اتحدث هنا عن حالة لا يمكن فهمها بمنطقنا العادي .. حالة تحدث لطالب الحقيقة كأخفى ما يمكن التحقق به – في وعي – لا زال مرتبط بجسد .. في حالة من السكون التام وبتنبه صامت شفاف وكلي ..
انت فضاء هنا .. خالٍ من ادنى توتير وقلق .. خالٍ من اي هاجس بشيء وطلب لشيء ..
تتجلى حقيقتك بجلاء كامل .. يظهر فيك الجسد صورة جماد غير ناطقة .. لا تملك حركة ولا حياة في ذاتها .. انت هو من يحركها وينطق بها ويخلقها بمجرد الانتباه لها ..
في لحظة اخرى تنتبه انه لا علاقة لك بهذه الصورة التي هي جسدك ..
انها – كالسالف ذكره - آلة عجماء صماء تحركها طاقة الوعي .. يشغلها فكر مستعار مفبرك بحيث يمكن تغييره لهوية اخرى ولصفة ذاتية اخرى ، فيجعل تلك الصورة تنطق عن هوية مختلفة .. وهنا يأتي الاستنتاج بأن علاقتنا العادية بأجسادنا المشحونة بالغرائز والمشاعر ، وخصوصا بالعطف الذاتي ، هي عوائق بسكولوجية لا اكثر ، تحول دون الكشف عن حقيقة الذات كوعي خالص بسيط خالد لا ينقسم ولا يتجزأ ، يحمل في ذاته معنى الفرح والصفاء والطمأنينة والحرية ..
وان على قدر المواظبة في عودة الوعي الى ذاته من صوره وانعكاساته الوجودية الوهمية ، يكون التحرر والانعتاق من مأساة الوجود الارضي ، الذي يدور فيه الوعي كثور مرتهن بساقية ليست له .
لكن هذا التحرير الذاتي يبدو ليس سهلا ابدا ، حتى بالنسبة لاكثر المرشدين استنارة ..فالضوء الذي يتخلل الجسد وينتج الحواس وأغراض الحواس ، ينتج بين ذلك الجمال وما للجمال واغراضه من فتنة – سواء على المستوى المادي والمعنوي – الطبيعي والاكتسابي ..فالشِعر فتنة والموسيقى فتنة والفلسفة فتنة والتكنولوجيا فتنة الخ .. وكلها يتنوع في الجذب والحجب والسلب للروح .. هذا الروح الذي هو الوعي المحض ، يقف كعلة عفوية فيضية وراء كل ذلك ، وهي انعكاساته ومخلوقاته وعليه ان يخلص نفسه بنفسه منها بتجرده لذاته أخيرا..
موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.net