فاروق مواسي :
من الخصائص التي كانت في لغتنا، ولم تعد اليوم حاجة هناك إلى أن نأتي على غرارها بما هو جديد من ألفاظ كألفاظها، أو تعابير تجري مجراها: الأضداد والمشترك والترادف
بالإضافة إلى ذلك تحددت النواحي الإعرابية بطريقة موحدة غالبًا، فلا نجد اليوم من يسوّغ إبقاء حالة المثنى على حالة إعرابية واحدة، أو من يبرر إعرابًا ما مستندًا على شاهد قاله شاعر جاهلي في قصيدة ما
من المتفق عليه أن اللغة وعاء الفكر، وأنها تفي بالمرسَلة إذا كانت دقيقة المعنى ومحددة، وتعمد إلى التوصيل بالسرعة الممكنة.
وهذا القول لا ينفي لغة المجاز والاستعارة، وشحن الألفاظ بمدلولات جديدة، يكتشفها المتلقي بعد ترو، وفي كل اكتشاف متعة- متعة الوصول بعد معاينة ومتابعة وموازنة واستنتاج. ومن الخصائص التي كانت في لغتنا، ولم تعد اليوم حاجة هناك إلى أن نأتي على غرارها بما هو جديد من ألفاظ كألفاظها، أو تعابير تجري مجراها: الأضداد والمشترك والترادف والمثنيات التغليبية، والاشتقاق الكبير (القلب اللغوي)، وبعض التخصيصات لأصوات أو مساكن أو حركات أو ترتيبات أو توصيفات – كما وردت في كتب فقه اللغة ..... ولعل الصحافة في مطلع القرن العشرين كانت سببًا في تيسير اللغة وفي توصيلها المباشر، فما عادت تُدخل ألفاظًا معجمية نادرة الاستعمال، بل كان وكدها أن تبلغ رسالة أكثر من أن تستعرض معرفة، واختفت في الصحافة تعابير على نحو: "ذر قرن الشمس" ، "أذنا عناق" و "يداك أوكتا وفوك نفخ" .....
بالإضافة إلى ذلك تحددت النواحي الإعرابية بطريقة موحدة غالبًا، فلا نجد اليوم من يسوّغ إبقاء حالة المثنى على حالة إعرابية واحدة، أو من يبرر إعرابًا ما مستندًا على شاهد قاله شاعر جاهلي في قصيدة ما. وما عاد الإتباع- أي أن تتبع اللفظة بأخرى على رويها ووزنها، على نحو (شيطان ليطان) و (حسن بسن)، دون أن يكون للثانية أصل في اللغة.
كما لا نعمل اليوم بالخفض على الجوار، ونحن لا نستخدم لغة (أكلوني البراغيث) مع كثرة الشواهد فيها، وإجازة قبائل لاستخدامها. ولا نستعمل اليوم أمر الواحد بلفظ أمر الاثنين، كأن تقول: (افعلا ذلك) وأنت تخاطب واحدًا- وغير ذلك كثير .
وأهم من ذلك كله– لم نعد نستخدم ألفاظًا غريبة الوقع من وحشي الكلام.
سأقف في دراستي أمام بعض الظواهر اللغوية مما ورد في العربية، حتى اعتبرها بعضهم خصائص، وسبيلي أن أؤكد على أنها ليست معتمدة في لغتنا الحديثة، بسبب اللبس فيها، وبالتالي فاللغة الحديثة تتطلع إلى دقة المؤدى وإلى الإبانة.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net