سعيد عدوي:
الأسبوع الماضي تساقطت الثلوج على مدينة القدس واستفاق أهل المدينة صباحًا بعد ان اكتست القدس حلتها البيضاء وأغلقت بعض الطرقات المؤدية إليها وشوارعها الداخلية
كنت أنظر الى الثلوج عبر الزجاج في الخارج وكانت قد غطت المنطقة بشكل شبه كامل، وأدركت حينها ان البقاء لليلة أو أكثر أصبح واقعًا!.
مغامرة دون تخطيط مسبق عشت أحداثها حين توجهت في نهاية الاسبوع الماضي، إلى مدينة القدس للمشاركة في ورشة إعلامية وعروض لإنتاجات عالمية تجري هناك وفي مدن وعواصم أخرى في العالم. كان من المفترض أن أعود في نفس اليوم، لكن الثلوج الكثيفة حاصرتني لثلاثة أيام، دون أن أنجح في الوصول إلى القدس، أو أن أعود أدراجي، وكل هذا كان بسبب اليكسا الروسية، تلك العاصفة التي قدمت إلى بلادنا تحمل معها نكهة وبرودة سيبيريا.
في الأسبوع الماضي، تساقطت الثلوج على مدينة القدس واستفاق أهل المدينة صباحًا بعد ان اكتست القدس حلتها البيضاء، وأغلقت بعض الطرقات المؤدية إليها وشوارعها الداخلية. يوم الخميس الماضي، في ساعات ما بعد الظهر نشرت وسائل إعلام أن الطرقات المؤدية إلى القدس وشوارع المدينة الداخلية مفتوحة، وبقي الوضع على ما هو عليه حتى ساعات المساء. غادرت مكاتب "كل العرب" في مدينة الناصرة في حوالي الساعة السابعة مساء، بعد إغلاق عدد الصحيفة في الاسبوع الماضي، متوجهًا إلى العاصمة عبر شارع رقم 6 السريع، لأندمج بعدها في شارع رقم 1 الرابط بين تل أبيب والقدس. استمعت عبر الراديو طيلة الوقت لآخر المستجدات حول أحوال الطرقات في البلاد، وبعد زهاء ساعة من السفر تم الإبلاغ عن إغلاق شارع رقم 1 الذي كنت قريبًا منه، فغيرت وجهتي وعدت أدراجي محاولاً الوصول إلى القدس عبر مفترق "عطروت".
إشارة الثلج الحمراء أضاءت وتابعت السفر!
انخفضت درجة الحرارة أكثر فأكثر، وأضاءت إشارة الثلج البرتقالية في مؤشر سرعة السيارة، وكانت درجة الحرارة 4، وبدأ الثلج يتساقط بغزارة مباشرة مع اقترابي من الحاجز الأمني، وبعد اجتيازه زادت حدة الثلوج، خفضت سرعة السيارة أكثر وتابعت سيري بحذر، وبعد وقت قليل تحول لون إشارة الثلوج من اللون البرتقالي إلى اللون الأحمر، وكتب مقياس درجة الحرارة الرقمي على لوحة السرعات 0.5 درجة مئوية!، تابعت سيري مع العديد من السيارات الأخرى، بشكل بطيء حتى توقفنا كليًّا بعد ان تجاوزنا مفترق جفعات زئيف. مكثنا في سياراتنا دون ان نحرز أي تقدم، علمًا ان الطريق كانت منحدرة، وكانت أمامنا العديد من السيارات، وخلفنا أيضًا. بعدها بدأت السيارات بالتحرك والتوجه إلى الأمام عبر المسار العكسي، سرنا ببطء شديد حتى توقفت حركة السير كليًّا مرة أخرى، وبعد مضي وقت طويل حضر أشخاص مهنيون وأعطوا السائقين توجيهات سريعة حول كيفية الاستدارة والعود صعودًا إلى المفترق والانتظار في محطة الوقود لبعض الوقت، وقالوا ان كاسحات الثلوج في الطريق إلى هنا وأنهم يريدون إزالة الثلوج من الشارع، وطبعًا من وصل أخيرًا نجح في الصعود والرجوع أولاً، ومع مرور الوقت تكاثفت الثلوج وغطت الشارع أكثر وأكثر، وزادت مهمة العودة صعوبة. نجحت في العودة إلى مفترق "جفعات زئيف" بصعوبة كبيرة جدًّا، تاركًا خلفي العشرات من السيارات والتي بقيت عالقة لأيام. ركنت سيارتي في مجمع صغير ملاصق لمحطة الوقود، كان فيه محلات قليلة: مخبز، مقصف للتوستات، مطعم، مشتل، محل للستائر والأقمشة، ومحل آخر لبيع المشروبات والدخان. توقفت في المجمع عشرات السيارات، بعضها فارغة وأخرى جلس فيها مسافرون.
