في الذكرى التاسعة والثلاثين ليوم الأرض موقع العرب يرصد نضال الأرض
كل منا له طريقته الخاصة بالإحتفاء بيوم الأرض، ونحن في موقع العرب وصحيفة كل العرب ارتأينا أن نحيي هذا اليوم في البحث في حيثيات المضايقات التي يتعرض لها الأهالي وأصحاب الأراضي في منطقة الروحة بوادي عارة، وذلك وفق مخططات ومشاريع تضييق على المزارع صاحب الأرض. الأرض التي استبسل أصحابها سنة 1998 من أجل إعادتها الى أكنافهم وصونها حتى يسلموا الأمانة لأبنائهم وأبناء أبنائهم ولولا عزيمة أهالي أم الفحم لكانت كافة أراضي الروحة قد تحولت الى منطقة عسكرية ولكانت قد سلبت كلها من أصحابها.
ودوت أنباء احداث الروحة في كل مكان حتى صار أهلها مثالا يحتذى بهم، فوقعت اتفاقية الروحة سنة 2000 جالبة بذلك نصرا لأهالي منطقة وأصحاب الروحة لما تضمنته من بنود تصب في صالح المزارع وهي أول اتفاقية توقعها حكومة إسرائيل تعيد من خلالها الأراضي التي صودرت من أصحابها العرب، لكن هل وقعت اتفاقية الروحة بغية امتصاص غضب المواطنين؟ وهل كان التوقيع عليها بداية البحث على طرق أخرى ملتوية لمصادرة أراضيها؟
في عام 2000 تم تجيل حدث تاريخي في حياة فلسطينيو الداخل، حين أبرمت اتفاقية في أم الفحم بين لجنة الدفاع عن أراضي الروحة والسلطات العربية والحكومة انذاك وبموجب الإتفاقية تم إلغاء الصبغة العسكرية عن أراضي الروحة وإعادتها لأصحابها كما وأن أراضي الروحة الشمالية تصبح جزءاً من مساحات النفوذ للسلطات العربية في وادي عارة وجزء من منطقة تنظيمية تتبع للجنة المحلية للتخطيط والبناء وادي عارة وهذا الأمر لم ينفذ حتى الآن.
يقول المهندس محمد هاني رئيس جمعية تراث اللجون الإتفاقية تنص على أن "منطقة الروحة مقسمة الى ثلاثة اقسام (أ,ب,ج)، المنطقة أ خرجت من كونها منطقة العسكرية، المنطقة "ب" حسب الإتفاقية سيتم تقليص المناطق العسكرية فيها وبعد 15 سنة من الإتفاقية (أي هذا العام) يجب أن تكون المنطقة خالية تماما من المخيمات العسكرية، الى حينها فإن المنطقة ب يمكن دخول المواطنين اليها في حال عدم وجود تدريبات للجيش، حيث يكون اتفاق مسبق بين السلطات المحلية في المنطقة والجيش. أما بالنسبة للمنطقة "ج" فهي منطقة عسكرية والتي تشكل مساحتها ما يقارب 25-30 قرية من القرى المهجرة وتقع بها قرية البطيمات والكفرين الخبيزة، وحتى جزء من أراضي اللجون. بيد أن البند الذي يقضي بتقليص تواجد الجيش في الروحة لم يحقق، وكان أثار حفيظة الأهالي التواجد المكثف للجيش في الأسبوع الأخير في منطقة الروحة مشيرين الى وجود علاقة قوية وواضحة ما بين إنتهاء مدة الإتفاقية وبين ما يجري من استفزاز عنصري يرمي لإعادة فتح ملف الروحة من جديد".
يقول مريد فريد رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم:"نحن في اللجنة الشعبية علمنا مؤخرا عن قيام الجيش بمعسكرات تدريب في منطقة الروحة، وذلك من بعض المواطنين الذين توجهوا للجنة الشعبية مشيرين الى تواجد مكثف لدوريات الجيش الدبابات والآلات العسكرية في منطقة الروحة قرب كفرقرع الى منطقة اللجون، وعلى أثر هذه التوجهات قمنا في مناقشة هذا الشأن خلال إحدى جلسات اللجنة الشعبية وأثيرت قضية التواجد المكثف للجيش وتعهدنا أن نكون على تواصل مع لجنة الروحة لمتابعة الأمر، ونحن في الشعبية أبدينا ونبدي استعدادنا لمؤازرة لجنة الروحة في قراراتها وسبق أن قمنا بنشر استنكارنا في وسائل الإعلام لقيام الدوريات الخضراء مضايقة المزارعين والرعاة، موقفنا واضح في اللجنة نرى أنه يجب تطوير اتفاقية الروحة وتقييمها من جديد".
