هشام الهبيشان في مقاله:
عرسال أصبحت قاعدة لهذا الإرهاب التكفيري ومن هنا فمن الطبيعي الآن ان نرى أن الدولة اللبنانيية بمجملها وبكل أركانها قد باتت فعلآ هي هدف مستقبلي
المناخ العام بالداخل اللبناني والمرتبط بالاحداث الاقليمية والدولية بدأ يشير بوضوح الى أن لبنان بات هدفًا لهذه القوى "الراديكالية "ومن يدعمها اقليميآ ودوليآ
لقد طرحت عملية جرود رأس بعلبك الاخيرة التي قامت من خلالها مجموعات "راديكالية" تنتمي الى تنظيم داعش الراديكالي بهجمات وعلى شكل موجات متلاحقة بدء من الاراضي السورية المحاذية لمناطق الجرود اللبنانية على بعض الثكنات العسكرية الخاصة والتابعة للجيش اللبناني، مجموعة تساؤلات. ففي هذه المرحلة ومع دخول عامل جديد الى ارض لبنان وهو الإرهاب التكفيري الذي ضرب ببيروت بطرابلس بصيدا بالهرمل وبعلبك وجرود بريتال، والخ، وآخر فصوله كانت عرسال اللبنانية المحاذية للحدود السورية من جهة القلمون السوري المحرر، فعرسال أصبحت قاعدة لهذا الإرهاب التكفيري، ومن هنا فمن الطبيعي الآن ان نرى أن الدولة اللبنانيية بمجملها وبكل أركانها قد باتت فعلآ هي هدف مستقبلي لهذه التنظيمات الراديكالية بدء من النصرة وداعش وانتهاء بجماعات عبدالله عزام وجند الشام وبعض الجماعات الراديكالية الاخرى بالداخل اللبناني والواضح الان ان هذه التنظيمات جميعها لديها هدف ورؤية واحدة الان وهو اسقاط لبنان واغراقه بحالة الفوضى، خدمة لبعض الاجندات الداخلية والاقليمية والدولية.
فمعظم الفرقاء السياسيين في لبنان يدركون مسار هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدف لبنان داخليا وإقليميا ودوليا فمعظم صناع ومتخذي القرار بمختلف توجهاتهم يعون اليوم وأكثر من أي وقت مضى ان لبنان اصبح ساحة مفتوحة لكل الاحتمالات: إغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهايية - فالمناخ العام بالداخل اللبناني والمرتبط بالاحداث الاقليمية والدولية بدأ يشير بوضوح الى أن لبنان بات هدفًا لهذه القوى "الراديكالية "ومن يدعمها اقليميآ ودوليآ، بعد فشل الرهان على هذه الجماعات الراديكالية بسورية، ومع أن مؤشرات ولقاءات الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين بلبنان حاولت مؤخرآ وقدر الامكان تقديم مبررات ومعادلات الامن الذاتي والمبادئ الاخلاقية والحسابات المستقبلية لتوسع نفوذ وقواعد الجماعات الارهابية التي نشرت قواعدها بالقرب من الحدود اللبنانية - السورية كسبب منطقي،لضرورة التوافق الداخلي اللبناني لحماية مستقبل الدولة اللبنانيية.
ولكن على ما يبدو أنه ورغم وجود مؤشرات ضعيفة لنجاح لقاءات الداخل اللبناني، الا أنه مازال واضحًا لمعظم المتابعين لمسار تحركات الجماعات الراديكالية داخل وفي محيط لبنان أنه ما زال هناك دعم للجماعات التكفيرية داخل لبنان وأن هناك بعض القوى تحاول شرعنة عمل هذه الجماعات التكفيرية، ومن هنا نقرأ أن هذا الارهاب التكفيري الذي ضرب لبنان ومازال من شماله لجنوبه وشرقه لغربه ليس ارهابا من أجل الارهاب فقط بل هو أرهاب من نوع آخر، فهو ارهاب ذو بعد اخر ومتعدد الاوجه وهدفه الوصول الى مكاسب سياسية في لبنان من قبل بعض الاطراف؟ فالوضع بلبنان مختلف والمعادلة بسيطة تفجير أرهابي ببيروت أو بطرابلس او عملية بعرسال او بجرود بعلبك او بالبقاع تحمل عدة رسائل لكل الأطراف المتنازعة وقد يكون الانفجار مدبر لإيصال رسائل الجميع للجميع وهنا يمكن القول ان الارهاب بلبنان أصبح مشرعن من قبل البعض بل وأصبح ضرورة لإيصال رسائل البعض للبعض الاخر.
ونستطيع قراءة كل ذلك ومن خلال قضية العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى التنظيمات الراديكالية، فهذه القضية أصبحت بمثابة رأس الحربة التي يتكئ عليها البعض بلبنان، ولا يخجل أبدًا من رفعها ببعض الظروف للمناورة بها للوصول من خلالها الى بعض مكاسب سياسية داخل لبنان وخارجه، فجميع المتابعين لهذه القضية يعلمون أن مطالب الجماعات التكفيرية، يتم تجهيزها لهم من قبل بعض الاطراف داخل وخارج لبنان، ونفس هذه الاطراف التي تضع وتجهز هذه المطالب هي نفسها من تبدأ بعملية التفاوض عليها”فهي تمارس سياسة مزدوجة "، العملية معقدة هنا، وشائكة الى حد بعيد، فعندما تكون هذه الجماعات التكفيرية و”بعض "المفاوضين من الدولة اللبنانية، والوسيط بين هذين الطرفين بهذا التفاوض، هم جميعآ يدورون بفلك واحد ولديهم رؤية مشتركة ومرجعية واحدة، فهنا من الصعوبة بما كان ان يتم الوصول بسهولة الى حل يخدم قضية الافراج عن أسرى الجيش اللبناني،وعلى هذه القضية بتفاصيلها وأبعادها ستعمم التجربة على باقي الملفات الشائكة بلبنان.