الأخبار الجيدة ليلة واحدة بين الثلوج والأخبار السيئة ليلتين أو أكثر!
نزلنا من سياراتنا قاصدين الاستفسار عما يجري، ولنعرف موعد إزالة الثلوج من الشارع أو فتح مسار واحد على الأقل لنتابع سفرنا، لكن العديد من المتواجدين هناك من أهل المنطقة، وعلى ما يبدو ممن كانت لهم تجارب سابقة، قالوا: ان كانت الأخبار جيدة فاستعدوا لقضاء الليلة هنا والمغادرة غدًا صباحًا، وإن كانت الأخبار سيئة فستبقون على الأقل حتى مساء السبت... في البداية استبعدنا احتمال بقائنا، فكاسحات الثلوج كانت في الطريق كما قالوا لنا، لكن مع مرور الوقت اقتنعنا بأننا سنقضي الليلة هنا، فالثلج تراكم أكثر وأكثر، والعاصفة اشتدت قوتها، وكاسحات الثلوج لم تفتح الشوارع بعد.
تناولت وجبة خفيفة، توست ساخن مع شرائح رقيقة من اللحم مع مشروب الكولا الغازي، بالرغم من الجو البارد. كنت أنظر الى الثلوج عبر الزجاج في الخارج وكانت قد غطت المنطقة بشكل شبه كامل، وأدركت حينها ان البقاء لليلة أو أكثر أصبح واقعًا!. توجهت إلى المخبز، واشتريت ما يكفيني من طعام وماء ليومين أو ثلاثة، وأغلقت معظم المحلات التي كانت مفتوحة أبوابها، باستثناء المخبز الذي بقي مفتوحًا طيلة الليل، خصيصًا لمساعدة من حاصرته الثلوج ولم يستطع إكمال سفره. لحسن حظي كان خزان وقود السيارة ممتلئًا بالبنزين إلى الثلثين، وكانت الكمية كافية ليبقى المحرك مشتعلاً مع التدفئة. في ذلك الوقت حضرت العديد من سيارات الدفع الرباعي والتي تحركت بعضها بصعوبة أيضًا، وقامت بنقل الأقارب والأصدقاء إلى البلدات القريبة، وهنالك قسم من العالقين فضلوا اتمام المسافة سيرًا على الأٌقدام لساعات طويلة أو قصيرة، حسب بعد مسافتهم تحت الثلج المتساقط بغزارة. طبعا فضلت البقاء داخل سيارتي.
