المحامية نسرين عليان:
العربية لغة رسمية في دولة اسرائيل وواجب على سلطات الدولة تقديم الخدمات للمواطنين العرب بلغتهم الام.. اقصاء اللغة العربية من المكتبات البلدية في نتسيرت عيليت هي اقصاء للمواطنين العرب من الحيز العام وعودة الى تطبيق العقيدة المرفوضة منفصل ولكن متساوي
هاني سلوم:
يشكل العرب نسبة 20% من السكان ويعيشون فيها منذ سنوات الستين. لغتنا لغة رسمية ونحن كمواطنين ندفع الضرائب البلدية وعليه، من حقنا- كباراً صغاراً- الحصول على الميزانيات والموارد المتساوية وان تتوفر لنا الفرصة لقراءة كتب بلغتنا في كافة المجالات وان نحظى ببرامج ترفيهية وثقافية بلغتنا الام كما يحظى باقي المواطنين
عممت جمعية حقوق المواطن بيانا وصلت عنه نسخة لموقع العرب وصحيفة كل العرب، جاء فيه: "قدّمت جمعية حقوق المواطن صباح اليوم، 30.3.2015، التماساً إدارياً للمحكمة العليا بإسم مواطنين عرب ضد بلدية نتسيرت عيليت ووزارة الثقافة والرياضة، مطالبةً إياهم بتوفير كافة الخدمات المكتبية المتاحة في المكتبات العامة في المدينة للمواطنين العرب وبلغتهم الأم، وذلك بواسطة شراء الكتب والمجلات وشتى وسائل المعرفة الرقمية بكمية لا تقل من حيث الجودة والمضمون من المجموعات القائمة في المكتبة في لغات أخرى، منها العبرية والروسية. كما طالب الالتماس بإضافة اللغة العربية الى مصادر المعلومات وخدمات البحث الالكترونية، وفي محطات البحث وعلى لوحات المفاتيح في الحواسيب. هذا بالإضافة الى المطالبة بتفعيل برامج وفعاليات تربوية واجتماعية وثقافية باللغة العربية مثل المحاضرات والندوات وحلقات النقاش، و"ساعة قصة" للأطفال ودورات تثقيفية، وخدمات استشارة ومساعدة لطلاب المدارس في تحضير واجباتهم المدرسية".
وجاء في الالتماس الذي قدمته المحامية نسرين عليّان والمحامي عوني بنا من جمعية حقوق المواطن كما ورد في البيان: "انّ المكتبة العامة في نتسيرت عيليت أقيمت العام 1990 في المركز الجماهيري "بركوفيتش"، فيما أقيم خلال السنوات الماضية فرعان اضافيان، أحدهم في مدرسة "كسولوت" بناءً على طلب جمهور القراء الناطقين بالروسية، وتم تدشين الآخر عام 2010 عند اقامة المركز الجماهيري على اسم "جرين" في حي "هار يونا". وتحتوي المكتبات الأربعة على 70 ألف كتاب ومجلة في مجالات عدة وبلغات مختلفة، منها العبرية والانجليزية والروسية وحتى الاسبانية والفرنسية، ولا يوجد كتاب واحد كُتب باللغة العربية".
واضاف البيان: "هذا وإستهل الملتمسون بدايةً اقتباساً من أهداف المكتبة العامة في المدينة كما صاغها القيمين عليها: "تسعى المكتبة في نتسيريت عيليت ان تكون نقطة تحول في مسيرة المواطنين لتحقيق الذات؛ مكتبة عائلية، مفتوحة، مُمكنّة وحاضنة. تبادر المكتبات على بناء الحوارات لخلق ثقافة محلية، تستند على اسس الصبر والتسامح والاحترام المتبادل. المكتبات شريكات مهمات في تطوير ثقافة قراءة عصرية، ووسيلة لتطوير آفاق السكان، لتحقيق أحلامهم ونجاحهم." إلا ان تعنت البلدية منذ العام 2012، حين بدأت المراسلات مع إدارتها، بعدم الاستجابة لطلب المواطنين العرب بإضافة الكتب بالعربية للمكتبة المركزية وفروعها، تؤكد ان مبادئ التسامح والاحترام المتبادل تبنى بين المواطنين غير العرب وان الثقافة المحلية المرجوة لا تشمل الثقافة العربية، وشدّد الملتمسون على ان موقف ادارة البلدية المعارض لإقامة مدرسة عربية في المدينة، والاعلان غير الواضح عن إقامة مكتبة منفصلة للمواطنين العرب، والتي لم تقم حتى اللحظة، يشير الى ان البلدية تعارض اقامة أية مؤسسة ثقافية او اجتماعية عربية في المدينة، وانّ معارضتها هذه تستند الى اعتبارات مرفوضة وغريبة".
