبناء هم المُعيلون لعائلاتهم، فتجدهم يعملون وفي ذات الوقت يُتابعون دراساتهم ويُبدعون! ذلك لأنّ الرّغبة والتّصميم والإرادة القويّة على الوصول للدّرجات العليا من التّحصيل العلميّ والإبداع متوفّر فيهم.
لكنّ النّتائج الأروع في هذا المجال تتحقّق عندما تتوفّر كافّة المتطلّبات من الآباء، وفي ذات الوقت تتوفّر الرّغبة والتّصميم من قِبل الأبناء، وحينها سنلمس حصادًا عظيمًا طيّبًا خصبًا منَ الشّهادات العلميّة والإبداع، وكمثال يحضُرني في هذا المقام، فإنّنا نجد في البيت الواحد، وفي نفس الظُّروف المُتشابهة والمُتوافقة داخل الأسرة الواحدة، أنّ هناك ابنًا أو ابنة حصلوا على الدّكتوراه، وأنّ أحد الإخوة قد ترك مقاعد الدّراسة باكرًا، وتوجّه لسوق العمل رغم مُحاولة الوالدين جاهدين معه بشتّى الطرائق والوسائل للبقاء في مساره التّعلّميّ.
أعود وأكرّر وأوجّه كلماتي لبعض الأبناء الّذين لم يُكملوا دراستهم، ويُلقون باللّوم على آبائهم، أقول لهم، هذا نِتاج رغبتكم، وهذه هي مُحصّلة عدم ضغطكم على ذاتكم، في الوقت الّذي يفترض بكم التّركيز فيه على أنفسكم من خلال الإقبال على العلم والتّعلّم والمعرفة.. لكنّ منكم من يأبَى الخيرَ!
دبورية
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net