سميح غنادري في مقاله:
الجميع يؤكد أنه ذاهب نحو انتصار أكيد (عدا عياد) وكأن الناصرة أربع ناصرات
هذه هي "الإسلامية" وهي لا تحالف ولا تدعم إلا نفسها لكن يسعدها دوما أن تمتطي قوميين ويساريين وعلمانيين
الناصرة مأزومة بلداً وبلدية قيادة "حاكمة" ومعارضة تتطلع "للحكم" وأحزابا تكلّست وتآكلت ضمن أقفاص فكرها ونهجها واستراتيجيتها القديمة وجمهور ناخبين يتآكله "طبيخ شحادين"
كلٌ يغني على "ليلاه" (ناصرته) التي تتمنّع عن أن يستملكها واحد أحد يستأثر بها والكل يدّعي أنه قادر على تحرير "سراياه" (ناصرته) الحبيسة في عليّة – قفص "الغول" الذي ساهمنا جميعا ببنائه (أحزابا وجمهورا)
في ظل "إنفلاتسيا" – تضخم وسيلان - البدائل للجبهة والتي ليست ببدائل وفي ظل عدم إصلاح وتجديد الجبهة لذاتها خلال العقدين الماضيين يجب أن يصبح العنوان "أبحث عن كهول تغرس أشتال الزيتون" في أرض الجبهة وفي أراضي منافسيها
القوائم الرئيسية المتنافسة هي ذاتها بحلل جديدة ورغم وجود قائمتين جديدتين – "ناصرتي" و"شباب التغيير" – يبقى الصراع الأساسي بين معسكرين – إما الجبهة وإما مجموع منافسيها والرئاسة محسومة لصالح الجبهة
في العمق وعلى السطح يوجد الكثير من الجديد مثلا خفتان بروز العامل الوطني السياسي مقابل الخدمات البلدية للمواطن
النقاش في الشارع وفي البيوت هو على الخدمات في الأساس وليست الخدمات الأولية التي تخص البنية التحتية القاعدية وإنما تلك المركزية التي تنهض بمدنية المدينة
الجديد هو تراجع الاستقطاب والخطاب الطائفي وحدّته صحيح أنه ما يزال يفصلنا شهر عن موعد الانتخابات ولا أستبعد أن يلجأ إليه ثانية صنـّاعه والراكبون عليه لجني الأصوات وبالمقابل هنالك جديد النمو المضطرد لخطاب العائلية والحاراتية والمصالح الشخصية
تتحالف الإسلامية الجنوبية مع الإسلامية الشمالية مع أطياف إسلاموية أخرى وتُسمي هذا "تحالف الناصرة" علما بأن غالبية مسلمي الناصرة وليس مسيحييها فقط ضد هكذا تحالف
لقد أساءت حنين إلى نفسها ولمقدّريها وإلى مكانتها وشعبيتها واحترامها وإلى المسؤولية الوطنية والاجتماعية للقيادة حين قبلت الترشيح ولن تحصد من هذه الرعونة إلا خزي السقوط وعار احتلالها لأدنى درجات سلم نتائج الانتخابات للرئاسة
أكتب هذا المقال بتاريخ 22 آب 2013، قبل شهرين بالضبط من موعد الانتخابات لبلدية الناصرة. لا أعرف إن كنت سأنشره. لكني أخاطر وأعلمكم بنتائج الانتخابات القادمة: رامز جرايسي هو الرئيس القادم للبلدية، وسيفوز من الجولة الأولى رغم وجود أربعة مرشحين منافسين له. ولن تحظى "الجبهة" بالغالبية المطلقة في المجلس البلدي، لذا سيكون المجلس القادم مجلساً ائتلافياً.
ستتمثل قوائم العضوية حسب التدريج التالي: "الجبهة" ثم "الإسلامية و "ناصرتي" (كتلة علي سلام) و "الأهلية" (التجمع). وغالبا ستحصل "الموحدة" (يوسف عياد) على عضو واحد. أما "شباب التغيير" فلن يعبروا نسبة الحسم. هكذا سيكون أيضا تدريج أصوات مرشحي الرئاسة الخمسة: رامز جرايسي، توفيق أبو أحمد و علي سلام و حنين زعبي و يوسف عياد (إن لم يسحب ترشيحه).