بدوره صرح المهندس سليمان فحماوي مسؤول لجنة الروحة قائلا: "أرى خطورة أكبر من التدريب العسكري إلا وهو مخطط مد خطوط شركة الكهرباء، نحن نعمل في هذه الأثناء على التحضير لإجتماع قريب للتأكيد على تحرير المنطقة "ب" والتي حسب الإتفاقية بعد 15 سنة يتم تحريرها من التخييم العسكري نهائيا، ولكن القلق أن يتم المصادقة على مشروع خط الكهرباء الفاصل بين المنطقة "ا" والمنطقة"ب" من الروحة، فإن المنطقة "ب" التي حررت ستكون ضمن مشروع مد الكهرباء.
وأضاف: نحن عملنا بجهد من أجل الحؤول دون المصادقة على مخطط الكهرباء، قمنا بتقديم الإعتراضات وعملنا اللازم من الناحية القانونية، وحتى الآن نجحنا في تجميد قرار مد خط الكهرباء.
وقال المحامي توفيق جبارين عضو لجنة الروحة حول القضية:"سنوات بعد أن تم التوقيع على اتفاقية الروحة، باشرت الحكومة بإعداد الخرائط المختلفة لمشاريع على أرض الروحة لسلب أكبر كم من أراضي المواطنين، إحدى هذه المخططات كان مخططا نشرته وزارة الداخلية لمد شبكة كهرباء ضغط عالي 400 كيلواط على أراضي الروحة يتم بموجب هذا المخطط مصادرة مئات الدونمات من الأراضي العربية في الروحة فيما ستتضرر آلاف من الدونمات الأخرى بسبب الأضرار البيئية الخطيرة التي سيسببها هذا المشروع كما أن هذا المخطط سيؤثر سلبا على المناطق السكنية القريبة من شبكة الكهرباء وخاصة بلدة معاوية وكفرقرع، من الخطورة التي ينطوي عليها المشروع هي ايضا الحد من تطور البلدات العربية بإتجاه منطقة الروحة. وفي الغالب فإن الهدف من وراء هذا المخطط هو مصادرة الأرض من أصحابها العرب بعد أن فشلت محاولة سابقة سنة 1998 . واضاف:"نحن ننظر للبعد الإستراتيجي وليس على المستوى العيني، التدريبات لن تستغرق أكثر من ساعات، لكن المخططات كمد الكهرباء ترمي لإجهاض اتفاقية الروحة".
"وبحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة قامت قوات من الشرطة ودوريات حرس الحدود والشرطة الخضراء بمداهمة المراعي وطرد قطعان كبيرة من الأبقار وسلمت أصحاب هذه القطعان إنذارات خطية بحجة وجودها بالمناطق العسكرية غربي بلدة معاوية، هذه المضايقات كانت مشروع آخر ضمن المشاريع التي تصب في سياسية مصادرة الراضي". يقول عبد الجبار كمال محاميد مزارع وعضو في لجنة المزارعين الحالية أنا لم ادرس بنود الإتفاقية كاملة لكنني علمت من خلال الإجتماع مع لجنة الروحة واللجان المختصة أن المضايقات التي يتعرض لها الرعاة تنتهك اتفاقية الروحة، خاصة أن الإتفاقية تنص على توسيع مسطحات النفوذ التي يستعملها المزارعين إن كان لرعية المواشي، أو الزراعة".
وايضًا "غالبية سكان القرى يمتلكون المواشي والأبقار، وهم بحاجة دوما لرعيتها في الأراضي الخضراء، ولا أعتقد أن الدوريات الخضراء احرص منا على أنفسنا وممتلكاتنا بالإشارة الى ما تدعيه حول سلامة المواطنين. قمنا نحن المزارعين مع لجنة الروحة واللجان المختصة بعقد إجتماع في بيت المزارع حاتم محاجنة، وتواجد في الإجتماع عدة محامين وقمنا بإختيار لجنة المزارعين واتفقنا أن تجتمع لجنة الروحة مع المنسق للداخلية والجيش لإيجاد حل بديل لنا كمزارعين، وعلمنا فيما بعد أن لجنة الروحة إجتمعت والمنسق للجيش والداخلية في بلدية أم الفحم لكن منسق الدوريات الخضراء تغيب عن الإجتماع لأسباب نجهلها، وقال محمد طميش بالنسبة للمراعي وقع ضمن اتفاقية الروحة على أن يتم الحفاظ على الوضع القائم بالنسبة للمراعي، وغالبية مناطق الرعية كانت تتواجد في منطقة "ج" المنطقة العسكرية والحفاظ على الوضع القائم يعني أن السماح للراعي بأخذ ماشيته ورعيها في المنطقة "ج" دون قلق، لكن المضايقات الكثيرة من قبل الدوريات الخضراء أثبتت مرة اخرى نية المؤسسات الإسرائيلية في اختراق الإتفاقية".
