الام:
البيت الناجح هو الذي يعيش أفراده وفق نظام وقواعد ويشارك في تطويرها ووضعها جميع أعضاء الأسرة
الدعوة إلى احترام عقول الصغار وتربيتهم بالإقناع والحوار لا يعني أن يُتركوا بلا ضوابط ولا قواعد ولا توجيهات ولا تأديب فهذا من التقصير الشديد في حقهم
من أهم دعائم احترام عقول الأطفال هي أن يتربوا على الإقناع أن يفهموا سبب أمرهم ونهيهم، منعهم وتكليفهم، أن توضح لهم الأسباب بما يتوافق مع عقولهم وأعمارهم
يعتقد بعض الآباء والمربين أن حسن التربية تعني "السمع والطاعة"، فالطفل المؤدب هو الذي ينفذ الأوامر فورًا، والطفل العنيد هو الذي يناقش ويحاور أهله ويبحث عن حجة مقنعة، ويصر على رأيه.
ولا شك أنه من الأسهل على الأبوين أن يكون الطفل مطيعًا وقليل الكلام وسهل الانقياد، ولكن هل هذا هو الأصلح له ولهما على المدى الطويل؟ كلا
فمن أجل تربية تحترم عقول الصغار والناشئة، يجدر التنبيه إلى بعض النقاط الهامة:
1ـ حسن التربية: مفهوم متكامل عن تنشئة إنسان صالح واعي، يحترم نفسه وعقله، كما يحترم من حوله واختزالها في فكرة الطاعة العمياء للوالدين يضر بهذا النشء بل وبالمجتمع كله حيث يفتقد إلى المبدعين الذين لا تتحقق إلا بهم نهضة المجتمعات.
2ـ ضوابط وقواعد: كما تتوق النفس البشرية إلى الحرية، فهي تحتاج أيضًا إلى وجود ضوابط، وكما يحتاج الإنسان للشعور بالعدالة في أخذ حقوقه، فهو يحتاج بشدة إلى الالتزام بمسؤوليات فهو لن يشعر بقيمته وتحقيق ذاته إلا بهذا. ومن هنا فإن الدعوة إلى احترام عقول الصغار، وتربيتهم بالإقناع والحوار لا يعني أن يُتركوا بلا ضوابط ولا قواعد ولا توجيهات ولا تأديب.. فهذا من التقصير الشديد في حقهم.
والبيت الناجح هو الذي يعيش أفراده وفق نظام وقواعد، ويشارك في تطويرها ووضعها جميع أعضاء الأسرة.
3ـ ضبط سلوك الأطفال بالحب: يقول الأستاذ محمد قطب: "منهج الإسلام في تربية النفس. إنه لا يكبت رغائبها فيقتل حيويتها ويبدد طاقتها ويشتت كيانها. فلا تعمل، ولا تنتج ولا تصلح لعمارة الأرض وترقية الحياة. وفي الوقت ذاته لا يطلق رغائبها بلا ضوابط. لأن ذلك يبدد طاقتها من جانب آخر، يبددها في نشاط الحيوان وعلى مستوى الحيوان. ووسيلته إلى ذلك -كما قلنا- هي "الضبط". إنه يعمل على تربية القوة الضابطة وتنميتها منذ نعومة الأظفار. يربي الأطفال منذ طفولتهم على بعض العادات التي "تضبط" سلوكهم فلا ينفلت عيارهم، ويعودهم على الامتناع عن بعض رغباتهم التي تزيد عن الحد. وهو لا يصل إلى ذلك باستخدام القسوة. فليس هدفه هو الانتقام من الطفل، ولا إنضاجه على شؤبوب من النار! وإنما وسيلته هي الحب! الحب المتمثل في الأسرة، والذي يربط الأم والأب والأطفال. ويجعل التوجيه نصيحة لينة رفيقة حازمة في ذات الوقت، تنفذ إلى القلب وتستقر في الأعماق. والعقوبة ليست هي أول الطريق! إنما هي وسيلة احتياطية حتى لا تنفع القدوة ولا تنفع النصيحة ولا ينفع الغرس عن طريق الحب والمودة القائمة بين الآباء والأبناء". منهج التربية الإسلامية/ الجزء الأول.
4ـ التربية بالإقناع: من أهم دعائم احترام عقول الأطفال، هي أن يتربوا على الإقناع، أن يفهموا سبب أمرهم ونهيهم، منعهم وتكليفهم، أن توضح لهم الأسباب بما يتوافق مع عقولهم وأعمارهم.. وهذا وإن كان متعبًا ومرهقًا إلا أنه على المدى البعيد يخرج إنسانًا هو قرة عين لأهله ومجتمعه، لا تسطير عليه شهواته وأهوائه.. لأنه اعتاد على الحجة والإقناع.. ولا يعني هذا أن يكون الطفل في حاجة إلى مبرر دائمًا حتى يطيع أوامر والديه، ففي بعض الأحيان لا تسمح الظروف بشرح الأسباب، ولا يتيح الوقت هذا.. وهنا يجب أن يكون رصيد الحب والتأدب حاضرًا فيطيع الطفل فورًا، ولكن يبقى هذا هو الاستثناء.. ويبقى الأصل هو أن يبذل الأبوان جهدًا إضافيًا لشرح الأسباب وإقناع الصغير، والأمر لن يكون صعبًا إذا بدأت هذه الحالة من التفاهم والود والحوار من الصغر، ولنا أن نتخيل كم ستكون المراهقة هادئة وآمنة في ظل هذه التربية المحترمة، وعلى النقيض تنفجر البيوت بالخلافات الكبيرة في مرحلة مراهقة الأبناء نتيجة لانقطاع حبال التفاهم والاحترام، وتعود الأبوين على امتهان عقل الابن، ورفض المراهق لهذا.
5ـ ومن ركائز احترام عقل الطفل أيضًا:
ـ توفير الغذاء العقلي له، وتشجيعه على القراءة والتثقف.
ـ الإجابة على أسئلة الطفل بما يتناسب مع عمره وذكائه، وعدم إعطائه أجوبة هزلية أو كاذبة، والصراحة معه في حال عدم معرفة الأب أو الأم للجواب، على أن تكون هذه فرصة لوضعه على طريق البحث بنفسه والتفكير، أو مشاركة الأبوين البحث.
ـ احترام ميول الطفل العقلية وعدم إجباره على خيارات بعينها، وعدم السخرية منه إذا كانت أحلامه كبيرة، أو خياله واسع، أو له ميول علمية أو أدبية أو فنية أو رياضية وتفهم أن مرحلة الطفولة هي الفرصة الحقيقية لاكتشاف الطفل والأبوين لمواهبه وتنميتها.
ـ تدريب الطفل على النقد البناء، وتنمية العقلية النقدية لديه، والسماح له بانتقاد الوالدين ما دام هذا الأمر في حدود الأدب.
ـ ومن احترام عقل الطفل ربطه بخالقه، وإمداده بالمعرفة الدينية، وتأسيس عقله على الإيمان، وعدم الاكتفاء في التربية الإيمانية بالمظاهر والأعمال، لأن القناعات العقلية هي الثوابت الحقيقية أمام الفتن والتخبطات.
موقع العرب يتيح لكم الفرصة بنشر صور أولادكم.. ما عليكم سوى ارسال صور بجودة عالية وحجم كبير مع تفاصيل الطفل ورقم هاتف الأهل للتأكد من صحة الأمور وارسال المواد على الميل التالي: alarab@alarab.net