إنتصار اكيد
الجميع يؤكد أنه ذاهب نحو انتصار أكيد (عدا عياد)، وكأن الناصرة أربع ناصرات. الأجدى بهم أن يتخلوا عن هذه الرعونة والاستخفاف بوعي الناخب النصراوي. وحده رامز جرايسي سيفوز. كذلك الأجدى بالقوميين الديمقراطيين المثقفين...، الذين عوّلوا على دعم أوساط اسلاموية لهم ستضمن فوزهم ومضاعفة تمثيل عضويتهم وأكثر... "أن يحططوا عن بغلتهم" ويستفيقوا من حلمهم. ولا أستبعد أن تتحالف "الإسلاميتان"، الجنوبية والشمالية، لتحرير "إمارة" الناصرة من سلطة الجبهة دعما "للخلافة"، في زمن تحالف "أمة الكفر" العالمية والعربية ضد حكم "الإسلام".
الإسلامية
هذه هي "الإسلامية". وهي لا تحالف ولا تدعم إلا نفسها. لكن يسعدها دوما أن تمتطي قوميين ويساريين وعلمانيين... وأيا كان، ما دام هذا "الأي كان" يستطيب الامتطاء، أو يتوهم بالأسلامية، أو يفيض حقدا على الأقرب إليه فكريا وسياسيا، لدرجة استطابة الجلوس في حضن الإسلامية للاطاحة بالاقرب له. وحدها الجبهة ستخرج غانمة من هذه "السوق الانتخابية". إذ سيفوز مرشحها للرئاسة، ولن تخسر جدّياً من عدد ممثليها في المجلس البلدي. صحيح أن قائمتي "ناصرتي" و"شباب التغيير"، وحتى "الأهلية"، سيقضمون معاً بضعة ألوف من الأصوات من القاعدة الانتخابية للجبهة، لكن كل قوائم العضوية المنافسة والمعادية للجبهة ستقضم بعضها البعض في الأساس، لأنها تأكل من الصحن نفسه.
البلد مأزومة
الناصرة مأزومة، بلداً وبلدية، قيادة "حاكمة" ومعارضة تتطلع "للحكم"، وأحزابا تكلّست وتآكلت ضمن أقفاص فكرها ونهجها واستراتيجيتها القديمة، وجمهور ناخبين يتآكله "طبيخ شحادين" – بعض استقطاب وبعض طائفية وبعض حاراتية وعائلية، وبعض (أو كثير...) من فقدان الحماس للعمل، والأمل بالتغيير. فلا نهج "الحكام" يرضيه ولا نهج المعارضة (الساعية إلى الحكم) يقدم له البديل الأفضل والمرجو. هذا وضع شبه كلاسيكي للأزمة السياسية المجتمعية – "الحكام" أعجز من أن يضمنوا استمرار حكمهم وفق النهج القديم، ويرفضون أن يتجددوا ويجدووا. و"المحكومون" لا يقبلون استمرار عيشهم في ظل النهج القديم. والمعارضة ترفض (ولا تستطيع أو تريد أصلا) أن تتغير فكرا وممارسة، استراتيجيا وتكتيكيا. لذا لا تستطيع طرح مخرج سليم وآمن للخروج من الأزمة.
تآكلت أحزابنا. لاكتنا ومضغتنا قبلية الأحزاب وحزبية القبائل. الكلّ تأزّم وأزّم. الكل "قاتل" و"ضحية" في الوقت نفسه – (دون مساواتية بين الجميع). كلٌ يغني على "ليلاه" (ناصرته) التي تتمنّع عن أن يستملكها واحد أحد يستأثر بها. والكل يدّعي أنه قادر على تحرير "سراياه" (ناصرته) الحبيسة في عليّة – قفص "الغول" الذي ساهمنا جميعا ببنائه (أحزابا وجمهورا)، وأتحنا له أن يحبس سرايانا فيه – (طبعا بتفاوت في المساهمة). أما سرايا فما زالت تنتظر فارسها – عاشقها الحقيقي – لينادي عليها: "سرايا يا بنت الغول، دلّيلي شعرك لأطول". فيتعمشق على جدائلها ويحطم القفص ويقتل الغول... فتتحرر الناصرة.
وإلى حينه؟ يميّز النصراوي العادي أو اللامحزب فكرا وسياسة، بين تفاوت المسؤولية عن سبي "سرايا"، فيقول "خليك على منحوسك حتى لا يأتيك الأنحس منه". فهل يتمتع جرايسي والجبهة بحكمة "الكهول"، فيعوا أن الناصرة ستضمن فوزهما بالانتخابات القادمة ليس بسبب الفائض في حماسها ورضاها وتأييدها لهما، وإنما لأن البديل أسوأ.