وتابع البيان: "كما ادعوا في تطرقهم إلى إعلان البلدية عن نيتها اقامة مكتبة عربية في حي "الكروم" في المدينة، وهو حي غالبية سكانه من العرب ويقع على تخوم مدينة الناصرة، انّ اقامة مكتبة منفصلة لا تناقض المطالبة بإضافة كتب وخدمات مكتبية باللغة العربية في المكتبة المركزية وفروعها الثلاثة، علماً ان السكان العرب يسكنون في أحياء مختلفة في المدينة ولا ينحصر سكنهم في الحي "العربي". كما جاء ان هذه الخطوة لا تلغي التمييز ضد المواطنين العرب، بل تعزّزها وتعبر عن سياسة مرفوضة تهدف الى فصل المواطنين العرب عن باقي احياء المدينة، وأكد الملتمسون ان اقامة مكتبة حاراتية منفصلة تهدف الى رسم الحدود حول الحي العربي وإبعاد العرب عن الحيز العام وإقصائهم من "ساحة المدينة" ومركز الأحداث. كما تحمل رسائل مبطنة خطيرة، مفادها ان المواطن العربي هو "الآخر" والغريب في بلده ويشكل خطراً عليها، وان هذه الرسائل لا تتماشى مع مبادئ الكرامة والمساواة الأساسية، فيما لم يعارض الملتمسون اقامة مكتبة اضافية خاصة للمواطنين العرب، جاء في الالتماس ان على المكتبة هذه ان تستوفي كافة الشروط من حيث التجهيزات والموارد والتمويل والوظائف. إلا انه حتى اللحظة، وبعد أكثر من عامين منذ وعدت البلدية بذلك، لم تقم الأخيرة بتحديد جدول زمني لإقامتها او تعيين وتمويل مكتبيين او حتى شراء كتب، وقامت فقط بوضع خزانة كتب واحدة على هامش القاعة الرياضية في المركز الجماهيري في حي "الكروم". وشدّد الملتمسون ان هذه السلوكيات تعتبر تطبيقاً للعقيدة المرفوضة "منفصل ولكن متساوي"، وأن فصل الحيز والسكان وفق انتمائهم القومي هو فصل مرفوض وغير قانوني ويناقض الحق الدستوري للمساواة، وإدعى الملتمسون ان اقصاء المواطنين العرب، والذين يشكلون خمس سكان المدينة، من الحيز العام ومن مرفق تربوي وتثقيفي واجتماعي هام يتم تمويله من المال العمومي، هو مسٌ بحق المواطنين العرب للمساواة والكرامة، وبحقهم في اللغة والتعليم، وبحقهم في الحصول على حصتهم في الموارد العامة والبلدية على نحو متساوٍ، وهو مخالف لقانون المكتبات العامة ولأهداف قانون منع التمييز في المنتجات والخدمات".
