صالح نجيدات في مقاله:
نحن بحاجة كبيرة لنشر ثقافة الاعتذار في مجتمعنا، فحين نربي أبناءنا ونعودهم على كلمات ومفردات التواضع والاعتذار ومن ثم نعلمهم كيفية الاعتذار فهذا بلا شك يستوجب منا الإشادة بتصرف الطفل أمام الآخرين وتعزيز تلك الفضيلة فيه
الخطأ هو صفه من صفات البشر، وكل إنسان معرض للخطأ، وليس من العيب أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب والخطأ الأكبر هو التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ، الاعتذار بلا شك سلوك حضاري وفن ومهارة اجتماعية تزيد من الألفة والمحبة والتقارب بين جميع أفراد المجتمع، كما ان ديننا الإسلامي والمسيحي من أكثر الأديان حثا على التوبة والاعتذار والتسامح .
ليس غريبا ان يخطئ الإنسان في حق الآخرين، ولكن المشكلة تكمن في إصلاح ذلك الخطأ بالاعتذار، فنحن العرب نرى الاعتذار أنه خضوع وذل ومهانة بل هو على العكس قوة وشجاعة ومراجعة للذات ونقدها والذي يعتذر هو صاحب الشخصية القوية والاخلاق الراقية .
الاعتراف بالخطأ فضيلة
كم من بيوت في مجتمعنا تدمرت وكم من قضايا رفعت وأضاعت الوقت والجهود والمال وكم من عدوات دامت واستمرت طويلا وأثرت على اجيال متعاقبه وتسببت في قطيعة ارحام طويلة وممتدةـ وكم من دماء سفكت بين الافراد والعائلات والقبائلوكان يكفي وأدها وانهائها في مهدها لو استعملنا كلمة واحدة وهي الاسف أو الاعتذار . فلماذا تتكبر عنها النفوس التي تعلم أن العودة للحق خير من التمادي في الباطل ؟ ان الاعتذار شاق وصعب على كثير من الناس لانهم لم يتعودوا على ذلك لا في ثقافتهم ولا في تربيتهم ولم يتعلموا ان الاعتراف بالخطأ فضيلة . نحن بحاجة كبيرة لنشر ثقافة الاعتذار في مجتمعنا، فحين نربي أبناءنا ونعودهم على كلمات ومفردات التواضع والاعتذار، ومن ثم نعلمهم كيفية الاعتذار فهذا بلا شك يستوجب منا الإشادة بتصرف الطفل أمام الآخرين، وتعزيز تلك الفضيلة فيه.
التقدم والتطور والرفعة لوطننا ولمجتمعنا
وقبل ذلك يجب ان يغير الآباء والمعلمون والمسؤولون من سلوكهم ويكتسبوا هذه الصفة كدليل على التحضر والرقي، ويكونوا قدوة للأجيال الصاعدة. فمثلا الأنبياء كانوا يعتذرون عن أي خطأ يرتكبونه، موسى عليه السلام: بعد أن وكز الرجل بعصاه فقتله. (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين). ثم قدم الاعتذار (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم). وآدم عليه السلام: اعترف بذنبه عندما أخطأ هو وزوجه وأكل من الشجرة المحرمة (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). نحن في أشد الحاجة لغرس وتعميق هذه الثقافة في مجتمعنا وفي بيوتنا إذا أردنا النهوض والتقدم والتطور والرفعة لوطننا ولمجتمعنا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net