أبحث عن كهل يغرس أشتال الزيتون
حصلت جبهة الناصرة في انتخابات البلدية لسنة 1993 على غالبية مطلقة في العضوية وأعادت انتخاب توفيق زياد لرئاستها. صرّح زياد يومها أن "شعب" الناصرة قرّر باقتراعه من يدير بلديته، مشيرا بذلك إلى رفضه الدعوة لإقامة ائتلاف شامل أو ثنائي في الملجس البلدي. كتبت يومها مقالا نشرته صحيفة "العين" النصراوية على صفحتها الأولى، قلت فيه إن الـ 45% الذين لم يصوتوا للجبهة هم أيضا جزء لا يتجزأ من "شعب" الناصرة. وتؤكد دالة انتصارات الجبهة منذ الانتصار الأول سنة 1975 وحتى اليوم أن نسبة التصويت لها في تراجع من انتخابات إلى انتخابات. لذلك على الجبهة أن تتجدد فكرا ونهج عمل، وأن تنفتح أكثر باتجاه توسيع قاعدة الوحدة الوطنية للمدينة، وأن تتخلى عن لهثها الدائم وراء مكاسب فئوية ضيقة ومؤقتة، وعن رغبتها الدائمة بالاستئثار بالسلطة لوحدها. كان عنوان مقالي يومها: "أبحث عن كهل يغرس أشتال الزيتون". هو يعرف أنه لن يأكل من ثمارها، لكن أبناءه وأحفاده ومدينته... ستتغذى عليها.
مرّت عشرون عاما. ما زلت أبحث عن ذاك الكهل. وازداد بحثي وازدادت مرارتي لأن أبناء ذاك الكهل الذي كنت أبحث عنه تمادوا في تهجيج كل من لا يفكر على "صورتهم ومثالهم"، بل أخذوا أيضا "يأكلون" بعضهم بعضا.
أما اليوم، وفي ظل "إنفلاتسيا" – تضخم وسيلان - البدائل للجبهة، والتي ليست ببدائل، وفي ظل عدم إصلاح وتجديد الجبهة لذاتها خلال العقدين الماضيين، يجب أن يصبح العنوان "أبحث عن كهول تغرس أشتال الزيتون"، في أرض الجبهة وفي أراضي منافسيها.
جديد الانتخابات
يظهر على السطح، وكأن ما من جديد في هذه الانتخابات – أكتوبر 2013 – بالمقارنة مع انتخابات 2008. فالقوائم الرئيسية المتنافسة هي ذاتها، بحلل جديدة. ورغم وجود قائمتين جديدتين – "ناصرتي" و"شباب التغيير" – يبقى الصراع الأساسي بين معسكرين – إما الجبهة، وإما مجموع منافسيها. والرئاسة محسومة لصالح الجبهة. واللاعبان الأساسيان كانا وما يزالا "الجبهة" والإسلامية". (أتحفظ هنا من انتشار رأي في الناصرة يقول إن "الأهلية"، لا الإسلامية، هي اللاعب الأساسي في مواجهة الجبهة). لكن، في العمق وعلى السطح، يوجد الكثير من الجديد. مثلا خفتان بروز العامل الوطني السياسي مقابل الخدمات البلدية للمواطن. النقاش في الشارع وفي البيوت هو على الخدمات في الأساس، وليست الخدمات الأولية التي تخص البنية التحتية القاعدية، وإنما تلك المركزية التي تنهض بمدنية المدينة وتجعلها مدينة حقا: مسطح البناء والإسكان، والتعليم، والتصنيع، وأزمة السير، والثقافة، والبيئة، والفقر والبطالة، والأمن والعنف والخاوة، وحسن الإدارة وفاعلية عمل جهاز البلدية وحسن استقباله للجمهور وحل مشاكله. والجديد هو تراجع الاستقطاب والخطاب الطائفي وحدّته. صحيح أنه ما يزال يفصلنا شهر عن موعد الانتخابات، ولا أستبعد أن يلجأ إليه ثانية صنـّاعه والراكبون عليه لجني الأصوات. وبالمقابل، هنالك جديد النمو المضطرد لخطاب العائلية والحاراتية والمصالح الشخصية والفئوية الضيقة والذاتية، والواسطات والمحسوبيات، والمال السياسي وشراء الذمم. والجديد أنه لا يتنافس على رئاسة البلدية مرشحان فقط، كما حدث في غالبية الدورات الانتخابية السابقة، وإنما خمسة مرشحين. يفتح هذا المجال أكثر للمستائين من المعسكرين الأساسيين (الجبهة والإسلامية) على خيارات أخرى. وهنالك من سيقترع لتلك الخيارات رغم معرفته باستحالة إمكانية نجاحها وعدم كونها بدائل أفضل. لكنه سيفعل ذلك من باب العقاب لمعسكره السابق المستاء من سلوكه. والجديد هو قائمة "ناصرتي" الخارجة من معطف الجبهة، وقائمة "شباب التغيير" التي غالبية مرشحيها أعضاء حزب وشبيبة شيوعية وجبهة سابقين. ستضر القائمتان بالجبهة وستؤديان إلى هبوط في تمثيل عضويتها، لكنها أعجز من أن تمنعا فوز جرايسي بالرئاسة.