وأضاف البيان: "وجاء في ادعاءات الملتمسين كما ورد في البيان: "ان إقامة حاجز لغوي وثقافي امام المواطنين العرب يمنعهم من تلقي خدمات بديهية، ويميز بين المواطنين على اساس انتمائهم القومي وهويتهم اللغوية، وأنّ المس أشد خطورةً نظراً للأهمية الاجتماعية والثقافية للخدمات المكتبية ولمكانة اللغة في انتاج هوية ثقافية وقومية جامعة وأهمية تعزيز شعور الانتماء في الحيز العام، كما جاء انّ المكتبة العامة تعمل وتمول وفق قانون المكتبات العامة، الذي يسعى الى تنظيم عمل المكتبات العامة لصالح الجمهور بهدف دفع التعليم والثقافة قدماً، ولكي يؤمن خدمات في متناول اليد وبجودة معقولة. كما يستند القانون الى ركائز اساسية أهمها كون المكتبة العامة مفتوحة أمام الجمهور، وان الخدمات المكتبية الاساسية تقدم بدون مقابل مادي، وذلك لكي تؤمن لكل انسان الحق في الوصول لموارد التعليم والثقافة والمعرفة دون شروط ودون علاقة بقدراته الاقتصادية. وأكد الالتماس ان هذه الركائز تعبر عن توجه اجتماعي يمنح اهمية كبرى لوجود المكتبات كوسيلة لدفع قيم التعليم والثقافة والاعتراف ان الدولة ملزمة بتزويد هذا المصدر لمواطنيها لتوسيع افاقهم بشكل مجاني على اساس المساواة الكاملة في الفرص. إلا ان أهداف القانون هذه لا تتماشى ومعارضة البلدية بإضافة الكتب باللغة العربية، وبتنصل وزارة الثقافة من واجبها بالرقابة على المكتبات العامة، علماً ان ميزانية المكتبات تتقاسم بالتساوي بين الوزارة والسلطات المحلية، ومن ناحية أخرى، أكد الملتمسون ان النقص في الخدمات المكتبية باللغة العربية يمس في حق المواطنين العرب في المساواة، وانه عندما تغلق المكتبة ابوابها امام جمهور كبير من سكانها، فهي ليس فقط تخل بواجبها، بل تمس في حقهم بالكرامة، في حين وجود كتب بلغات أخرى غير رسمية ولا ينطقها أبناء الأقلية القومية، تضاعف هذا المس، إضافة الى ذلك، ادعى الملتمسون انّ عدم توفير الكتب بالعربية يعتبر تمييزاً في توزيع تقسيم الموارد الحكومية والبلدية، في حين أقرت المحكمة العليا في السابق انه من واجب مؤسسات الدولة تقسيم الموارد والميزانيات لكافة المواطنين على نحو متساوٍ. كما جاء انّ معارضة البلدية الاستجابة لطلب سكانها العرب تنافي اهداف قانون منع التمييز في المنتجات والخدمات، الذي يهدف الى منع اقصاء مجموعات يتم التمييز ضدهم واقصائهم من تلقي خدمات عامة".
وجاء في البيان: "وإدعى الملتمسون ان العربية هي لغة رسمية في اسرائيل، وان انعدام الكتب بالعربية يمس في حق المواطنين العرب للغة. وقد أقرت المحكمة العليا في السابق ان "اللغة تشغل وظيفةً مركزيةً في الوجود الانساني للفرد وللمجتمع. بواسطة اللغة، نعبر عن انفسنا وعن تميزنا وعن هويتنا الاجتماعية. في حال أخذت اللغة من الانسان، اخذت منه ذاته". كما جاء ان هنالك اهمية كبرى عند الحديث عن لغة لأقلية قومية، اذ تتخذ اللغة وظيفة خاصة في تطوير والمحافظة على هويتهم الثقافية والقومية. وعليه، فإن اهمية منح تعبير عام للغة الاقلية لا تقتصر فقط على توفير معلومات للمواطن. ان التقيّد في استخدام لغة الأقلية تنبثق من حقها في المحافظة على هويتها القومية وعلى تميزها الثقافي في الحيز العام. وقد اقرت المحكمة العليا فيما يخص اللغة العربية ان تميزها مزدوج: "هي لغة الاقلية الكبرى في اسرائيل، وهي مرتبطة بمظاهر ثقافية وتاريخية ودينية للأقلية العربية في اسرائيل. وهي لغة رسمية في اسرائيل. هناك العديد من اللغات التي يتحدثها الاسرائيليون ولكن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة، الى جانب اللغة العبرية، لغة رسمية في اسرائيل وعليه فإن مكانتها خاصة. ولكونها لغة رسمية لها قيمة خاصة وفائضة"، وأشار المتلمسون ان المواطنين العرب في نتسيرت