الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 02:02

في وَصفِ الهامِش: شَهيدٌ في جنازَةِ شَهيد/ بقلم: محمد كناعنة أبو أسعَد

كل العرب
نُشر: 23/01/15 20:04,  حُتلن: 07:30

محمد كناعنة أبو أسعَد في مقاله:

لماذا يبقى الإضرابُ محصورًا في قُرانا ومُدننا الحزينة! لماذا لا يَشعُر المَصنَع والمَتجَر والورشَة والمُجَمَّع في مدُن وتَجَمعات الصهاينة بِإضرابنا حتى يسألوا أنفُسَهُم: لماذا لم يأتِ العَرب إلى العَمل اليَوم!؟

الإضراب هو وسيلة سياسية هو جزء من مشروع المُقاوَمَة ومن أهم الوَسائِل لدى المجموعات القَومية القابعة تحتَ الإحتلال في نضالها الشَعبي والجماهيري من أجلِ تحقيقِ ونيلِ حقوقها

يتَوَجَّبُ علينا أن نَرسُمَ حُدودَ مطالِبنا وأن نرفعَ لنا سَقفًا لِنَنضَوي تحتَهُ أو لِنقفَ عليهِ في مُواجهَةِ تَحَدّياتٍ أطماعها لَم تَعُد تَتَوَقّف عندَ تَمييّزٍ هُنا وَنَقصٍ بالميزانِياتِ هُناكْ

علينا أن ندرك بأن هذا الغضب سيتبدد مع أول تسوية آتيَةٍ على أجنِحَةِ وعوداتِ عرقوب فَالمَطلوب أن نَعَمل على تنظيم أنفُسنا وَغَضَبنا نَحو خَلق أداة تُوَحِّد وَتَستَثمِر وَتَقود العَمَل عَلى طَريقِ النضالِ الطَويل والشاق عَلى دَربِ الحُرّية وَالعَودَة وَالتَحرير

" أشَدّ الناسِ حَماقَة أقواهُم إعتقادًا في فَضلِ نَفسِهِ، وأثبَتُ الناس عَقلًا أشَدّهُم إتهامًا لِنَفسِهِ"... أبو حامِد الغَزالي

في مسيرَة الحَياة ليسَ أمامَ البَشر كَثيرٌ منَ الخيارات، ونحنُ نُشاهِدُ المَوتَ من حَولِنا، وسهولَةَ القَتلِ عندِ أعداءِ الحَياة، نُدركُ جيدًا أنَّهُ لا مناصَ لنا من السَعيِ صَوبَ هذا المَوت، لا من أجلِهِ بِذاتِهِ، وإنَّما من أجلِ أن نَقتُلَهُ في مَهدهِ قبلَ أن يَستَمرّ في قتلنا، ومنَ الجُرأةِ بِمكان أن لا يَلتَفتَ جُموعُ الشباب والصَبايا لِلرُعبِ في صَوتِ الرصاصِ، لأنَّ بلوغَ الحُرّية يَتَطَلَّبُ الشجاعة والإقدام والتَضحية والمَوت.

عَشراتُ الألوف مِنَ الحَناجِرِ تَصدَحُ والسَواعِد الغاضِبَةُ تَنتَفِض، جَماهيرٌ من كُلِّ حَدبٍ وَصَوب تَتَدَفَّقُ على بحرٍ من البَشَر، غَضَبٌ وغَضَب في عيونِ الناس وعلى ألسِنَتهِم، وبعدَ أن يُوارى الشهيدُ الثَرى يَبقى كَعادَتِهِ، أو كَعادةِ أبا ذَر الغَفاري، وَحيدًا، أليسَ من حَقِّ الشَهيدِ عَلينا أن نَحمِل وَصِيَّتَه! وأينَ ذَهبَت الخُطَب العَصماء! ( والبوستات الثَوريّة ) ولماذا لا يَتمُ إستثمار هذا الغَضَب الشَرعي والمَشروع! نُعلنُ الإضراب العام، الفُقراء لا يَذهبونَ لِلعَمل، البُسطاء يلتَزموا، والأغنياءَ إمَّا في مَصالٍِحهم أو في ورَشهِم الخاصّة، وإمّا في المُجَمَّعات الصَهيونية وفي يَوم الإضرابِ بالذات! ولماذا يبقى الإضرابُ محصورًا في قُرانا ومُدننا الحزينة! لماذا لا يَشعُر المَصنَع والمَتجَر والورشَة والمُجَمَّع في مدُن وتَجَمعات الصهاينة بِإضرابنا، حتى يسألوا أنفُسَهُم: لماذا لم يأتِ العَرب إلى العَمل اليَوم!؟ لِماذا لَم يَأتوا للشِراءِ؟ لا يَكفي أن نُخاطِبَ أنفُسنا، ولا يكفي أن نَقفَ أمامَ المِرآة والحَديثِ مع عَدونا هناكَ، هَمسًا صُراخًا عِراكًا حِراكًا، وَيسقُطُ سامي آخَر.

