الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 01:01

لماذا يا مثقفينا؟ََ/ بقلم: عمر أبو جابر

كل العرب
نُشر: 13/06/14 15:29,  حُتلن: 07:46

عمر أبو جابر :

لماذا هذا الاجحاف في ثقافتنا وعلومنا؟ لماذا هذا الخجل من عراقتنا وابداعاتنا واثارنا؟

لماذا هذا الشعور بالنقص حيال حضارتنا؟ لماذا نفسر بدعوتنا الى التمسك بحضارتنا العلمية والاجتماعية والثقافية على انها رجعية وعدم تقدم والسير في درب التطور؟

 إنّ صلاح الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان متفق عليه وأمر مفروغ منه، تحدث عنه فقهاؤنا بإسهاب، وبيّنه علماؤنا تفصيلا، منذ العصر الأول للإسلام، وسيظلّ إلى أن يرث الله تعالى الارض ومن عليها، ذبأنّ الله تعالى أمرنا باتباع شريعته، أمرًا ليس موقوفا على زمن معين، ولا مكان أو قطر خاص، ولكنه أمر عام للجميع، في جميع الازمنة والامكنة، والكتاب الذي نزلت به ما يزال محفوظا نقرأه، ونتبارى في حفظ محتوياته، ونكتشف الكثير من أسراره، يوما بعد يوم، اكثر من أي عهد مضى، وذلك عن طريق البحوث والاكتشافات العلمية.

الإسلام كرسالة علمية خالدة لا يقلل من شأن العلوم المدنية الحديثة بجميع فروعها، كما يزعم أعداؤه، لأنه هو الدين الذي يدعو الى النظر والفكر والتأمل في الطبيعة وفهم اسرارها، والتوغل في معرفة حقيقتها، قال تعالى(( قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق)) ومما يثير الغبطة في النفوس، أن الشريعة الاسلامية سبقت بمبادئها ونظمها كل المبادئ والنظم، في إرساء قواعد الحياة الفاضلة ودعائم الخلق في العالم، لقد قال احد علماء الغرب "ان الشريعة الاسلامية هي التي تعطي للعالم أرسخ الشرائع ثباتا" لقد كان الإسلام ثورة ثقافية شاملة، زلزلت القيم والأفكار التي كانت سائدة في الجاهلية، وحطمتها لتقيم مكانها قيمًا وأفكارًا من نوع جديد، تحترم الإنسان وتحترم عقله وخبرته وتجاربه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير الصحابة رضوان الله عليهم، ويحترم آراءهم وينزل على رأي صاحب الخبرة منهم ويقول ( انتم اعلم بأمر دنياكم ) ذلكم بأن الإسلام دين متطور، ينادي بالعلم والثقافة والدراسة وفهم الواقع، والإستفادة من خبرات وتجارب الاخرين، "والحكمة ضالة المؤمن ،فحيث وجدها فهو أحق بها" كما أنه يحث على ارتياد الافاق والمجهولات قال تعالى(( وكائن من أية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)) ولقد سار المسلمون الأوائل وفلاسفة الإسلام على هذا الطريق درسوا واجتهدوا .. فسادوا وتقدموا، فأنشأوا حضارات رائعة اثرت في حياة الانسانية كلها .. وما ابن سينا وابن رشد والفارابي وغيرهم إلا شواهد على هذه الحضارة والثقافة. ولم يفتهم ان يستقبلوا كل أنواع المعرفة، ويتصلوا بجميع المدنيات، ويأخذوا منها بحظ عظيم، ويفعلوا بها ما تفعل النحل بالزهور، فتحولها إلى شراب سائغ مختلف ألوانه، فيه شفاء للناس، وحققوا من الخير للإنسانية ما أدهش العباقرة القدماء منهم والمحدثون، لقد قال أحد الكتاب الغربيين في حد كتبه "إن العرب مع ولوعهم بالأبحاث النظرية لم يهملوا تطبيقها على الصنائع، فقد اكسبت علومهم لصنائعهم جودة عظيمة جدا، وأننا وإن كنا لم نزل نجهل اكثر الطرائق التي سلكوها لذلك، إلا أننا نعرف نتائجها وآثارها .. فنعرف مثلا أنهم احتفروا المناجم, واستخرجوا منها الكبريت والنحاس والزئبق والحديد والذهب، وانهم برعوا جدا في الصياغة , ومهروا في صقل الفولاذ مهارة بعيدة المدى، وانهم في كثير من فنون الصنائع قد برعوا براعة لم يلحق لهم شأو فيها للان "وقد قال احد وزراء فرنسا في كتاب له اسمه (تاريخ العرب) "كان المسلمون في القرون الوسطى متفردين في العلم والفلسفة والفنون، وقد نشروها أينما حلّت أقدامهم، وتسربت عنهم الى اوروبا، فكانوا هم سببا لنهضتها وارتقائها".

