زهير ابن عياد في مقاله:
تداخل القبيلة بالسياسة يجعل من الأولى في إستعراضها الكفة الراجحة على الخيار الديموقراطي التعددي
قطعنا نحن شباب النقب خاصة شوطا طويلا عريضا في إبتعادنا عن القبيلة بعد أن خفتت سنوات لتعود المحفزات الآنية لإحيائها كنعرة مستجدة عنصرية في الغالب
للقواعد والبنية العشائرية ( في مجال الانتخابات ) أكبر الأثر على مستقبل القرى البدوية الصاعدة بالمساهمة في إضمحلالها أو التمهيد - بغير نية - لدمجها في حيز متروبوليني تابعا لا متبوع
خاب إعتقادي بأن القبيلة لم تعدّ من الأطر الإجتماعية الضاغطة، ووقفت حائرا أمام بواكير الإنتخابات البلدية والمحلية ( رئاسة وعضوية ) والتي ستطلّ علينا برأسها عقب سحابة ايام، لتواجه الباحث هنا بنظرة عن كثب، معضلة، معضلة في تعاطي الناس مع هذه القضية، التي يراها البعض على حقيقتها إشكالية جماهيرية جهراء، قد تشطب الكينونة الذاتية لاهلها من الإعتبار الحضاري النزية.
الأعراس الديمقراطية
فظاهرة إقتحام هذه " الأعراس الديمقراطية " على تعبئة وقوة خاصة أشبه بتكتلات باشتونية، ستكون نحو ما يعتقد، اسفنجا سيمتصّ صدمات قادمة، لن يطول الزمان بضربته حتى تنفجر، وبلا حصرا للامثلة على كثرتها، فهذا مثال ليتضح المقال: فقد جرى العرف على أن يقوم بعض سكان القرى غير المعترف بها بالمشاركة في إنتخابات القرى السبع، يقينا أن ذلك وفق مصداقية الإعتبارات القبلية على ما يرون، وهنا المعضلة إذ أن مشاركة فعالة لمثل هؤلاء قد تضيّع حالتهم الإستثنائية وتبلبل وضعهم الخاص.
بروباغاندا مضللة
يضجّ الإعلام - على علته - بقضية الساعة مكرسا فكرة أن النقب ما زال أعتى معاقل القبيلة في العالم قاطبة، هذه المؤسسة التي تضمن حياد الأمثل فالأمثل، وتعتمد عليها الأنظمة الجهوية لتحرم أبناءها روح الشعور القومي، ولتعدّ بذات الوقت ظغمة لبقاء المجتمع على ما هو عليه، وسط محدودية التفكير وإختزال خيارات سليمة بناءة.
إن القبيلة كتكوين إجتماعي وإعادة دورها الإجتماعي الذي أصابه الإنحلال، تبرز عادة أيام الانتخابات ليتفق وصفها بحدود رأيي مع وصف الصحوات العراقية التي انشأتها قوات التحالف بهدف تعميق نظام القبيلة وسط دولة عصرية، فهي إذن باختصار صحوة القبيلة في أياما كهذه وليس بواسطة رؤوساء - عفا دورهم - يقودون العشائر فيمتثل لهم، إننا بوجهاء في أحيانا كثيرة لا يؤخذ بوجاهة رأيهم. .
مآخذ:
إن تداخل القبيلة بالسياسة، يجعل من الأولى في إستعراضها، الكفة الراجحة على الخيار الديموقراطي التعددي، وعلى ضوء هذا المنظور سأجمل بنقاطا مختصرة لمآلات معينة لهذه القضية :
1- تهميش دور المثقفين، وهنا اتساءل عن ضياع الدور التكنوقراطي للاكاديميين والدارسين الذين لا تنقصهم الكفاءة ولا الفقه السياسي، فنتيجة سياسة مركزية قهرية تهدف لسيرورة التبعية القبلية، ترى أن الأطباء المعلمين والمحامين وذوي الرتب العلمية يعودون لعشيرتهم التي تحتضنهم فكريا ليتأهلوا وفق أن صالح القبيلة هو الأمر الأكثر إغواءا.
