الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 19:02

واقع الفلسطينيين في الداخل-الإطار النظري/ بقلم: فادي عمر

كل العرب
نُشر: 27/02/14 16:09,  حُتلن: 07:31

فادي عمر-مركز الدراسات المعاصرة:

الفرق بين المفاهيم الكلاسيكية القديمة وبين الحديثة هو التعامل مع المستويات أو المحاور أعلاه في تفسير وتحليل الظواهر الاجتماعية

التحول من المفهوم النظري القديم إلى المفهوم الحديث جاء بسبب القراءات النقدية للنظريات القديمة وعدم قدرة هذه النظريات على التماشي مع الواقع

لا بد من إدراك الواقع الذي يعيشه فلسطينيو الداخل بأنه نتيجة لعوامل متعددة وهو واقع مركّب تتداخل وتتشابك فيه العوامل السياسية والثقافية والاجتماعية

الشمولية والتركيب الذي جاءت به النظريات الحديثة في العلوم الاجتماعية هو أمر هام من أجل إدراك وضع فلسطينيي الداخل حيث أنه يسهم في فهم الأزمات والسعي للإصلاح والتعامل مع الظروف والظواهر السلبية التي يعانون منها

إن النظريات الاجتماعية القديمة والحديثة تتلخص في مستويات ثلاثة هي: 1) المستوى الثقافي: القيم, العقلية والمفاهيم التي تميّز المجموعات البشرية 2) مستوى السلوك الجماهيري: السلوكيّات, الشخصيّات والتجمّعات العامة. 3) مستوى البنية الاجتماعية: كمؤسسات الدولة وسوق العمل.

إن الفرق بين المفاهيم الكلاسيكية القديمة وبين الحديثة هو التعامل مع المستويات أو المحاور أعلاه في تفسير وتحليل الظواهر الاجتماعية، فالنظريات القديمة سعت نحو بروز العامل الأهم من بين العوامل الثلاثة وشرح الكيفية التي يفسر بها هذا العامل الظواهر الاجتماعية فنجد مثلا أن كارل ماركس دائما ما كان يشير إلى البنية الاجتماعية وتحديدا سوق العمل كمفسّر للظواهر الاجتماعية المختلفة. بينما النظريات الحديثة والتي تعتمد بشكل كبير وأساسي على البحث الميداني (قياس رأي, مقابلات, مراقبة حقلية وميدانية للظاهرة) تميل إلى النظرة المركّبة الشاملة التي لا تفصل بين المحاور الثلاثة في تفسير الظواهر وإنما تناقش الديناميكية فيما بينها في تفسير هذه الظواهر.

المفهوم النظري القديم والمفهوم الحديث
إن التحول من المفهوم النظري القديم إلى المفهوم الحديث جاء بسبب القراءات النقدية للنظريات القديمة وعدم قدرة هذه النظريات على التماشي مع الواقع، فالباحثون الذين ركّزوا على الثقافة مثلا لا يستطيعون تفسير سلوكيات معيّنة للفرد قد تكون بعيدة عن ثقافته وقيم مجتمعه ومن جهة أخرى فان الباحثين الذين ركّزوا على السلوكيّات الفردية لا يستطيعون أيضا تفسير الهيمنة الثقافية على الفرد والتي قد تحدث في كثير من الأحيان. وفي التالي فان النظريات الحديثة جاءت بمفهوم شامل ومركّب لتفسير الظواهر الاجتماعية ومثال على ذلك مصطلح "صندوق العدة" – وهو مصطلح يرمز إلى الديناميكية بين الثقافة من جهة وبين السلوكيات الفردية من جهة أخرى ويدل المصطلح على أن للثقافة دور هام في تفسير الظواهر الاجتماعية، فهي تضيف أدوات هامة "في صندوق العدة" للفرد في حياته وتصرفاته إلا أن للفرد والسلوكيّات الفردية أيضا وزن في تصرفات الفرد وهذا يتمثل في اختيار الوسيلة أو الأداة من صندوق الأدوات الذي قد يحوي أدوات غير متعلقة بشكل مباشر في الثقافة.

الواقع الذي يعيشه فلسطينيو الداخل
وبناء عليه فإنه لا بد من إدراك الواقع الذي يعيشه فلسطينيو الداخل بأنه نتيجة لعوامل متعددة وهو واقع مركّب تتداخل وتتشابك فيه العوامل السياسية والثقافية والاجتماعية (مصطفى،2010; روزنهاك، 1996)، ويخطئ من يظن بأن الواقع الذي يعيشه فلسطينيو الداخل هو نتيجة سياسية فقط أو اجتماعية فقط أو ثقافية فقط. بل وربما يخطئ من يظن بأن لعامل معين من هذه العوامل أهمية قصوى وباقي العوامل ليست كذلك. شاليف (1989) ذكر مثلا أن السياسة التي تنتهجها الدولة تجاه عرب الداخل هي نتيجة للتفاعل بين الدولة وبين مؤسسات المجتمع اليهودي وفي التالي ما نظنه أحيانا بأن السياسة التي تنتهجها الدولة هي من صنيعة مؤسسات الدولة فقط ليس دقيقا إذ أن الفواصل بين مؤسسات المجتمع المدني وبين مؤسسات الدولة هي أحيانا فواصل ضبابية وغير واضحه كما يدعي "شاليف" ولا شك بأن هذه النظرة وهذا التحليل يمكّن للمعنيين بشؤون عرب الداخل من انتهاج سبل ووسائل أكثر فعالية في مسيرة الكفاح والتغيير.
إن الشمولية والتركيب الذي جاءت به النظريات الحديثة في العلوم الاجتماعية هو أمر هام من أجل إدراك وضع فلسطينيي الداخل حيث أنه يسهم في فهم الأزمات والسعي للإصلاح والتعامل مع الظروف والظواهر السلبية التي يعانون منها. فالإصلاح والتطوير يبدآن بنظري بالإدراك بأن النضال والعمل يجب أن يكونا على كافة المستويات السياسية, الاجتماعية والثقافية وليس فقط على المستوى السياسي كما هو دارج. ولهذا المطلوب توفر مؤسسات وتقنيات تساهم في "خلق" ثقافة وقيم وأيضا بيئة مجتمعية تتيح الإصلاح والتطوير لأوضاع الفلسطينيين في الداخل إذ لا يخفى على أحد أن معظم الجهود تعطي أولوية للمحور السياسي وبدرجة أقل للمستويين الآخرين أي الثقافي والاجتماعي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة

.