انقطاع التيار الكهربائي وظلام دامس يخيم على المنطقة
كانت الساعة حوالي الثانية (فجر الجمعة) نزلت من سيارتي، وارتديت معطفي، وتوجهت نحو المخبز لاستفسر عن احتمالات البقاء او المغادرة، كان داخله قرابة 30 - 40 شخصًا، جميعهم من اليهود وقسم كبير منهم من المتدينين من مختلف الأعمار، صغارًا وكبارًا وأطفالاً، عامل عربي واحد، وعاملة يهودية شابة، وكانا لطيفين جدًّا معنا في التعامل. تواجدت أيضًا داخل المخبز مجموعة من الأجانب تبين أنهم جاءوا في نفس اليوم من أمريكا، تحدثوا معنا بالعبرية الممزوجة بالإنجليزية، وكانت علامات القلق واضحة عليهم، خاصة بعد ان تغيرت كل مخططاتهم وتبين أن لا مجال للمغادرة الليلة. تناولت فنجانا من الاسبريسو، وفي ذلك الوقت انقطع التيار الكهربائي وعاد من جديد أكثر من مرة، عدت الى سيارتي ومكثت فيها لبعض الوقت. في قرابة الساعة الرابعة فجرًا، ارتديت قفازاتي وعدت إلى المخبز مرة أخرى، واشتدت العاصفة أكثر وأكثر. تناولت كوبًا من الحليب الساخن المخفوق مع القهوة سريعة الذوبان، دفعت ثمنه 10 شواقل، ووقفت أتأمل المنظر خارجًا عبر الزجاج الكبير، بعد دقائق انقطع التيار الكهربائي عن المنطقة كليًّا، ولم يتجدد لمحطة الوقود والمحلات التجارية خلال الفترة التي مكثت فيها هناك. خيم الظلام الحالك على المكان لثواني معدودة ريثما عملت إضاءة الطوارئ، ولحسن حظي كنت قد اشتريت بعض الحاجيات قبل أن أغلقت محطة الوقود أبوابها لأيام متتالية.
مطلوب من قبل الفتيات: ضحك ومزاح ورومانسية في عز الثلج!
تمكن أصحاب المخبز من خبز وتحضير ما يكفي من الخبز والكعك ليومي الجمعة والسبت، حيث احتلت العربات المملوءة بالكعك والخبز معظم الممرات في المكان، وملأت رائحة الكعك والخبز الزكية الأرجاء، وبالرغم من الأوضاع الصعبة أرادت مجموعة من المتواجدين الاحتفال بعيد ميلاد أحد الأصدقاء، بما تيسر من مستلزمات للعيد. في ذلك الوقت نظرت إلى الثلج المتساقط من السماء، كان المنظر في غاية الروعة زادت جماله إضاءة الطوارئ الخفيفة، بدا مشهدًا في قمة الرومانسية، لكن تمنيت أن تكون الظروف مغايرة، فقلما نعيش هذه الأجواء في بلادنا ونستمتع بمشاهدتها، في ذلك الوقت جاءت شابة يهودية شعرها أسود، بشرتها بيضاء، وقفت خلفي مباشرة وهمست في أذني، وحضنتني!. قلت لها بصوت هادئ ماذا بك؟ هل سببت لك العاصفة كل هذا؟ حينها أيقنت أنها أخطأت وأنني لست زوجها، وشعرت هي بالخجل، فوضعت يديها على وجهها وركضت نحو مجموعة أصدقائها، فقلت ممازحًا وبصوت مسموع: أريد أن أتعرف على زوجها، فهل فعلاً أنا أشبهه إلى هذا الحد؟، فضحك الجميع وضحك زوجها والذي كان يرتدي معطفًا بنفس لون معطفي، ونحن بنفس الطول تقريبًا، وقال لي ضاحكًا: على ما يبدو فإنك مطلوب من قبل الفتيات!. فقلت له ممازحًا: مثلك بالضبط، لكن لا تقلق لم يحدث أي شيء بيني وبينها.
بعد هذا الموقف الطريف والذي حسن نوعًا ما من مزاجي ومزاج الجميع، تركت المخبز وعدت إلى سيارتي.. شغلت المحرك والتدفئة، وحاولت النوم لبعض الوقت، استيقظت في قرابة الساعة السادسة والنصف صباحًا، وكان الثلج يغطي السيارة ونوافذها بالكامل، خرجت منها وما زال الثلج يتساقط لكن بشكل خفيف جدًّا، حتى توقف لساعات قليلة، اعتقدت ان الظروف ستتحسن وستفتح الشوارع، لكن هذه البشارة لم تأت وأيقنت ذلك مما سمعته في الراديو، إذ بقيت الشوارع مغلقة ليوم آخر. تغطية الشبكة الخليوية انقطعت كليًّا، ومعها خدمات الانترنت، وكانت التغطية تتجدد لوقت قصير كل عدة ساعات لكنها كانت ضعيفة جدًّا، وبالكاد تمكنت من إرسال عدد قليل من الرسائل النصية.