عيليت يشكلون اقلية قومية ولغوية وثقافية، وان احدى ميزات الهوية الثقافية المنفصلة هي اللغة الخاصة. وعليه، فانه ليس فقط من حق المواطنين العرب تلقي خدماتهم باللغة العربية بل واجب البلدية تأمين هذا الحق والعمل على تحقيق حرية اللغة والثقافة. كما جاء انه حتى لو لم تكن اللغة العربية لغة رسمية، فإنه يحق للمواطنين العرب القاطنين في المدينة، قراءة كتب بلغتهم، وان هذا الحق عليه ان يتحقق ليس فقط في المركز الجماهيري "العربي" وإنما في كافة المكتبات العامة في المدينة، إضافة الى ذلك، ادعى مقدمو الالتماس ان البلدية ووزارة الثقافة ينتهكون حق المواطنين العرب في التعليم والثقافة والحصول على معلومات، مؤكدين على ان المكتبة العامة تعتبر وسيلة هامة لتحقيق الحق الاساسي للإنسان للتعليم وللثقافة، وان منالية الحصول على خدمات مكتبية للمواطنين العرب، خاصةً للطلاب، مهم للغاية لتحقيق الحق في التعليم ولتطوير قدراتهم التعليمية وللتطور العام بغية تحقيق حقوق اخرى، كما أكدوا ان النقص في الكتب العربية تؤدي لا محالة الى توسيع الفجوة التعليمية بين الطلاب العرب واليهود. علماً ان وزارة المعارف خصصت مكاناً خاصاً للمكتبة المدرسية في الكينونة المدرسية، بعد تبني ركائز بيان اليونسكو بشأن المكتبات المدرسية، الذي اعتبرها جزءاً لا يتجزأ من العملية التربوية. وأضاف " إن المكتبات المدرسية توفر معلومات و أفكارا تعتبر عاملا أساسيا للنجاح في العمل في المجتمع المعاصر القائم على المعلومات و المعارف، والتي تشكل نوعية مضافة و مكملة للبرامج الدراسية، وخصوصاً في عالم تتغير فيه المعرفة و تتطور باستمرار ، وهكذا تبقى المهارات المكتسبة رصيدا ضروريا للتعلم مدى الحياة ، بما يترسخ لدى المتعلم من مدارك خيالية و علمية و أدبية تمكنه في المستقبل من العيش كمواطن مسؤول .. ومن مهام المكتبة المدرسية توفير خدمات متنوعة للرائد و المتعلم، سواء بواسطة الكتاب أو الوثائق والمصادر والموارد المعرفية الأخرى بجميع أشكالها و شتى وسائطها ..وسيخلق الانتفاع الفعلي و الإيجابي للمعلومات و المعارف لدى المتعلم استعدادا و رغبة في تكوين استقلالية فكرية و أدبية واكتساب قدرة فعلية على التفكير الناقد والمبدع المستقل ".
واختتم البيان: "هذه الركائز ترفع كشعارات رنانة فارغة، حيث لا تقدم البلدية او الوزارات المسؤولة أية من هذه المعلومات والمعارف، ويضطر 2000 طفل عربي في سن المدرسة، الانتساب الى مدارس عربية بعيدة عن مكان سكناهم، لمعارضة البلدية اقامة مدرسة خاصة للطلاب العرب، الامر الذي يؤكد على الحاجة الماسة لخدمات مكتبية داخل البلد لمساندتهم في اتمام واجباتهم المدرسية، كحد أدنى، وفي تعقيبه على تقديم الالتماس، قال هاني سلوم، من سكان نتسيرت عيليت وأحد الملتمسين: "يشكل العرب نسبة 20% من السكان، ويعيشون فيها منذ سنوات الستين. لغتنا لغة رسمية، ونحن كمواطنين ندفع الضرائب البلدية، وعليه، من حقنا- كباراً صغاراً- الحصول على الميزانيات والموارد المتساوية، وان تتوفر لنا الفرصة لقراءة كتب بلغتنا في كافة المجالات، وان نحظى ببرامج ترفيهية وثقافية بلغتنا الام، كما يحظى باقي المواطنين"، ومن ناحيتها، قالت المحامية نسرين عليان مقدمة الالتماس، ان: " العربية لغة رسمية في دولة اسرائيل، وواجب على سلطات الدولة تقديم الخدمات للمواطنين العرب بلغتهم الام. اقصاء اللغة العربية من المكتبات البلدية في نتسيرت عيليت، هي اقصاء للمواطنين العرب من الحيز العام، وعودة الى تطبيق العقيدة المرفوضة "منفصل ولكن متساوي". لقد مر عقد على قرار المحكمة العليا الذي الزم بلدية نتسيرت عيليت اضافة اللغة العربية على لوح الاعلانات البلدية، وها نحن نضطر مجدداً التوجه للمحكمة لتحقيق ما نعتبره مفهوم ضمناً".