2 - إنعدام أفق سياسي جاد، يبقي النقب مفتقرا لأسس أي تجربة سياسية تعددية بارزة المعالم، وهشاشة في ممارسة مفهوم السياسة من حدود ذلك، وبالتالي ثغرة في آفاق التقدم نحو المستقبل بخطى واعدة تحفظ القض والقضيض، ولعلنا هنا نوضّح أنه ليس مثيرا للاهتمام بهذا القدر، إمكانية وقدرة أبناء النقب على إيصال ثلاثة أو أربعة من أبناءه لسدة الكنيست.
3- لا ينكر أحد أن للقواعد والبنية العشائرية ( في مجال الانتخابات ) أكبر الأثر على مستقبل القرى البدوية الصاعدة بالمساهمة في إضمحلالها أو التمهيد - بغير نية - لدمجها في حيز متروبوليني تابعا لا متبوع.
4 - ضبابية ولا إنسجام مع منطق العمل السياسي من قبل سياسيين مدفوعين بالقبيلة، والأحزاب البدوية عامة تخوض غمار السياسة المحلية بحسابات مصلحية واضحة، ولا توفق في إيجاد المبررات السياسية الايدولوجية لإتخاذها موقفا ما تناقضي.
5 - محاولة إسترضاء القبيلة الأم وشراء ولاءها، وهي التي تراعي في ذلك مصالحها إنطلاقا من الجبروت والهيبة واحيانا الأصل والنسب، وهي نقطة سوداء تساهم بلا شك في تفكيك النظم السياسية الاجتماعية القومية الثقافية القائمة، وإنعدام بالتالي الإستقرار وفتوق في الأدوار السياسية الاقتصادية التنموية.
6- قد قطعنا نحن شباب النقب خاصة، شوطا طويلا عريضا في إبتعادنا عن القبيلة، بعد أن خفتت سنوات لتعود المحفزات الآنية لإحيائها كنعرة مستجدة عنصرية في الغالب، يقول وسط معمعتها القائل ( وهل أنا إلا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد )، فبرزت المشاكل وطلّ برأسه الاستبداد والتعالي، وأستعر إوار من أنا ومن أنت !
7- العشيرة هي ليست وحدة سياسية بالمفهوم المتعارف عليه، ومرشحوها لا يملكون روح الخطاب الواعي المقنع المحنك، وهذا أمر يساهم بدرجة ما في ما اصطلحت على تسميته " توطين البشر والفكر ". أما الأحزاب والمرشحون - قطعا - أجندتهم وبرامجهم غير واضحة وخيالية في أحيان، لأن الأولوية تأتي كما أسلفت سالفا، لإقناع القبيلة وبناء تحالفات عوراء لا تراعي سعة المصلحة بقدر ما تؤصل للغايات الخاصة مستقصية لمصالح الجماهير.
واقع فعلي للنقب
هذه إذن محاور بتمخضاتها، ترى بإستقراء أخلاقي من قبلك، أنها واقع فعلي للنقب حاليا وقادما، والموضوع برمته كبير وليس بالضرورة إحاطته من كل جانب، بقدر ما يهمنا التنبيه إلى أن امورا كهذه واستخدامها بصورة غير صحية تدفع بنا الى نعي مبكر لشعب أصلاني يحاول اللحاق بالقافلة مع هوامش مناورة محدودة حددت له.
كما ونخشى في ذات السياق من هذه الحفاوة الفكرية التي تضع القبيلة الإنتخابية بديوانها ندا لحفاوة علمية فكرية تستند إلى تطلعات صالحة همها ترتيب الأوراق بحسب سلم اولويات تاريخية حقوقية لابناء النقب، الذين تتعدد تكويناتهم وتناسقاتهم إجتماعيا وثقافيا، تعدد حبذا لو استغل كتنوع حيوي يدفع للتعاون بحلّ المشكلات لا تفاقمها بتصرفات غير سليمة.
عودا لبدء، الصحوات الإنتخابية، على غرار الصحوات العشائرية في العراق، نستطيع هنا بمقاربة قد تبدو للبعض طريفة، إطلاقها كوصف جزئي على يوم 22/10 /2013 في قرى النقب السبع التي تخطو نحو أفق سياسي تراكمي لما سبق.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net