"وفي عام 2011 برز مشروع تنظيمي آخر يقضي بتحويل أراضي الروحة الشمالية لمنطقة خضراء يتم بها تحديد استعمالات الأرض لزراعة الأشجار فقط ومنع أصحاب الأراضي من بناء مخازن زراعية أو حظائر لتربية الحيوانات. هذا المخطط ينطبق على 6,127 دونما تمتد من بلدة البياضة حتى غربي بلدة معاوية، حيث معظم هذه الأراضي بملكية خاصة لأهالي وادي عارة وأم الفحم، ومرة أخرى يتناقض هذا المشروع واتفاقية الروحة التي وقعت سنة 2000 حيث تنص اتفاقية الروحة على أن أراضي الروحة الشمالية تصبح جزء من مساحات النفوذ للسلطات العربية في وادي عارة وجزء من منطقة تنظيمية تتبع للجنة المحلية للتخطيط والبناء وادي عارة، وهذا الأمر لم ينفذ حتى الآن". يقول المهندس سليمان فحماوي. وتابع:"أما عن قضية المخازن الزراعية بقي هنالك بعض العقبات التي نعمل أيضا على التصدي لها بالإضافة للمضايقات التي يتعرض لها الرعاة.
كما وقدمنا اعتراضا على مخطط توسيع عارة، مضيفا: الحقيقة أن آلية التي يمكننا من خلالها أن نعارض المخططات، هي فقط تقديم الإعتراضات، لا يمكننا القول أن الأمر سهل حتى في تقديم الإعتراضات هناك من يقدم اعتراض على اعتراضنا لكننا ماضون في طريقنا لإعادة أراضي الروحة لأصحابها.
وحول جهل الكثير من الناس بماهية اتفاقية الروحة والبنود التي تنص عليها قال: لقد قمنا سابقا بنشر الإتفاقية وتوزيعها للأهالي كما وأعطيت للبلديات وقام حينذاك التوقيع عليها من قبل العديد من الشخصيات الكبيرة، الإتفاقية ليست سرية وجميع أصحاب الأراضي من الروحة يدركون الحدود الفاصلة بين ال 3 أقسام في الروحة.
بدوره المهندس زكي اغبارية المتحدث بأسم الحركة الإسلامية أم الفحم، وهو عضو اللجنة الشعبية في أم الفحم ومهندس البلدية سابقا أكد دعمه للجنة الروحة، مباركا عملها النضالي في سبيل تحصيل حق المواطنين، وقال: نحن نتضامن مع لجنة الروحة، وبالنسبة لإختراقات الجيش فإننا لم نتوقع أقل من ذلك من جانب المؤسسات الإسرائيلية، ما إن تم توقيع اتفاقية الروحة حتى شرعت الحكومة بالبحث وتدبير مخططات من شأنها أن تصادر وأراضي الروحة بشكل قانوني ملتوي، خرائط أعدتها وزارة الداخلية تصعب وتعقد من عملية إقامة الأبنية الزراعية، ناهيك عن قضية الخروقات المستمرة من قبل الجيش، آن الأوان أن يتم تقييم الحال وبحث الإتفاقية مرة أخرى بالإجتماع مع السلطات المحلية، هناك تضييقات مستمرة يواجهها أصحاب الأرض علينا التصدي لها.
من جانبه ووافق مريد المهندس زكي اغبارية قائلا : نحن في اللجنة الشعبية على استعداد للتصدي للمشاريع التي ترمي لمصادرة أراضي الروحة وبحال ثبت قيام المؤسسات الإسرائيلية بذلك فإننا سنقف لهم بالمرصاد ونجند المواطنين، علما أننا لا نتوقع أن تقدم المؤسسات الإسرائيلية على عمل كهذا بعدما أثبت أهالي المنطقة استعدادهم للدفاع عن أراضيهم في الروحة، من جهة أخرى فإننا لا نستبعد ممارسات حكومية عنصرية في ظل عنصرية الحكومة المتزايدة لذا من الضروري أن نبقى متيقظين.
يذكر أنه حسب اتفاقية الروحة يمكن للمواطنين التواجد في المنطقة "ب" من الروحة إلا في حال كان هنالك تدريب للجيش في المنطقة"ج" نظرا لأن ذلك يشكل خطرا على حياة المواطنين، وبهذا فإن على الجيش إعلام البلديات والسلطات المحلية بنيته القيام بالتدريب في منطقة الروحه، لكن وفي حديث مع الناطق بلسان بلدية أم الفحم ناصر اغبارية نفى قيام الجيش بإعلام البلدية في نيته التدرب في المنطقة قبل ثلاثة أيام مؤكدا على أن البلدية توجهت للجهات الرسمية في استفسار حول الأمر وكان رد الجيش أن التدريب كان عبارة عن ترتيب للفرق دون استخدام الأسلحة.