الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 17:01

تسونامي العُنف العائلي - نديم إبريق


نُشر: 08/06/08 17:19

المتابع لمجريات الأمور في وسطنا ، والمتصفح صفحات صحافتنا اليومية والأسبوعية لا  بدّ  وأن يقف مذهولاً ، بل مرعوباً أمام مدٍ وجرفٍ آخذ بالانتشار السريع في بيوتنا ، وباء مُعدٍ انتقلت عدواه من منزل لآخر ومن قرية لأخرى – ألا وهو آفة النساء المضروبات ، أو كما أسميها " تسونامي العنف العائلي"


فهذه الصحيفة تطالعنا عن "رجل"  كال  بالضرب المبرح على زوجته لأنها لم تحضر  له (للسيّد!) الطعام في الوقت المحدد، وتلك  الإذاعة  تُخبرنا عبر أمواج أثيرها عن غاضبٍ انهال باللكمات على امرأته لأنها لم تمنع طفلهما من البكاء ، فمنع بذلك "سعادته " أن يغط في سباته اليومي العميق! ونرى عبر شاشة المرناة امرأة مسكينة ، وقد بدتْ على وجهها جلياً آثار "بطولة"  زوجها و "رجولته" – لا لشيء إلا لأنها تجرأت على جداله في أمور البيت


هذا غيض من فيض ممّا يدور حولنا ، في الدوائر الاجتماعية القريبة والبعيدة عنا، وللأسف يقف أغلبيتنا إزاء هذا الوباء وقفة المتفرج  الصامت ، الذي لا يحرك ساكناً

إن ما يصل إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة  هو عبارة عن قطرة ماء صغيرة في بحر العنف العائلي المُستشري ، وللأسف، في أيامنا هذه في المجتمع


يحسب بعض الرجال أنه عندما ينهال على امرأته بالضرب يكون بذلك قد أثبت رجولته وأنه "الرجل" الذي لا يُقهر

باعتقادي ، فأن الرجل يفقد رجولته عندما يقدم على ضرب زوجته

فما خلق الله سبحانه وتعالى المرأة  أمةً ، وما كانت الزوجة حيواناً ( مع أنني أعارضُ وبشدة ضرب الحيوانات!)- فهي مخلوق له حقوقه واحترامه

قد يكون الله عزّ وجل قد خلقها ضعيفة من ناحية جسدية ، ولكنها لحكمة من عنده ، فعوّض هذا الضعف الجسدي بالرقة والحنان والحكمة التي قد يفتقر لها الرجل


رُب سائل يسأل : ما هي الأسباب لهذا  "التسونامي" الذي أغرق بفيضاناته  وبثورته  الكثير من البيوت ودمرها ؟ رُبما نتج هذا الفيضان عن الضغط النفسي-الاجتماعي-الاقتصادي الملازم للكثير من البيوت في الآونة الأخيرة

فعندما يفقد الرجل ، على سبيل المثال ، مصدر رزقه ويُعاني من البطالة فلا يجد قطعة خبز يسد فيها رمقه – قد يُولّد هذا الوضع ضغطاً نفسياً اجتماعياً ، فينفجرُ هذا الضغط في المكان غير الناسب ( البيت) وعلى الشخص غير المناسب -(الزوجة  والأولاد)


ولكن مهما كانت الأسباب ، بلا مُبرر لهذه الظاهرة : فالرجولة بمعناها  الحقيقي لا تنعكس وتتجلى بالقوة الجسمانية ، وإنما بدماثة الأخلاق وبالقدرة على التعامل مع الغير ، بكسب ود الآخرين ، بإقامة علاقة زوجية مبنية على الاحترام المتبادل ، التفاهم والتسامح


 اثبتْ، عزيزي الرجل ، رجولتك لامرأتك ليس بضربها وشتمها  ، وإنما بامتلاك قلبها واحترامها- لتفخر بك وبرجولتك الحقيقة ، وعندها سنقرأ في صحفنا  ونسمع في إذاعاتنا أخبارًا سارة عن علاقات أُسرية ناجحة من اجل مستقبل أولادنا – وهذا سينقلنا بالتأكيد من مركب التخلف إلى ركب الحضارة والتقدم

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.74
USD
3.95
EUR
4.75
GBP
333973.34
BTC
0.52
CNY
.