المخبز خفض الأسعار وقدم المساعدة للعالقين والمتطوعون هرعوا إلى المكان
صباح الجمعة، لم تفتح المحلات أبوابها، لكن المخبز شهد حركة نشطة، حيث حضرت طواقم الانقاذ لأخذ الخبز والكعك وكل ما يصلح لتناوله وسد الجوع، كذلك حضر من استطاع الوصول سيرًا على الأقدام من "جفعات زئيف" القريبة لأخذ حاجياتهم، وقام صاحب المخبز بخفض الأسعار للمواطنين وللعالقين، وفي صبيحة اليوم، قال إن كل الكعك الموجود في الثلاجة بـ 20 شيكلاً بدلاً من 36 - 40 شيكلاً، وبعدها باع ما تبقى بـ 10 شيكل فقط للكعكة الواحدة، كما وزع الكثير من الخبز والكعك مجانًا، واضطر إلى إغلاق المخبز مع دخول مساء السبت، حسب الشريعة اليهودية. هنالك من قال إنه فعل ذلك وخفض الأسعار ليبيع ما لديه، وآخرون قالوا إنه فعل ذلك من تلقاء نفسه وبنية طيبة، وأنا أميل للشق الثاني، ففي نهاية المطاف استفاد العالقون والمواطنون من ذلك، وشكروه على استضافته لهم وعلى كرمه.
تجميع العالقين في 3 مراكز أساسية
قوات الانقاذ والجيش التي حضرت إلى المكان اقترحت على المتواجدين نقلهم إلى مركز لتجميع العالقين، حيث افتتحت البلدية 3 مراكز رئيسية لتركيز العالقين فيها، كان معسكر "عوفرا" من بينها. قسم كبير من العالقين وافقوا على ذلك وقاموا بشراء حاجياتهم، وتم نقلهم بمركبات الجيش الى مخيم التجميع، وقسم آخر من بينهم سائقو أجرة مع عدد من الركاب رفضوا ترك سيارتيهم في المكان، وأنا رفضت أيضًا، وبقينا على أمل افتتاح الشارع، حيث انحسر تساقط الثلوج لساعات قليلة، وعلقنا آمالاً على افتتاح الشوارع لنعود أدراجنا إلى الشمال، فكل ما أردناه في ذلك الوقت هو ترك المكان والعودة إلى بيوتنا.
استغلاليون: بائع متجول أراد بيع 3 أرغفة خبز بـ 50 شيكلاً!
بعد ان أغلق المخبز أبوابه جاء شاب بسيارة خصوصية، نوع مازدا قديمة نسبيًّا، ذهبية اللون، كانت سيارته محملة بأرغفة الخبز الافرنجية الخاصة بيوم السبت، أراد بيعها، مستغلاً سوء الأحوال الجوية وأوضاع من بقي حينها في المكان، وطلب 50 شيكلاً مقابل 3 أرغفة من الخبز، وطبعًا رفض اليهود شراء الخبز منه، علمًا أن سعر الرغيف الواحد يتراوح من 4 إلى 7 شواقل. وغادر البائع المتجول المكان بعد ان نال قسطًا من التوبيخ، وهنالك من تحدث عن استعداد أشخاص لنقل آخرين لمسافات قصيرة نسبيًّا مقابل مبالغ مالية ليست ببسيطة.
حضر العديد من مواطني جفعات زئيف واقترحوا على من تواجد ترك المكان، والذهاب معهم لقضاء السبت واستضافتهم في منازلهم، قسم منهم وافق وغادر المكان، وانا رفضت ذلك. قبيل ساعات المساء حضرت مجموعة من الشبان من جفعات زئيف، تبادلنا الحديث ولم أخف قوميتي، وتابعنا الحديث الذي كان موضوعه الأساسي سيارتي النادرة، وكيف جئت بها إلى هنا في هذه الظروف، وقلت لأحدهم ممازحًا بأنني مستعد الآن بأن استبدلها بسيارة جيب رباعية الدفع على الفور وبدون دفع الفارق لي، حتى لو كانت صغيرة الحجم. تحدثنا عن أمور أخرى، وفي نهاية الحديث حين أسدل الليل ستاره غادروا المكان ودعوني لأقضي الليلة عندهم، لكنني اعتذرت لهم وقلت إنني لا يمكنني أن أترك سيارتي وأذهب، غادروا المكان، وعدت إلى سيارتي، أشعلت المحرك والتدفئة وجففت حذائي من مياه الثلوج الذائبة والرطوبة.