فهناك اليوم في لبنان جماعات سياسية ودينية، تحاول وبقوة أن تمنح هذا الارهاب التكفيري، شرعية، وهي بالفعل الآن بدأت تعمل وبقوة على توفير هذا الغطاء الشرعي، من خلال دعم مساعي هذا الارهاب التكفيري ومن خلفه مشغليه، بأن يصلوا الى بعض أهدافهم السياسية والامنية داخل الدولة اللبنانية، فهذا الارهاب أصبح بلبنان هو أرهاب مشرعن، والدليل أن لهذا الارهاب حواضن مجتمعية بدأت تتكون مؤخرآ بمناطق جغرافية متعددة "من بعض احياء العاصمة بيروت وبمناطق عرسال وطرابلس وصيدا، وبعض المخيمات الفلسطينية المتواجدة بالداخل اللبناني"، والواضح هنا أن هذه الحواضن المجتمعية لهذا الارهاب التكفيري، هي بالاساس حواضن تتبع نهج ديني”رديكالي "وسياسي”أقصائي" له مرجعيات تتصل مع جماعات سياسية ودينية تعمل وبقوة داخل هذه المجتمعات بالمناطق المذكورة أعلاه. فمجموع هذه الحقائق من الصعب ان يفرز بالمدى المنظور، أي مسار امني وسياسي قد يخدم بالفترة المقبلة قضية محاربة هذه التنظيمات الراديكالية وفكرها الذي بدأ ينتشر وبشكل واسع بالفترة الاخيرة بين الاجئيين السوريين بلبنان وببعض المخيمات الفلسطينية بلبنان وفي صفوف طيف واسع من المواطنيين اللبنانيين.
فتمدد هذا الفكر الراديكالي بالداخل اللبناني ينبىء أن لبنان كل لبنان يدخل وبقوة بفوهة بركان التطرف الاقليمي، وهذا يستدعي حالة من الصحوة الذهنية عند الفرقاء بلبنان وخصوصآ قوى 14 آذار المعطله وللآن لمساعي التوافق الداخلي، رغم حديثهم المضلل عن سعيهم لانجاح حوار الداخل اللبناني، فبهذه المرحلة تستوجب ضرورات الداخل اللبناني عمل الجميع على أنجاح التوافق الداخلي، وعدم الرهان على أدوار أقليمية قد تخدم هذا الطرف اوذاك الطرف، وهذا بدوره يقودنا أيضآ للتسأول عن منح تسليح الجيش اللبناني التي مجدها البعض فأين المنحة السعودية ولماذا لم تسلم فرنسا للأن مستحقات هذه المنحة السعودية للجيش اللبناني المتهالك تسليحيآ، وهذا بدوره يقودنا أيضآ للتساؤل عن حقيقة واهداف تعطيل بعض الاطراف وخصوصآ قوى 14أذار لتفعيل اتفاقية الدفاع والامن المشتركة بين سورية ولبنان، وأن كانت بعض الاطراف بالداخل اللبناني قد راهنت بفترة ما ودعمت مساعي أسقاط الدولة العربية السورية ونظامها، عليها اليوم أن تقتنع وتتيقن بأنها اليوم بأمس الحاجة لدور سوري بالداخل اللبناني يدعم مساعي الدولة اللبنانيية بمحاربة هذه التنظيمات الراديكالية التي بدأت تتوسع وتتمدد بالداخل اللبناني.
أخيرًا.. في هذه المرحلة على جميع الفرقاء في لبنان أن يتيقنوا بأن هناك مؤامرة كبرى تستهدف الداخل اللبناني، وهذه المؤامرة حجر الأساس فيها هو هذه المجموعات الراديكالية المنتشرة وبكثافة داخل لبنان وفي محيطه من جهة الحدود السورية، وهذه المؤامراة يعمل على تنفيذها الان من قبل بعض الاطراف السياسية والدينية داخل لبنان وخارجه، والهدف علي مايبدو من مسار هذه المؤامراة هو شرعنة هذه الجماعات الراديكالية بالداخل اللبناني لتكون اداة ضغط على حزب الله وحلفائه بالداخل اللبناني لدفعهم للقبول "مستقبلآ "بمسار حلول قد يخلط المعادلة الامنية والسياسية بالداخل اللبناني بشكل كبير، وهنا على هؤلاء أن يعلمو أن هذه المغامرة الطائشة سيدفع ثمنها لبنان كل لبنان ولن تستثني أحدآ من شرورها، لأن الفكر الرديكالي لايؤمن لا بعدو ولا بصديق، فعندما يتمدد وينتشر ويقوى ساعده أول من سيأكل أبويه وحاضنيه، ولهذا على هؤلاء الداعمين لهذا الفكر الراديكالي بالداخل اللبناني، أن يتراجعو ومن الان عن مغامرتهم القذره هذه، لأنها ستحرقهم هم أولآ قبل أن تحرق أحدآ غيرهم.
*كاتب وناشط سياسي –الاردن
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net