فلماذا يا مثقفينا؟؟

لماذا هذا الاجحاف في ثقافتنا وعلومنا، لماذا هذا الخجل من عراقتنا وابداعاتنا واثارنا، لماذا هذا الشعور بالنقص حيال حضارتنا؟ لماذا نفسر بدعوتنا الى التمسك بحضارتنا العلمية والاجتماعية والثقافية على انها رجعية وعدم تقدم والسير في درب التطور؟ لقد كنت في حوار مع بعض الاخوة ذوي شهادات ودرجات علمية عالية وتطرقنا الى تسمية الشوارع في بلداتنا وقرانا اسما عظماء لنا في كل العصور الإسلامي وكل المجالات واسماء لمواقع ذكرت في تاريخنا، فقال احد هؤلاء وهو محام وبسخرية وتعجب اذا سألني احد اليهود عن اسم شارع ما, فماذا اقول له؟ شارع خراء(حراء)واذا واذا واذا ,,!!!ما يعني هذا خجل من تراثنا احتقار لتاريخنا استنكار لإنجازاتنا !!

إن كل العتب يكون على مثقفينا اذ ان هناك من الشباب وصغار السن يكون متأثرا بهم فيحسب اجحاف اولئك المثقفين هو الحق بعينه، وإن ما يعنوه هو الصحيح!! ألا يكفي ان عديد من الشباب اقتنع بان التذكير أو التشجيع على التمسك بحضارتنا هي رجعية وجهالة علم وان التقليد الاعمى والاقتداء بالزائف من الحضارة الغربية هو الرقي والتطور!

لقد قال بعض العارفين "عجبت لمن استطاع أن يكون ملكا، ورضي أن يكون انسانًا، وعجبت لمن استطاع ان يكون انسانا ورضي ان يكون حيوانًا"، ونحن في الشرق الإسلامي يطالب بعض المتشبعين بالأفكار الاوروبية بالفصل بين العلم والدين، ويقيمون بينهما النزاع والصراع، أي حقيقة علمية مجردة من الهوى اصطدمت بالدين والعقيدة؟ ومتى وقع اضطهاد على العلماء في ظل الاسلام؟ ها هو التاريخ يشهد بقيام علماء افذاذ في الطب والفلك والهندسة والطبيعة والكيمياء نبغوا في ظل تعاليم الإسلام، فلم يقم في نفوسهم الصراع بين العلم والعقيدة؟ بل افتخروا وشمخوا بعقيدتهم ولا قام بينهم وبين السلطات الحاكمة او علماء الدين ما يدعو إلى الحرق والتعذيب، كما حصل عند من نجعلهم لنا الان قدوة ونتباهى ببعض حضارتهم خجلين من حضارتنا.

فما الذي يدفع بعض اولئك المثقفين الى القول: بفصل العلم عن الدين ؟ وتجريح الاسلام دون وعي ولا دراسة ,, الا السم الاستعماري الذي كان للأمصار والان للعقول والافكار , هذا السم الذي تجرعوه وهم لا يشعرون ! لقد قال اللورد هيدلي " من عدة سنين خلت كان احد افكاري الرئيسية هو كيف يمكن للإسلام ان يتغرب ؟ يصبح غريبا , حتى يمارس في الامم الغربية , وبعبارة اخرى كيف يمكننا نحن الغربيين ان نعد انفسنا, ونفقه معنى الاسلام" وهذا يعتبر بلا شك اعترافا صريحا من هيدلي(واظنه اسلم ) بصلاحية الاسلام واقتناعا تاما منه بما جاء فيه من نظم وقوانين,ومبادئ وتعاليم , وان الغربيين يعدون انفسهم لفهمه حتى يتذوقوا حلاوته , ويتشبعوا بما فيه من حكم وآداب , وتوجيهات رشيدة تدفع بهم الى حيلة العزة والكرامة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.