بعد حوالي ساعة قرع زجاج سيارتي شخص، تبين انه عامل على جرافة، وطلب مني متحدثًا بالعبرية أن أشحن له هاتفه، فأجبته بالعربية دعنا نحاول، فقلت له "امك بتحبك" بالإمكان شحن هاتفك، فرح ودعاني للجلوس في سيارته، وهذا ما حصل، وتبين لي انه من منطقة المثلث ويعمل في المكان مع طاقم فتح الطرقات، وتبادلنا الحديث حول عدة مواضيع، واقترح ان يدلني صباحًا على الطرق المفتوحة، وتبادلنا أرقام الهواتف، تركت سيارته وأعدت له هاتفه، ونمت لساعات متواصلة في سيارتي، وكان التيار الكهربائي مقطوعًا والظلام حالكًا، ولم اشاهد سوى أضواء الجرافات ومركبات قوى الانقاذ البعيدة، واستمر الثلج في التساقط، وفي قرابة الساعة الثالثة فجرًا أيقظني شرطي كان يتفقد السيارات وسلامة المواطنين العالقين، ونصحني أن أبقي شباك السيارة مفتوحا قليلاً، بعدها تابعت نومي.
بعد الشدة يأتي الفرج!
مغامرة جميلة لن أنساها
في صبيحة يوم السبت، كانت الساعة قد تجاوزت السادسة، استمعت إلى الراديو وكانت الطرقات لا تزال مغلقة امام حركة السير للسيارات العادية، وكانت بعضها مفتوحة لسيارات التزويد المختلفة للحاجيات الضرورية والهامة، وأمام سيارات الاسعاف والانقاذ وعمال شركة الكهرباء والذين انتشروا في كل مكان لإصلاح اضرار العاصفة، شارع رقم 436 الذي علقنا فيه وشارع رقم 1 الرابط بين تل ابيب والقدس، ومداخل ومخارج القدس الأخرى من جهة البحر الميت وغيرها. ألقيت تحية الصباح على عامل الجرافة قبل خروجه إلى عمله، وانتظرت محادثتي لإرشادي عن طريق انجح في العودة من خلالها إلى الشمال، وبعد ساعات طوال مرت ببطء حدث ذلك، وخرجت بسيارتي وكان المنظر جميلاً ومخيفًا بنفس الوقت، اذ مررت بالقرب من سيارات عالقة بالثلج وقد غطتها الثلوج بالكامل، وبدت أماكن عدة أشبه بمقابر للسيارات، تذكرت على الفور مشاهد الكوارث التي نشاهدها عبر شاشات التلفزيون. وحين سمعت في الأخبار أن ارتفاع الثلج الذي تساقط بلغ 46 سم لم أتفاجأ، إذ شاهدت ذلك بأم عيني. أردت أن أعوض قليلاً عما عشته، وحين سنحت الفرصة مع إطلالة أشعة الشمس الذهبية، بعد أن انقشعت الغيوم المتلبدة قليلاً، ورغم البرد القارس والرياح العاتية، لبست قفازاتي، وأحكمت معطفي ووضعت اللفحة حول عنقي، ثم فتحت سقف سيارتي الكابريوليه وسافرت، وفكرت حينها فقط بالمغامرة الجميلة التي لن أنساها واستمتعت بجمالية المنظر وروعة الأجواء، بالرغم من الصعوبات التي مررت بها... بعد جهد جهيد نجحت بالعودة إلى الشمال في وقت متأخر، وكانت قد فاتتني فرصة المشاركة في حفل زفاف عائلي.