الإضراب هو وسيلة سياسية، هو جزء من مشروع المُقاوَمَة، ومن أهم الوَسائِل لدى المجموعات القَومية القابعة تحتَ الإحتلال في نضالها الشَعبي والجماهيري من أجلِ تحقيقِ ونيلِ حقوقها – المَطلبية بالتَحديد – وهيَ أيضَا خُطوات تَراكُمية نَوعية وكَمية على طريق إنتزاعِ الحقوق الوطنية وأوَّلها وعلى رأسها الحرّية والتحرير في حالَتنا، على هذا الطَريق الطَويل يتَوَجَّبُ علينا أن نَرسُمَ حُدودَ مطالِبنا، وأن نرفعَ لنا سَقفًا لِنَنضَوي تحتَهُ أو لِنقفَ عليهِ في مُواجهَةِ تَحَدّياتٍ أطماعها لَم تَعُد تَتَوَقّف عندَ تَمييّزٍ هُنا وَنَقصٍ بالميزانِياتِ هُناكْ، عِندَ جذورنا تحفُرُ مخالِب الفاشيست، أو تُحاوِل، لِتَدفنَ أجسادَنا وأرواحَنا،وَغدَا إقتلاعنا من سماءِنا وأرضِنا وفضاءِنا هوَ مَرماهُم، وعلى هذا يبنونَ مَجدَهُم، والشَهيدُ في جنازَةِ الشَهيدِ يَسقُط في لُعبَتهِم، ويَرتَقي في حساباتنا لِيُصبحَ إسمًا ورقمًا صَعبًا في معادَلَةِ البَقاءِ، ويَرتَقي شهيدًا آخَر.

في كلِّ إنتفاضَةٍ مَحدودَةِ تعصِفُ بشعبنا في الداخل الفلسطيني تحديدًا، يُسألُ السُؤال: وماذا بَعد؟ إلى أين؟ وماذا نُريد؟ رئيس دَولَةِ القاتِل يأتي مُعَزّيًا، وأبناءُ جِلدَةِ القَتيلِ يَدلونَ بأصواتِهم للمُشَرِّع الصَهيوني، الأحزاب الصَهيونية تجرفُ أصواتًا من قُرانا ومُدننا الفلسطينية، من ليبرمان والنتن ياهو حتى ميرتس ولا وَسطَ بينَهُما، ليفني هرتسوغ لبيد شاس وهلُمَّ جرًا، نَنتَفض وتحتَرقُ الشَمسُ غَضبًا على حالٍ لا يَحتَملُ غيرَ الإنتفاض والقِتالِ في سبيل الحياة الكريمة الحُرَّة، ولا نجدُ لنا سيفًا يَذودُ عن أزهارنا غيرَ جَمرةِ الحَقِّ نَقبُضُ عليها ونَسير ونُلاطِمُ بِكفنا ألفَ مِخرَزٍ وَمخرَز، يسقُطُ خير حَمدان وينضمُ إليهِ سامي الجَعار ويلحَقُ بهِ سامي الزَيادنة وخمسونَ جسَدًا وروحًا وعائلة منذُ إنتفاضةِ القُدسِ والأقصى عام 2000 سَبقوهُم على هذا الطريق، وما زلنا نتأمّل بلجنةِ تحقيقٍ رسمية!!!

مع كلِّ هذا الغَضب في صُفوفِ شعبنا وشبابنا ومع عدالَةِ قَضيتنا، ومع كل العنجَهية التي يحملها عَدوٍ يُبرمِج ليلَ نهار كيفَ يقتلعُنا من أرضنا، ومُؤسَّسَةٍ تنتَهجُ سياسةٍ إقصائِيَّةٍ في كُلِّ مناحي الحياة، ونحنُ نتَفَرَّج، مُشاهدين، أو بالأحرى شُهداء زور، ولَم نَستَطع حتى الآن أن نَنتَظم في آلية لكي نستثمر هذا البُركان، لا أن نَحتَرقَ بحِمَمهِ، وما دامَ هذا حالُنا، حينها علينا ان ندرك بأن هذا الغضب سيتبدد مع أول تسوية آتيَةٍ على أجنِحَةِ وعوداتِ عرقوب، فَالمَطلوب أن نَعَمل على تنظيم أنفُسنا وَغَضَبنا نَحو خَلق أداة تُوَحِّد وَتَستَثمِر وَتَقود العَمَل عَلى طَريقِ النضالِ الطَويل والشاق عَلى دَربِ الحُرّية وَالعَودَة وَالتَحرير.

مَسيرةُ الحُرّية حَتمًا سَتُعَمَّدُ بالتضحيات، بدماءِ الشُهداء الزَكية الطاهرة، بِآلامِ الناس ومُعاناتهِم وتَضحياتِهم، بصُمود الأسرى وأنين الجَرحى، الحُرّية لا تُباع ولا تُشترى، الحُرّية تُنتَزعُ إنتزاعًا من فَك التنين، من بينَ ألسِنَةِ النار، من قلبِ أتونِ التَحدي، ومن لا يسعى إليها، يَقبَلُ البقاءَ عَبدًا ذليلًا، ولن ننالها من دون هذه التضحيات، وإن كُنا كباقي بشر الدُنيا نعشَقُ الحياة، لكننا لا نريدها حياة ذُل وخنوع، بل حياة كرامة وإباء، وشَمسُنا حتمًا قادمة.

* محمد كناعنة أبو أسعَد-عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البَلَد

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.