يَقف الزَّمنُ صامتاً لِلحظاتٍ حَرجة، عابساً كتوماً مُكبَّل الأيدي، عاجزاً عن رشِّ قَطرات الأملِ في صفوفِ قُلوبِ الضُّعفاءِ المُحبطين، المُتفتِّت خيطُهم حتى الأنقطاع، ضعيفاً كان أم متيناً...
تَتوه الأمنياتُ لفتراتٍ مُتلاصقة، تَندَثِرُ الطُّموحات، تتَخبَّط المعنويات في زمنٍ بات يَخلو من الوُضوحِ والأمانِ وانْعَدم من الرّاحةِ النّفسيَّة والجَسديَّة.... رُبّما تَسيرُ قُدماً إلى الأمامِ، تَتراجَعُ أحياناً خُطوات مُتردِّدة لِظلامِ اللَّوحة التي تتَصدَّر مُخيِّلة الأفُق الدّاكن في السماءِ.
هذا ليس وَصفاً سَوْداوياً أو تَشاؤُميّاً، إنّها باتت حَقيقتنا الصَّماء، حقيقة مُرَّة بِنَكهةِ العَلْقم، وكَي نَتجاوز مَرارَتَها علينا التَّشبُّث بِحَذرٍ شَديد بخيطٍ رفيعٍ من الدَّعمِ والأملِ والثّقة أنَّنا على مَشارفِ مَفرَقٍ صائِبٍ يُودي بنا رُبّما إلى ما حلُمنا به ذات مَرَّةٍ خِلسةً أو عَلناً!
في أيّامِنا الحُلوة تلك، شاءَ المَرءُ ولم يأبى الحِقْدَ والضَّغينةَ والأذى التّالِف الذي بات يَسْحَقُ كلَّ زهرةٍ فوّاحة في سَماء العالم الطّبيعي الذي من المَفروض أن نحيا في جَناحِ إطارِهِ، لُغْزٌ كتومٌ طَغى على الأرضِ، أطاحَ بالنّاسِ إلى أسْفلِ الهاوية، سَلب منهم فرحتَهم المُضيئة، حتى في أتفهِ الأشياءِ.
أما عادَ للزَّمنِ الجَميلِ دَوْرٌ في مَسرَحيَّة حياتِنا اليوم؟ أجَفَّ حِبْرُ زَمَنِ الاكتِراثِ والمَودَّةِ ولمْ يَعُد يَسْكُب في القُلوبِ نَفَساً نَدِيّاً يُنعِشُ النّاسَ والنُّفوسَ؟ أبَهَتَت نُجومُ سَماءِ العَندليبِ من الماضي إلى اليوْم ولم يَعُد لِطَعْمِ البَراءِةِ مَذاقٌ تَقشَعِرُّ له الأبدانُ مِن الفرحِ؟ أنَرتَدي الأقنعةَ قبلَ وُلوجُنا إلى الطُّرقات كي نُزَيِّف هوِيَّتَنا لأنهُ حتّى في الأعّراقِ ما عاد مكانٌ للاحترامِ؟ ..
يَفيضُ بالقلمِ الغَضَبُ وَيسيلُ، تَعلو الأمواجُ وَتَكشِرُ عن أنيابِها الشُّطآنُ وتَثورُ، يَتَغيَّرُ مَعنى الحُبِّ في قلوبِ النّاسِ وَيَصْدأُ...وما من مُجيبٍ وما مِن حلٍّ حتّى لو كان صَدِئاً...
أأنت اليوم صَديقي أم بِتَّ خَصْميَ اللَّئيم؟ أكانَ هذا حَبيباً أم أنّهُ اليوم جَحود؟ من ذاك الأخ الذي يُنْكرُ أخاه بِجُحودٍ؟ مَن تِلك المُقَنَّعة بِسِمَةِ مَكْرٍ تَهْوَى تَكسيرَ القُلوب؟ وَمن هو ذاك المِثالي الصّادِق الوَدود بَعد انْكسارِ قِناعِهِ يُصْبِحُ عَدُوًّا لَدود؟
التَّحَدي ...ثُمَّ التَّحَدّي ثُمًّ التَّشَبُث بِخَيْطِ أمَلٍ رَفيعٍ، لَعَلَّنا نُعيدُ تَصْحيح ما تَزَحزَح وحادَ من خُطوطِ الزّمَن لِتَعود الحَياة إلى زَمَنٍ قَلَّ بِهِ التَّكَبُّر والتَّشَنُّج العَقلي المَريض الغَير مُدرِك لِخُطورَةِ تأثيرِهِ السَّلْبي على مَسارِ العالمِ.
خَيْطٌ رَفيعٌ، هو الأملُ الأوحد كي نُحاوِل السَّير قُدُماً أو بَحْراً في قاربِ المِياهِ العَكِرَة، لِغَضِّ النَّظر عن قَسوَةِ النّاسِ وقِلّةِ رأفَتِهِم وانْعِدامِ ثِقَتِهم بِرَبِّ الكَوْنِ....تَحَدّى العَقَبات كي تَكون أنْت هو ذاتك...لِتَنْثُر بُذورَ النَّخوِةِ فيمَن أضاعَ ذاتَهُ ولًم يَعُد هو اليَوْم!!
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net