والجديد هو احتمال تزايد نسبة الامتناع عن التصويت وتراخي الحماس للعمل الانتخابي، حتى بين مؤيدي الأحزاب والكتل الانتخابية وبعض أعضائهم. وذلك بسبب فقدان الحلم والأمل بالتغيير وما يجره هذا من لا مبالاة. المدينة "تعبانة" وتتكاثر الأصوات التي تقول: "بطيخ يكسّر بعضه".
قديم الجبهة
ستحصد الجبهة في هذه الانتخابات حصيلة أخطائها السابقة. وأستدرك لأقول إن الذي يتنكر لدور الحزب الشيوعي والجبهة، قطريا ونصراويا، في بلورة الهوية القومية والوطنية والديمقراطية واليسارية والعلمانية لشعبنا، وفي اجتراح طريق "الكرامة والخدمات" في العمل البلدي... مثله كمثل الذي يتنكر لشروق الشمس صباحا. لكن الجبهة تأزمت وأزّمت، تكلّست وكلّست، شاخت وأشاخت. بدأ ذلك منذ ثمانينات القرن الماضي، وهو في تسارع عقداً بعد آخر. السيارة مش عم تمشي، وما في حدا يدفشها دفشة.
أستطيع أن أعدّد لكم أسماء عشرات، إن لم يكن مئات، الشخصيات النصراوية (مقالنا عن الناصرة) التي "هجّجتها" الجبهة، لأنها انتقدت وفكرت بشكل جديد ولا تقليدي. ومنها من "هجّ" بإرادته لأنه فقد الأمل بالإصلاح. أتحدث عن أكاديميين ومثقفين وتجار وحرفيين وطلاب جامعيين. أعضاء فرع الحزب الشيوعي وفرع الشبيبة الشيوعية في الناصرة أشبه بحلقة ذكر ضيقة. بالكاد يعرفهم الناس خارج قفص "بيت الصداقة". والشبيبة الشيوعية تعارض إقامة تنظيم – إطار – "شباب الجبهة"، خوفا من أن يؤدي هذا إلى تناقص عضويتها... والحزب يوافق ويصدر "الفيتو"، رغم استياء الجبهويين. والجبهة ليست "كشرايين الدم في الجسم الحي... تملأ كل أحياء المدينة" (أتذكرون هذا الكلام؟). وهي ليست "البلدوزر" الذي يزيل العقبات ويفتح الطرق. وأخشى أن هذا البلدوزر تصدأ ولا يُسمعنا إلا خرير "زموره" المخنوق أثناء سيرة إلى الخلف - غيار الريفرس، بعد أن فزع من مشقة التقدم أماما لتحطيم عقبات شق الطريق.
"كنـّا، وكنـّا، وكنـّا..." يردد الرفاق. ولا يوجد من ينتبه أو ينبّه أن "كان" هي فعل ماض ناقص وأنه لا يجوز تقديم أجوبة الماضي لأسئلة الحاضر، فكم بالحري لاستشفاف المستقبل.
"نحن الطليعة" – يردد الرفاق. ويتناسون أن الطليعة ليست صفة يطلقها الإنسان على نفسه، وإنما "نيشان" يمنحه إياه الناس على فكره وممارسته ومكتسباته. ومن يختار التذيل للأحداث، ويدع التطورات تسبقه، ولا يستشف المستقبل ويبقى متخندقا في الماضي... لا يمكن أن يكون طليعة وفي المقدمة. ومن يتذيل يكون ذيلا، وموقع الذيل هو في الخلف.
لا أقول هذا من باب الرغبة بتجريح الجبهة والمس بها، وإنما من باب القلق عليها، لقلقي على مستقبل شعبي وناصرتي. الجبهة مدعوة للتخلص من قديمها الذي شاخ وأفلس. والناصرة تعبت وملّت وتبحث عن بديل. ومن لا يشمّ هذا... مصاب بالزكام. أريد للجبهة أن تكون مع غيرها من صناع هذا البديل... وخصوصا أنه لا وجود الآن لبديل ناضج أفضل منها. لم تفرز الناصرة بعد هذا البديل، وهي تريد إصلاح الجبهة لا تبديلها، وإشراك قوى أخرى لجانبها في إدارة وقيادة البلدية لا "التخلص" من الجبهة فيها.
