الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 03:02

جَريمة رُبّما من حَقِه وحَقِها /بقلم:رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 26/10/14 18:18,  حُتلن: 09:06

بدأت المشاعر تتضارب والأحاسيس تتفاقم وبدا الأمر أكثر سوءاً عندما رأيتها تُقابل ذَلك الرجل، طويل القامة، أسمر البشرة وسواد عينيه لامع جدا.

قلتُ في سري: لَيّته صديقٌ مقرب أو زميلٌ في العمل وخرجتْ لِتَحتسي مَعه فنجان قهوة، نعم، ما الخَطب في ذلك؟! فهنالك رجالٌ أيضا يخرجون مع زميلاتٍ في العمل، من مدراء ورؤساء وموظفين وموظفات. عليّ أن أتحرر من تِلك الأفكار والآراء النمطيّة.
بعد بُرهة مِن الزمن رأيْته يقترب منها أكثر وأكثر، حيث خلع مِعطفه الجلدي البُني وأحاط ظهرها وأكتافها بذراعه الطويلة الممشوقة، وسادَ جو من الحُب والدفء.. شعرت به من بعد خطوات عديدة.

والأفكار هاجَت، وخرجت عن مسارها الاعتيادي، وحاولتُ بقوة إعادتها إلى الطريق وقُلت أيضاً لنفسي ربما تشعر بالبرد القارس، نعم الجَو بارد فعلا وكان ذلك رُغم غليان مشاعر الشكوك داخلي.
وبعد جُهد جَهيد من المحاولات لإقناع نفسي ودَحض عِدة مفاهيم وتصرفات، نَظَر إلى وجهها ولامستْ يده بشرتها وقبّلها بقبلات حارة.
تجمّدت مشاعري في تِلك اللحظة وتغيّرت الأحاسيس وخولتْ الصلاحيات للأفكار التي تتفحَص بدقّة تامّة مسار العادات والتقاليد وكل ما فيه من مضامين إنسانية، تلك الامرأة هي الآن لا شيء بنظري أو حتى عدم حيثُ أن النظرة اختلفت وعندما تختلف النظرة وتتبدد فيها الزوايا يُصبح الأمر جنوني، فقدت صوابي وراجعتُ خطاي وتَفحصتُ أوراق ذكرياتي وحاولتُ جاهدة تقبل الأمر ولكنني فشلت لأن الصدق الذي كنت أراه أصبح غباشا والثقة، الثقة بيني وبينها تَدَفقت مع غليان ذلك النسيم الهائج عندما رأيتها مَعه!! عُدت إلى غرفتي أتذوق طعم بيت جديد، ليس بيتي.
استلقيتُ على ذَلِك السرير البارد، وهاجَت ذاكرتي وتذكرتُ ذًلِك الشعور المشابه، عندما رأيته، رأيتُ زوجها يُرسل الرسائل الغرامية عبرَ الهاتف الخليوي، لاحَظتُ ذلك عندما طلبَ الشاحِنَ خاصتي وكانت صدمة أول صدمة حَولت كل المعايير إلى هوامش وعنصر المفاجأة تَعَطل من قاموس أحاسيسي.. ومسار غريب يضم معه مرحلة تحدي تبلور كياني وشخصي.
فاجأتني ردة فعلي وسألت لنفسي ذلك السؤال الهائج الذي يناثر الهواء وينافره لمعرفة الجواب ولكن عدم

لماذا نظرت بتلك النظرة إليها، ماذا عن الحرية الشخصية التي أُناضل لأجلها؟!
لماذا لا تطلب الطلاق، او تبادر؟ لماذا لا يطلب الطلاق ويبادر!
لماذا تعيش مع رجل غريب الأطوار في العَلَن وفي الوقت ذاته تعيش مع رجل أحلامها في الخفاء ؟ لماذا يعيش مع امرأة تكبره سنا في العلن؟ ويعيش مع فتاة شابة تصغره بسنوات قليلة في الخفاء؟! لماذا يعيش مع امرأة لا تختاره ولماذا تعيش مع رجل لا يحبها؟!
ما هي مقاييس الزواج؟! المال، التفاهم، الاحترام، الاخلاق، الانجذاب، المركز، الحالة الاجتماعية؟! ام الحُب؟! وما هو الحُب ؟ وهل الحُب كافي لزواج سعيد! وماذا عن تلك المقاييس والمسلّمات التي فرضت اختيار شريك الحياة تحت تأثير الضغط الجماعي الذي يوّلد الخوف من عدم إيجاد شريك الحياة؟! فنغرق في اختيار شريكنا ونتنازل عن عدة مبادئ ومنها المشاعر السليمة والاحتواء. وتتناثر الاقوال: " الحُب يأتي بعد الزواج".
ونقتنع لأن من قال لنا ذلك يكبرونا سنا، ولديهم الخبرة الكافية! اي خبرة؟! هم سعداء اصلا بالاختيار؟! هل ما كان سابقا هو قائم اليوم.
ماذا عن الاختيار الخاطئ؟ وما هو الاختيار؟ هل اختياري يتناسب مع اختيارك مثلا؟! وها هما كلّاهما يدفعان ثمناً باهظاً بالعيش في الخفيّة وراء الستار, وراء ذلك الحائط المنكسر الذي يناشدنا بالاقتراب وظهور الحقيقة، ولكننا نخاف.
مِنْ مَنْ نخاف؟ ومن المسؤول؟!
بنظر المجتمع الذي يتكون منا، هي خائنة، وهو أيضا خائن! وبنظرهما.. يرقعان كل البقع التي جعلت منهما مبرمجين لتخطيط جماعات من الأشخاص، جماعات من الأشخاص التي من ضمنها انا وانتِ وانتَ وهم، جميعا نشكل تلك الجماعات في مجتمعنا!
علينا البحث وراء الكواليس لمعرفة الحقيقة وأسباب ذلك الدمار النفسي والصراع الذي تتوارثه الأجيال، جيل بعد جيل.. دون تدقيق بأهم التفاصيل وأكثرها تأثيرا علينا. كأفراد أولا .. ومن ثم كمجتمع.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة

.