بديل... بأي حال عدت يا بديل؟
يتحدث الجميع عن البديل. وما من كلمة تتردد في انتخابات الناصرة أكثر من كلمة تغيير. كل قادة القوائم المتنافسة ينصّبون أنفسهم، كل على حدة، بديلا وفارس تغيير. يظهر وكأن الناصرة مصابة بإنفلاتسيا البدائل. الجميع يغمرنا بكلماته الجميلة، فيذكرنا بقصيدة نزار قباني "كلمات". كلمات ليست كالكلمات، تزرعنا بين الغيمات، ثم تعيدنا إلى واقعنا التعيس في لحظات.
لكن تكاد تغيب، أمام هذا اللغط الكلامي الإنشائي، الأسئلة الأساس: عن أي بديل تتحدثون؟ وأي تغيير ستجرون؟ وما هو القائم السيء الذي يجب تبديله وتغييره؟ وكيف بإمكان صانع أو داعم هذا القائم أن يكون بديلا له وعنوانا لتغييره؟
يخطر ببالي أن أقول لبعض "فرسان" التبديل والتغيير، من تجار الكلمات: البديل المطلوب هو أن تتبدلوا، والتغيير المطلوب هو أن تتغيروا. ولن يكون بإمكانكم أن تغيّروا إن لم تتغيروا أنتم أولا، فكرا وممارسة ومنهجا.
"الإسلامية" ليست بديلا. الإطاحة بالجبهة لتنصيب الإسلامية ليس خروجا من الأزمة، وإنما ردّة إلى الوراء وتأزيم للأزمة. تُسمّي "الإسلامية" قائمتها "تحالف الناصرة" (؟!). تحالف ذو لون طائفي واحد وفكر "إسلاموي" واحد، في مدينة متعدة الطوائف والتيارات. هذا هو بديلها.
تتحالف الإسلامية الجنوبية مع الإسلامية الشمالية مع أطياف إسلاموية أخرى... وتُسمي هذا "تحالف الناصرة". علما بأن غالبية مسلمي الناصرة، وليس مسيحييها فقط، ضد هكذا تحالف. ويتحالف الإسلاموي توفيق مع الشق الثاني لاسمه (أبو أحمد)، فيصبح "المستقل" توفيق أبوا أحمد رئيسا لـ "تحالف الناصرة"، وينصّب نفسه بديلا وفارس تغيير.
وأشغل علي سلام منصب النائب والقائم بالأعمال لرئيس البلدية الجبهوي لثلاث دورات – (15) عاما. وكان يصرّح حتى يوم أمس القريب أن بيت الجبهة الدافئ هو بيته الذي لن يهجره. لكن حين قررت الجبهة عدم إعادة ترشيحه ضمن عضويتها، توّج نفسه بديلا وفارس تغيير لبلدية "محسوبيات وفساد وواسطات لا تهمها خدمة المواطن" (؟!).
صناعة التغيير
ورشـّح حزب "التجمع" حنين زعبي لرئاسة البلدية واعدا بأن يكون البديل القيادي القادر على صناعة التغيير. أرفق التجمع بهذا الترشيح البدائلي والتغييري المضمون انتصاره بحسب اعتقاده، نتائج "استطلاعات رأي" عممها شفويا تؤكد إمكانية فوز حنين وانتزاعها لكرسي الرئاسة من رامز جرايسي وزيادة تمثيل عضويتها من عضوين إلى خمسة أعضاء (؟!). (الأصح تسميتها استلطاخات رأي).
لقد أساءت حنين إلى نفسها، ولمقدّريها، وإلى مكانتها وشعبيتها واحترامها، وإلى المسؤولية الوطنية والاجتماعية للقيادة، حين قبلت الترشيح. لن تحصد من هذه الرعونة إلا خزي السقوط وعار احتلالها لأدنى درجات سلم نتائج الانتخابات للرئاسة.
أسأل قادة "التجمع": كيف ستكون حنين هي البديل وصانعة التغيير في الناصرة، بينما أنتم تعرفون حتمية سقوطها وعودتها للكنيست؟ وحليفا لمن ومع من ستكون كتلة التجمع في المجلس البلدية ضد رامز والجبهة؟ وأصلا، ما يمكن أن تحظى به كتلتكم من تمثيل في المجلس البلدي هو عضوي مجلس (من أصل 19)، فكيف ستصنعون التغيير؟!
أما الجبهة، فقد قررت أنه لا يوجد بديل لمرشحها للرئاسة. وذلك لأن.... (تابع/ي الجزء الثاني من هذا المقال).
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net